لم يتعلموا شيئاً من نتائج الانتخابات التي وإن كانت لم تنتهِ بتغيير جذري، إلّا أنها حفلت بالكثير من العِبَر التي لا مجال لتعدادها الآن… ولكنّ العِبرة لمن يعتبر، وهم لا يعتبرون ولا يريدون أن يعتبروا.
وأكثر المعنيين بكلامنا هذا هم المسيحيون الذين طلعوا من صندوقة الاقتراع ليس بالأرقام والأسماء فحسب، إنما أيضاً بكمٍّ هائل من الأحقاد التي لا يمكن تصوّرها في لغة التخاطب السياسي، ويا ليت تداعياتها تتوقف عند مطلقيها، إذ هي تنعكس على الناس، لاسيما الأجيال الطالعة، تشرذماً وانقساماً وشروخاً لا لحمة بعدها ولا رأباً لها.
ونقول لسيّد بكركي: لم يعد مسموحاً، يا صاحب الغبطة، أن يبقى الصرح عاجزاً أو متفرّجاً على هذا الصراع المسيحي – المسيحي… فالذي أُعطي مجد لبنان ليس متفرّجاً، ونعرف يا سيدنا، أجل نعرف، أنك لست عاجزاً، لذلك ندعوك أن تعمل على وضع حدّ لهذا الصراع المميت… إنه يقتل الدور الحالي، كما يسيء إلى الماضي المشرق، وينسج اليأس من المستقبل…
يا سيدنا البطريرك بشاره الراعي السامي الاحترام، أوقف هذه الحرب القذرة، وادعُ إلى حوار لا ينتهي إلا بنتيجة إيجابية، وإذا تعذرت، فاكشف المعرقل أيّاً كان.
سيدنا صاحب النيافة والغبطة، هذا أضعف الإيمان، وهو أيضاً أعظم الأدوار، أدواركم.
وأمّا حرب الأرقام فتفضحها الأسماء المعلَنة في عداد الفائزين، وهذه لا يمكن التلاعب فيها، وهي معروفة من القاصي والداني، وبالتالي لا يمكن لأي عاقل أن ينكرها… ونقول لقطبَي الصراع المسيحي الأوّلَين: أوقفا هذا الهراء، وآن الأوان أن تتقيا الله في ما تذهبان إليه، فالحقائق واضحة، والسماوات لا يمكن تغطيتها بالقباوات مهما ذهبت بعيداً الادعاءات.
ونقول لهذا وذاك: باستثناء الرؤوس ذات العقول التي هي»بخواتم ربها» لأنها تنقاد «عالعمياني»: كلنا يعرف كيف جاءتكم الأصوات، ومَن أعطى ومَن أخذ.
ونقول: ما من أحدٍ يجهل كيف جاءت الأموال ومَن أعطى ومَن أخذ.