IMLebanon

ميقاتي «مُستاء الى حدّ الثورة»… والانتخابات ابرز عناصر بقاء الحكومة حسابات القوى السياسية لمعركة أيار… والمنازلة الكبرى مسيحية

 

 

حسم المجلس الدستوري في «اللاقرار» الذي اختاره كخيار من الخيارات الثلاثة المتاحة له قضية اقتراع المغتربين لصالح التعديلات التي كان اقرها مجلس النواب على قانون الانتخاب، مُسقطاً الطعن الذي تقدم به تكتل التيار الوطني الحر، ومُثبتا القانون المعدل.

 

ويقول مصدر نيابي قانوني ان المجلس الدستوري كان امام ثلاث خيارات مع تأمين نصاب انعقاده: قبول الطعن، او رفضه، او عدم توافر الاصوات السبعة المطلوبة لترجيح خيار من الخيارين المذكورين.

 

ويتساءل المصدر لماذا اعتبر القاضي طنوس مشلب انتهاء اجتماع المجلس الدستوري لهذا القرار سقطة؟ اليس هو خيار من الخيارات الثلاثة المتاحة له؟ فلو كان يعتبر سقطة لما كان لحظ في النظام الذي يحكم عمل المجلس.

 

وباعتقاد المصدر النيابي ان سقوط طعن التيار الوطني الحر اسدل الستار عن مرحلة ترقب حول مسار قانون الانتخاب في ما يتعلق بكيفية مشاركة المغتربين في الانتخابات، وفتح الباب مشرعاً امام مرحلة الدخول في مرحلة الخطوات والقرارات المتصلة بالدعوة الى هذا الاستحقاق في مطلع أيار المقبل، باعتبار انه صار معلوما ان الرئيس عون لن يوقع على مرسوم الدعوة خارج اطار هذا الموعد (8 أو 15 ايار).

 

والسؤال الذي ما زال مطروحا حتى اليوم، هل ستحصل الانتخابات النيابية في موعدها أم لا؟ لا يملك احد الجواب النهائي والحاسم لهذا السؤال، لكن الاعتقاد الاقوى هو انها ستجري بالاستناد الى اسباب ومعطيات عديدة ابرزها:

 

1ـ هناك اجمــاع دولي على وجوب اجراء الانتخابات النيابية في موعــدها، حتى ان دعم حكومة ميقاتي جاء مرتبطا او مشروطاً بعنوانين اساسيين: تحقيق الاصلاحات، واجراء الانتــخابات. لا بل ثمة من يقول ان الادارة الأميركية والغرب عموما متحمسون لانجاز الاستحقاق الثاني ويراهنون على نتائجه، لذلك يركزون على اولوية هذا الأمر ويدعون الى تنفيذه بلغة تحذيرية.

 

2ـ يحظى هذا الخيار، اي خيار الذهاب الى الانتخابات النيابية في موعدها بتأييد معظم القوى السياسية، لا بل ان هناك من يراهن على قلب المعادلة السياسية من خلال هذه الانتخابات تمهيداً للاستحقاق الثاني اي انتخاب رئيس الجمهورية.

 

3ـ تشكل الازمة الاقتصادية والوضع الخطير الذي يعاني منه لبنان واللبنانيون عاملا ضاغطا لصالح اجراء الانتخابات تحت عناوين مختلفة منها: الحاجة الى احداث تغيير حقيقي، السعي الى دخول جماعات سياسية جديدة الى البرلمان، الخلاص من «الطاقم السياسي» الذي اوصل البلاد الى ما وصلت اليه.

 

وفي هذا الشأن، لا بد من القول، كما يعبّر مصدر سياسي، انه في كل العالم هناك فائز وهناك خاسر في الانتخابات الا في لبنان، ذلك ان الاكثرية لا تحكم والاقلية لا تعارض بسبب ما يسمى «الميثاقية» التي تذرع ويتذرع بها كل الاطراف السياسية وفقا لمصلحة كل طرف، مرة ينادي بها هذا الطرف ومرة ينادي بها ذاك الطرف، وكل ذلك على حساب الديموقراطية.

 

واذا كانت الحسابات والمعطيات ترجح كفة اجراء الانتخابات في موعدها، فان ثمة من يعتقد بأن هذا الأمر غير مضمون طالما ان لبنان يعيش على صفيح ساخن، وان حصول تطورات أمنية غير مستبعدة في الاشهر القليلة المقبلة.

