أثلج الصدر، أمس، ما تبدّى من فهم للدور الكبير الذي أدته هيئة الإشراف على الانتخابات، في ورشة العمل المميزة التي نظمتها الهيئة، بالتعاون مع الـ UNDP في فندق الموفنبيك وكانت مخصصة للصعوبات والتحديات التي واجهتها طوال مرحلة الانتخابات النيابية العامة، من التحضير الذي يسبق العملية الانتخابية الى إصدار تقريرها النهائي، في ظروف أقل ما يقال فيها إنها كانت استثنائية الصعوبة (قانوناً وإمكاناتٍ)، فتخطتها بأقل الأضرار الممكنة، ويصح القول: بكثير من الانجازات .
ولقد حضرتْ الحفل وشاركتْ فيه نخبةٌ من الوزراء والنواب وأركان السلطة القضائية الرفيعة والقيادات الإعلامية، والمدراء… الى ممثلي المجتمع المدني.
ولقد تبين لي يقيناً، غداة أقسمتُ اليمين، أمام رئيس البلاد، عضواً في الهيئة، بين كوكبة من الزملاء الآتين من خلفيات قضائية وإعلامية وحقوقية وإدارية وطبية ومحاسبية وجامعية، إن الهيئة مقبولة شكلاً، ولكنها مرفوضة فعلاً. وفي تقديري أن المسألة ها هنا، وأنا صاحب الشعار الذي رفعته منذ اليوم الأول لانخراطي في أعمال الهيئة وهو: لقد أرادت السلطة السياسية «بلف» المجتمع الدولي عموماً والأوروبي – الأميركي تحديداً، بأنها سلطة حضارية، فأنشأت الهيئة شكلاً (كواجهة حضارية) لتجرِّدها من كل مضمون.
كان عليّ أن أتحدث في الورشة عن الصعوبات والتحديات في المجال الإعلامي، فاستهليتُ كلامي بالقول: الصعوبة الكبرى أنك حكَم ولكن محظّرٌ عليك أن تستخدم الصفّارة والبطاقتين الصفراء والحمراء. أي إلغاء دورك كلياً… ولكن الهيئة عاندت، وخلقت من الضعف قوةً، وبقي الدور…
وفي تقديري أن التحدي الكبير أن هيئة الإشراف على الانتخابات التي هي حضارية برئيسها وأعضائها انطلقت من الكفاءة والعلم والخبرة لتفرض إيقاعها وتحقق ما أنجزته بالرغم من إمكاناتها شبه المعدومة … فمن يصدق أن مقر الهيئة لا يزال من دون التيار الكهربائي منذ أشهر طويلة وحتى الآن؟!.
ومن عناوين ما واجهت الهيئة من التحديات (إضافة الى الحصار القانوني وموقف السلطات المعنية): شمولية وسائط الإعلام ومحدودية فريق العمل الذي يقدم الخدمة في هذا المجال. واستحالة مراقبة العملية الانتخابية في القارات الخمس. والاختلاف الجوهري (القانوني والفكري والمبدئي) في الموقف من «الصمت الانتخابي». والتفريق بين الإعلام الانتخابي والإعلان الانتخابي. وعدم تجاوب الجهات القضائية المعنية مع إحالات الهيئة. وفقدان التوازن الإعلامي بين المرشحين المتنافسين. وارتفاع حدة الخطاب السياسي الى حد الشتيمة وتهديد السلم الأهلي(…).
ويبقى الأمل في أن يبقى الجهد الهائل الذي بذلته هيئة الإشراف على الانتخابات، وباللحم الحي، مشعلاً على طريق قيامة لبنان الديموقراطي.