Site icon IMLebanon

القوى السياسية تتأهّب لمواجهة العاصفة الانتخابية

 

 

انتكاستان أصابتا التيار الوطني في مرحلته السياسية الذهبية هما انفجار مرفأ بيروت أولا والانهيار الاقتصادي الشامل ونزول لبنان الى جهنم ثانيا،  والمسألتان تركتا أثارا وتداعيات سلبية ومباشرة في بيئة التيار المسيحية، وقد احتل الموضوع منذ فترة، العنوان الأول  في لقاءات العونيين، وشكل المادة الدسمة في مباحثاتهم في المجالس المغلقة حول كيفية الخروج من الأزمة الراهنة، والطريقة الأنسب لمحاكاة الشارع المسيحي واستنهاضه بعد فترة من الشلل والصدمة، خصوصا ان الانتخابات النيابية تدق الباب، وكل الأطراف تتحين الفرصة للانقضاض وتصفية غيرها والغاء بعضها سياسيا.

 

وما يدور في الكواليس، وفق مصادر سياسية مطلعة، يعكس ارباكا واضحا لدى التيار الوطني الحر في مقاربة الانهيار الكبير في الشعبية، اذ كشفت دراسات نتيجة مسح مناطقي شامل للتيار تراجعا مخيفا في الأرقام لغير مصلحته في الأقضية ذات الغالبية المسيحية، الأمر الذي يحاول المقربون من التيار اخفاءه وإنكاره، الا ان الحقائق  والتوقعات تشير الى معركة انتخابية  قاسية في كسروان والمتن والأشرفية، مع احتمال خسارة مقاعد أساسية، خصوصا ان عددا من نواب «تكتل لبنان القوي» الذين  فازوا على لوائح «التيار» في الانتخابات الماضية صاروا خارج التكتل حيث لم يحسم بعد موقع هؤلاء النواب في المعركة المقبلة.

 

تراجع «التيار» لا يعني بالضرورة ان المقاعد المسيحية في أقضية جبل لبنان ستكون من نصيب  «القوات»، مع العلم ان القوات  تحسنت شعبيتها في الوسط المسيحي واستطاعت ان تطور نفسها تنظيما وحضورا في الأزمات الأخيرة، لأنها ذهبت نحو معارضة السلطة، لكنها لن تستفيد بشكل كبير في صناديق الاقتراع او تكون قادرة على استقطاب وجذب الخارجين من عباءة «التيار».

 

مقابل «القوات» و»التيار» (القوتين الأكبر مسيحيا)لا يبدو الوضع أفضل حالا لدى الأفرقاء الاخرين، ف»تيار المستقبل» الذي استطاع ان يشد العصب السني حول سعد الحريري بعدما أكلت التسوية الرئاسية من رصيده الشعبي،  يواجه اليوم وضعا سياسيا معقدا في أزمة التأليف، بعد ان أصبح الرئيس المكلف أمام خيار الاستقالة والاعتذار.

 

حزب الله مرتاح لوضعيته أكثر من سائر القوى السياسية، فهو يملك خزانا بشريا من المؤيدين الذين التفوا حوله في الحصار الأخير، وجمهوره منضبط عند الساعة الانتخابية،  وقبل فترة استطاع ان يضع خطة مواجهة اقتصادية، لكن اهتمام الحزب سيكون في المرحلة الانتخابية مركزا على حلفائه المسيحيبن الذين فقدوا السيطرة على شارعهم كما حصل لدى «التيار»، فيما يبدو «المردة» محافظا على الستاتيكو الشعبي نفسه في الشمال.

 

الأحزاب في عين العاصفة الانتخابية ان جرت فهي جميعها تشظت من متغيرات بعد17 تشرين لكن أضرارها تفاوتت بين من تأذى كثيرا ومباشرة ومن واجه العاصفة، والرهان اليوم على الانتقال من مرحلة الاحباط الى أخرى مختلفة مع توقع انفراجات على الساحة الاقليمية بعد حصول تقارب سعودي وسوري ومفاوضات مقبولة بين الرياض وطهران.