Site icon IMLebanon

عام على آخر جلسة انتخاب: ماذا ستُغيّر “أرانب” الحوار؟!

 

 

 

تحتاج مسألة انتخاب رئيس للجمهورية إلى معجزة داخلية أو «عصا» خارجية غليظة. فبعد أيام يمرّ عام على جلسة 14 حزيران الإنتخابية الأخيرة. ولم يتبدّل شيء في المشهد حيث عاد «الثنائي الشيعي» إلى نغمة الحوار برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، لكن حتى هذه اللحظة لم تتحقّق أمنيات «الثنائي»، مع إعلان عدد من أطراف الداخل عدم الرغبة في مثل هكذا «أرانب» حوار.

 

بدّل دخول أطراف عدّة على خطّ الأزمة الرئاسية كل ما كان يُرسم داخلياً، فالمعارضة حقّقت هدفها وهو منع وصول مرشح «الثنائي الشيعي»، بينما خفّف هذا الدخول من وهج أي إتفاق بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحرّ» بعدما تمّ الحديث منذ سنة عن استدارة باسيلية تقضي بانتخاب رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل لرئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية وفق ورقة شروط أعلنها باسيل سابقاً أمام الجمهور العوني وتقضي بإقرار اللامركزية الإدارية الموسعة واللامركزية المالية والصندوق الإئتماني.

 

يمرّ عام على آخر جلسة، وباسيل لا يزال متمسّكاً برفضه انتخاب فرنجية، ما يُمثّل ضربة قوية لطموحات «الثنائي الشيعي»، وعدم قدرة على فرض مرشّح بلا موافقة القوى المسيحية الأساسية. ومن جهة ثانية، يطلق باسيل مبادرته الرئاسية مع عدم ممانعة بعقد حوار برئاسة بري.

 

ومنذ عام تقريباً، لم يقم فرنجية بأي خطوة تؤدّي إلى تليين مواقف الأطراف الأخرى، فبدل مسايرة القوى المسيحية وفتح باب الحوار معها، ها هو يقاطع إجتماعات وثيقة بكركي ويكتفي بحصوله على دعم حركة «أمل» و»حزب الله». وعلى صعيد الخارج، تراجعت باريس عن دعم ترشيحه، ولم تقبل الرياض بانتخابه، وبالتالي اصطدم ترشيحه برفض مسيحي وآخر خارجي.

 

ومن جهة أخرى، لم يعد أي من المكوّنات الوطنية قادراً على تخطّي حجم «القوات اللبنانية» وقيادتها للشارع المسيحي والمُعارض. فمسيحياً ظهر تأثيرها عندما رفض تكتّل «الاعتدال الوطني» الذهاب لأي حوار بلا مشاركة «القوات». وعملياً، لم يستطع «حزب الله» حتى الساعة تخطّي «القوات» والمعارضة، ولو كان هذا الأمر ممكناً، لكان نزل إلى مجلس النواب وانتخب مرشّحه. وتستند «القوات» في معارضتها إلى دعم داخلي ودعم سعودي وعربي، وظهر هذا الأمر من خلال تقديم السفير السعودي وليد البخاري العباءة لرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع.

 

وتصطفّ بقية الأحزاب والقوى والشخصيات المسيحية المعارضة خلف «القوات اللبنانية»، في حين هناك موقف واحد موحّد لبكركي وهو ضرورة نزول النواب إلى المجلس النيابي والقيام بواجبهم الدستوري وانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن. يتمسّك «حزب الله» وحركة «أمل» بمواقفهما الداعمة لإنتخاب فرنجية، مع علمهما بصعوبة وصوله إلى بعبدا. ودخل «الحزب» و»الحركة» في معركة مساندة غزة وفتحا جبهة الجنوب من دون أخذ رأي اللبنانيين، لكن هذه التطورات الفلسطينية واللبنانية جعلت الملف الرئاسي أسير ما قد يُحاك من تسويات في الخارج، خصوصاً مع دخول المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين على خط المفاوضات الحدودية وتأثير تلك المفاوضات على الوضع اللبناني.

 

وتحاول الكتل الوسطية القيام بشيء ما في بحر هذه الإصطفافات، وكان تكتّل «الاعتدال الوطني» الأكثر نشاطاً وحراكاً، لكن «الثنائي» أجهض مبادرته باشتراطه ترؤّس بري للحوار، في حين يتنقل «اللقاء الديموقراطي» بين وقوفه مع المعارضة السيادية، ثم تقاطعه مع المعارضة و»التيار الوطني الحرّ» على اسم الوزير السابق جهاد أزعور، ومن ثم تمايزه عن «القوات» والمعارضة وفتحه الحوار مع بري ودعوته إلى التسوية، مع تشديده على عدم خروجه عن المظلة العربية والدولية، وصولاً الى القيام بمبادرة رئاسية أخيراً.

 

لا توجد مؤشرات الى دعوة الرئيس بري الى جلسة إنتخاب رئيس، فعقارب الدعوات الإنتخابية توقفت عند بري منذ جلسة 14 حزيران الماضي ولا شيء سيُغيّر الحال إلا الرضوخ لمطالب «الثنائي الشيعي»، وتأمين فوز مرشحه، وإلا ستبقى كل الدعوات الحوارية معلّقة في انتظار حصول أي متغيّرات إقليمية ودولية تفرض على بري الدعوة إلى مثل هكذا جلسة إنتخاب.