Site icon IMLebanon

تطمينات «أمميّة» لاستقرار لبنان.. ماذا عن الانتخابات؟

 

قبل نيف ونصف عام على استحقاق الانتخابات النيابية الذي ينتظره كثيرون، تفتقد البلاد، وخاصة المسؤولون الرسميون وقوى السلطة، الحماسة لإجرائها.

 

هي الانتخابات الأكثر أهمية منذ سنوات طويلة تأمل معها قوى التغيير، المصطلح المرادف لحراك 17 تشرين ولمعارضي منظومة السلطة، تحقيق خرق ملحوظ في بنية السلطة بعد فشل الأخيرة في ممارساتها منذ 30 عاماً والتي أدت بالبلاد الى ما هي عليه في هذه اللحظات الصعبة.

 

الانتخابات الأخيرة التي اجريت في شهر ايار من العام 2018 سرعان ما فقدت معناها مع اندلاع احداث 17 تشرين الاول من العام 2019، ثم مع التراجع الدراماتيكي للبلد على كل الاصعدة وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية حيال الدولار الاميركي. وباتت اليوم قوى السلطة كافة في موضع الاتهام، لكنها، بعد فترة صعبة من التراجع الشعبي، بدأت تستعيد المبادرة مستفيدة من الوضع الصعب للعملة الوطنية والتمويل الخارجي للمنظومة الحاكمة وقدرتها على استئناف خدماتها الزبائنية لمجموعاتها، لبدء هجوم مضاد ومحاصرة القوى التي ثارت عليها للمرة الاولى في صيف العام 2015 واستكمالا لذلك في العام 2019.

 

ونتيجة الظروف الجد الصعبة وافتقاد المعارضين للتنظيم وللمال، باستثناء مجموعات غير كبيرة في الحراك، اضافة الى ما حلّ على لبنان من وباء قبل اشهر على كارثة المرفأ في 4 آب العام الماضي، اضافة الى مشاكل في الحراك نفسه، حلّ اليأس عند الشرائح المنتفضة في تحقيق خرق عبر ثورة الشارع، لينتقل الأمل لديها الى تحقيق انجاز عبر الخرق التدرجي والسلمي في العملية السياسية، أي في شكل رئيسي عبر الانتخابات النيابية.

 

من المفيد التذكير بأن ولاية المجلس النيابي الحالي تضع خاتمتها في 23 أيار من العام 2022 المقبل،وحسب القانون فإن عملية الانتخاباتيجب أن تحصل في الشهرين السابقين لهذا التاريخ، أي بين شهري آذار وأيار من العام المقبل (مع تجنب فترة شهر رمضان في تلك الفترة).

 

لكن من يتأمل ازمة تشكيل الحكومة وتعقيداتها المتوالدة، يعلم تماما ان المعركة على التشكيل تخفي ما هو ابعد من اجراء الانتخابات في حد ذاتها، الى حد يطرح كثيرون سؤالاً حول ما اذا كانت سوف تجري اساسا. اذ يعتبر الافرقاء في البلاد ان الحكومة التي ستشكل قد تستمر الى نهاية عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، لذا فالمعركة هي معركة وجود في مرحلة لن تجري فيها انتخابات بلدية او نيابية او حتى رئاسية وبالتالي فأية حكومة هي التي ستحكم خلال فترة الفراغ الرئاسي الذي لم يعد غريبا على اللبنانيين.

 

من هنا فإن الحكومة التي ستشكل سوف تتسلم البلاد، او في حال تعذر تشكلها، سوف تترك زمام الامور الى حكومة تصريف الاعمال الحالية التي باتت صورية ولن تقدم على اية اجراءات دراماتيكية وهي التي قد تشرف على الانتخابات.

 

وبالنسبة الى احزاب السلطة، فهي تحتاج وقتا قبل ان تتعافى من الضربة التي تلقتها مع اندلاع 17 تشرين، وهي لذلك تلجأ الى الشعبوية في الخدمات التي تحتاجها شرائح اجتماعية وانسانية كبيرة في هذه الازمة الحياتية الكبرى، علما ان الاحزاب لديها الزاد الشعبي الذي بنته طيلة عقود عبر خدمات وتوظيفات في الدولة وفي القطاع الخاص كما في الشؤون الحياتية التي تؤمنها البلديات على سبيل المثال..

 

من هنا، فباستثناء بعض افرقاء الحكم ومعه معارضيه والحراك الشعبي، فإن المنظومة الحاكمة لن تخاطر بانتخابات تتراجع معها حصتها في الحكم، مع التسليم بأن لا خرق دراماتيكيا سيحصل في ظل قانون الانتخابات الحالي.

 

لذا جاء الحديث وكثر هذه الايام وسيتصاعد في المستقبل حول نية لـ»تطيير» الانتخابات العامة مثلما تم تجاوز الانتخابات الفرعية التي كان لزاما على السلطة اجراءها مع شغور 11 مقعدا في مجلس النواب. ومن المفارقات ان تتفقالمنظومة في ما بينها على استبعاد الانتخابات التي تجتمع على قلقها منها، وان كانت تجاهر بغير ذلك.

 

هل ينجح ضغط الخارج؟

 

في موازاة ذلك يبقى رهان التغييريين على ضغط الخارج، الحاصل فعلاً والمتصاعد، لإجراء هذا الاستحقاق. علما ان المجموعات الحراكية قد باشرت الاستعداد للانتخابات وصياغة التحالفات، لكن ثمة بينها من يشكك في امكانية اجراء هذا الحدث ويطرح اسئلة حول ما بعد افشال السلطة للانتخابات. لكن الحديث الذي يسري بين هذه المجموعات ما زال رهن الغرف المغلقة لكي لا تغتنمه السلطة كنقطة ضعف لدى الحراكيين.

 

في هذه الاثناء تتاقطع المعلومات، وبغض النظر عن تشكيل حكومي قريب من عدمه، حول استبعاد حصول التفجير الكبير في لبنان. ولذلك اسبابه الكثيرة، وثمة معطيات «أمميّة» حول استبعاد هذا الانفجار، سواء الداخلي منه او عبر عدوان خارجي على لبنان. هذا البلد الذي ما زال لاعبون كبار في الخارج يحتاجونه ويخشون فوضاه.

 

وبالنسبة الى قراءة دولية لما يجري، فإن الفوضى من شأنها تسليم البلاد الى «حزب الله» وهو ما لا يرغب به الغرب وخاصة الولايات المتحدة الاميركية. على ان الهاجس الاوروبي يتجاوز هذا العامل الى القلق على القوات الاممية العاملة في اطار قوات «اليونيفيل»، أما الخشية الكبرى فهي ان يؤدي التفجر الكبير الى هجرة غير مسبوقة من قبل اللاجئين، السوريين خاصة ولكن ايضا الفلسطينيين، الى الدول الاوروبية مع كل ما يعنيه هذا الامر من هواجس ديموغرافية واقتصادية واجتماعية ودينية على القارة العجوز.