IMLebanon

انتخابات

عندما سمعنا «القيصر» بوتين رئيس الجمهورية الروسية يتحدّث عن الانتخابات في سوريا لم أصدّق أنه يتحدّث وهو في كامل عقله إذ من المعروف عن الانتخابات الروسية أنها انتخابات الــ99.99 أو أسوأ من ذلك بكثير، فالنظام الروسي مشهور بديكتاتوريته وليس بديموقراطيته ومعروف أيضاً أنه نظام حديدي لا علاقة له بالحريات والإعلام الحر والديموقراطية والانتخابات.

ولو نظرنا كيف منذ عدة سنوات أصبح القيصر «بوتين» من رئيس للجمهورية الى رئيس حكومة وبعد انتهاء مدة رئيس الحكومة الذي أصبح رئيساً للجمهورية «مدفيديف» عاد «مدفيديف» رئيساً للحكومة ليأتي مكانه القيصر «بوتين» رئيساً لروسيا(…)

كل هذه المقدمة لتسليط الضوء على كلام القيصر أنّه لا مانع من إجراء انتخابات نيابية في سوريا… وعليه تحضرني بضعة أسئلة، عسى القيصر يجيب عليها.

السؤال الاول: يقول القيصر بوتين إنّه لا يوجد مانع يحول دون إجراء الانتخابات، كلام جميل، وماذا عن الجيش الروسي على أرض سوريا والطائرات الروسية في أجوائها؟ عفواً ماذا تفعل «السوخوي» في سوريا؟ هل وجودها بسبب الإستقرار والأمن اللذين يتمتع بهما المواطن السوري؟!

السؤال الثاني: لماذا أرسل القيصر بوتين جيشه وطائراته الى سوريا؟ فهل أصبحت الاراضي السورية منتجعات للاستجمام للجيش ومطارات سياحية لطائرات السوخوي الروسية؟..

السؤال الثالث: هل يعلم رئيس الدولة العظمى الروسية متى بدأت الحرب في سوريا واليوم نحن في السنة الخامسة من الحرب؟

السؤال الرابع: قبل إرسال الجيش الروسي هل حصل القيصر بوتين على معلومات عن التدخل الايراني عن طريق الحرس الثوري بقيادة قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني الذي أصبح الرئيس الفعلي للدولة السورية اما الرئيس بشار الأسد فهو صورة لا علاقة له بما يجري على الارض؟

السؤال الخامس: هل يعلم الرئيس «القيصر بوتين» عن تدخل «حزب الله» بأوامر من قائد «فيلق القدس» في الحرب في سوريا بأشكال مختلفة، ساعة يقولون إنهم يدافعون عن الأماكن المقدسة، طبعاً مقام السيّدة زينب وكأنّ هذا المقام شيعي وأنّ السيّدة زينب للشيعة وليس لأهل السُنّة المسلمين.

وساعة ثانية من أجل حماية القرى الشيعية في سوريا… أين؟ في سوريا!

السؤال السادس: هل يعلم الرئيس «القيصر بوتين» عن الميليشيات العراقية الشيعية التي تتدخل في الحرب الأهلية السورية وأيضاً بأوامر من قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني… إنها ميليشيات متعددة متورطة، الى جانب «حزب الله» في الحرب السورية ضدّ الشعب السوري، وهنا لائحة ببعضها على سبيل المثال لا الحصر: كتائب «عصائب أهل الحق»، «فيلق بدر»، «حزب الله» العراقي، ثم «حزب الله» اللبناني، «ألوية أبو الفضل العباس»، كتائب «سيّد الشهداء وذو الفقار»، فرقة «فاطميون»، فرقة «زينبيون»، «فيلق ولي الامر»، وفي المحصلة، تجاوز عدد الفرق والتشكيلات الايرانية في سوريا 12 على الاقل تحت إشراف الحرس الثوري، ويقدّر عديدها بنحو عشرين ألف مقاتل.

كل ما ذكرناه طبعاً مهم ولكن الأهم:

أولاً: 12 مليون مواطن سوري مهجر أي نصف عدد سكان سوريا، وهنا السؤال كيف يمكن إجراء انتخابات قبل عودة المهجرين؟

ثانياً: بنظرة سريعة على الأوضاع الأمنية وكمية الدمار بالانسان السوري وبالبنى التحتية نرى أنّ هناك قرى بأكملها أزيلت من الوجود، ومدارس وجامعات ومستشفيات ودور عبادة من كنائس وجوامع، ومؤسسات حكومية… أي أن أكثر من نصف سوريا مدمر! فكيف يمكن إجراء انتخابات في هذه الحال؟

ثالثاً: لو سلمنا جدلاً بأنّه يجب إجراء انتخابات، فبعملية حسابية يتبيّـن أنّ نصف الشعب السوري لا يستطيع أن يمارس حقه بالتصويت بسبب ظروفه خارج الاراضي السورية والباقي في سوريا لا يستطيع بدوره أن يمارس حقه الشرعي بالإقتراع في أجواء القتل والحرب والدمار.

وباعتماد المنطق يبدو أنّ الكلام على الانتخابات اليوم غير معقول، وهو خارج من السياق، ففي بلد لا تزال الهدنة هشة ومعرّضة يومياً لاختراقات كبيرة لا يعقل الكلام على الانتخابات النيابية العامة إلاّ إذا كانت «معلّبة» وفق مشيئة النظام.

اعملوا الآن على تثبيت الهدنة، وبناء الدولة، ومن ثم «لاحقين» على الانتخابات.