اعتراف أميركي بأن العقوبات على باسيل سياسية ولم تأتِ بالنتيجة التي أريدت لها
دحضت صناديق الإقتراع الكثير من خرافات ما قبل الإنتخابات. أعادت تثبيت شرعية قلّة، وأجبرت الأكثرين على التواضع بعدما إنفلشت الأحجام وانتفخت النفوس إثر 17 تشرين.
لكن أهم ما فيها أنها وضّحت بما لا يقبل أدنى شك، الأوزان عند المسيحيين.
خرج جبران باسيل منتصرا رغم الأثلام التي تركتها فيه 17 تشرين ببعدها الدولي. قبض على كتلة من 18 نائبا حزبيا وعلى تكتل من 21 نائبا (حتى الآن)، هو الأكبر مسيحيا ووطنيا.
صدم باسيل، بما راكمت له صناديق الإقتراع، الأقربين والأبعدين على حد سواء.
1-لم تخف قيادة القوات اللبنانية خيبتها من النتيجة التي تحققت للتيار الوطني الحر، وإلا ما معنى هذا التركيز على الأرقام والأحجام مترافقا مع نفخ التكتل القواتي، بعدما ضغطت معراب على نائب حزب الوطنيين الأحرار كميل شمعون لكي يعلن إنضواءه فيه، فيما تقصّدت دمج الحزبيين بالمستقلين لتحصّل 19 نائبا، وراء تكتل التيار الوطني الحر وحلفائه بنائبين إثنين، اقلّه حتى اليوم السبت موعد الإحتفال التياريّ بالفوز، بإنتظار مفاجآت الساعات القليلة المقبلة.
2-الخارج بدوره تمعّن في نتيجة التيار. يدرك جيدا أن ما تحقّق هو في الاساس انتصار على الحرب التي خيضت ضده على امتداد الأعوام الثلاثة الفائتة، ببعديها المحلي والدولي، والأهم بالاستهداف الممنهج لباسيل، شخصا ونهجا وقيادة. هو اغتيال معنوي كامل المواصفات: اتهام بالفساد ومن ثم عقوبات على وقع هذا الاتهام، بالترافق مع محاولات متكررة لهز شرعيته الحزبية من خلال الإستثمار الخبيث في بعض ضعفاء النفوس، وهؤلاء معروفون اسما وفصلا، حلّة ونسبا.
على الرغم من ذلك، خرج باسيل من حرب ضروس استُخدم فيها المال وكل تقنيات الجيل الرابع، محافظا على حجمه النيابي الحزبي الأكبر بين نظرائه، مسيحيا ووطنيا.
طريق العبور إلى سوريا عبر حوار إقليمي ينتقل من الأمني إلى السياسي
وليس تفصيلا أن يخرج في غضون أيام قليلة مسؤولان اميركيان كبيران، هما ديفيد هايل وديفيد شينكر، ليعلنا بوضوح أن العقوبات على باسيل هي سياسية بإمتياز، وأنها لم تأتِ بما كان يؤمل لها وفيها.
كما ليس تفصيلا أن تتوالى على باسيل اتصالات التهنئة المحلية والدولية، مع إنفتاح خارجي على سبل التعاون في المرحلة المقبلة، باستحقاقاتها الداهمة، حكوميا ورئاسيا، تماما كما بأفقها الرحب بحثا عن إعادة هيكلة النظام وفق صيغة جديدة، طائفاً او دوحة أو نموذجا جديدا لا فرق، بعدما ثبت للخارج أن العطب في النظام القائم مستفحل، يمنع الإنتظام ويتمنّع على الإصلاح والتحديث.
وربما هذه الحاجة الدولية الى مؤتمر حواري يعيد إنتاج النظام السياسي اللبناني هي سبب التهافت على إعلان الإنتصارات القواتية (الناقصة). فالمقاعد على الطاولة الدولية قليلة لا شك، تحددها الأوزان والأحجام، والأهم أن مخرجات تلك الطاولة متى انعقدت، ستتأثر حكما بالتوازنات المحلية وبخلاصات الانتخابات النيابية، وسترسم طبيعة لبنان الجديد للعقدين المقبلين، وربما أبعد.
أكثر معنيي الخارج، هما باريس وواشنطن:
أ-فالإليزيه كان الأسرع في وضع خلاصة تقويمية لنتائج الإنتخابات، بما فيه تحديدا الحصاد الذي خرج به التيار الوطني الحر. وعاود مسؤولون، من قبيل المستشار الرئاسي باتريك دوريل، اتصالاتهم ومشاوراتهم اللبنانية، مع عدم استبعاد بروز تحرّك عملي يتعلق راهنا بالسبل الآيلة الى الاسراع في تشكيل حكومة جديدة مهمتها الرئيسة تسهيل أمور الإتفاق مع صندوق النقد الدولي ووضع خطة صلبة للإصلاح المالي تتقدّم فيها أولوية حماية الودائع.
ب-أما الإدارة الأميركية فتوقّفت تحديدا عند أمرين: أولّهما ما حققه التيار، وثانيهما ما سمّاه مسؤولون أميركيون «إخراج الكتلة السورية من الحياة البرلمانية اللبنانية بقرار إيراني واضح».
يعتقد هؤلاء المسؤولون أن «طهران أرادت بذلك أن تفهم العرب، والمملكة العربية السعودية في طليعتهم، أن لا باب مباشرا على دمشق من دون المرور فيها، وأن الحوار الأمني الإيراني – السعودي والذي سيتحوّل قريبا الى حوار سياسي مباشر مع لقاء قريب ومتوقع لوزيري خارجية البلدين الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وحسين أمير عبد اللهيان، هو بوابة العبور إلى سوريا».