 

وبرأي احد الذين لا يسقطون خيار عدم اجراء الانتخابات في موعدها، ان البلد يعيش على صفيح ساخن، وانه معرّض للانفجار في اي وقت ومن اي سبب، على سبيل المثال لا الحصر، فان لجوء الحكومة الى رفع سعر التخابر الخليوي و»الانترنت» ربما يحدث تطورات في الشارع تفوق ما شهدناه سابقاً.

 

وخلاصة القول ان الانتخابات النيابية ستجري في موعدها ما لم يحصل انفجار او تطور امني كبير يحول دون ذلك. لذلك فان كل الاطراف السياسية المتحمسة وغير المتحمسة، بدأت تعدّ العدة للمعركة الانتخابية مستخدمة كل انواع الاسلحة، وفي مقدمها الخطابات الشعبوية والطائفية التي يتوقع ان تأخذ مداها في المرحلة المقبلة.

 

وتأخذ هذه القوى بعين الاعتبار الضغوط الدولية، لا سيما الاميركية والاوروبية بهذا الاتجاه، ويقول مصدر مطلع «ان اهم سبب لبقاء الحكومة وعدم استقالة ميقاتي هو التوصية الدولية الحازمة الذي كررها الامين العام للامم املتحدة خلال زيارته، عجّلوا بالاصلاحات واعملوا على اجراء الانتخابات في موعدها».

 

وينقل المصدر عن احد الذين التقوا ميقاتي خلال اليومين الماضيين، بأنه بدا مستاء «الى حدّ الثورة»، لكنه كان واضحا بأنه مصمم على تحمل مسؤولياته وعدم الهروب الى الاستقالة، وقد يكون السبب الاول والاخير هو تعهده بإجراء الانتخابات في موعدها.

 

وفي حسابات المعركة الانتخابية والتحضير لها، يتوقع ان تبدأ الحملات لهذا الاستحقاق بشكل جدي مطلع العام الجديد، حيث ان بعض القوى قطع شوطا ملحوظا في التحضيرات للمعركة اكان على الصعيد اللوجستي، ام على صعيد بدء رسم التحالفات او تحشيد الطاقات في مختلف الدوائر والمناطق اضافة الى المغتربين.

 

وفي قراءة عامة وسريعة، يبدو ان الثنائي الشيعي اكثر اطمئنانا الى وضعه الانتخابي من باقي القوى والاطراف. فوفقا للاستطلاعات والتوقعات الاولية يتوقع ان تفوز «حركة امل» وحزب الله بالمقاعد التي فازت فيها في الانتخابات السابقة من دون منافسة تذكر. لذلك ينصرف الثنائي في المرحلة المقبلة الى ترتيب تحالفهما على صعيد المرشحين وتقاسم المقاعد، ولا يتوقع حصول تغيير في الحصص النيابية، لكن من المؤكد احداث تغيير وتبديل في العديد من مرشحي الطرفين.

 

اما على الصعيد السنّي فإن المشهد يبدو اقل وضوحا خصوصا ان رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري لم يحسم بعد خياراته في هذا الصدد. ووفقا لغير مصدر فإن التيار رغم التحديات والاهتزازات التي تعرّض لها ما زال يشكل القوة الاكبر في الشارع السني.

 

لكن القوى السنية الاخرى: ميقاتي، و»اللقاء الوطني» الذي يضم في صفوفه عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي و»جمعية المشاريع الخيرية» تحتفظ برصيد جيد يوفر لها تجديد حصتها، وربما زيادتها في الانتخابات المقبلة. اما المنافسين الجدد وعلى رأسهم الشقيق بهاء الحريري، فإنهم لم يسجلوا حتى الآن حضورا شعبيا ملحوظا يؤشر الى احداث خرق مؤثر في المعادلة السياسية السنية.

 

وعلى الصعيد الدرزي، يبدو ان المشهد الذي سجل في الانتخابات السابقة سيتكرر في ايار مع احتمال حصول خرق محدود في الشوف لصالح وئام وهاب. ويضمن الحزب التقدمي الاشتراكي رصيده القوي في الشارع الدرزي، الامر الذي يجعله مطمئنا ايضا الى تحقيق نتيجة مماثلة للتي حققها في الانتخابات السابقة.

 

وتتجه الانظار الى الساحة المسيحية التي من المرشح ان تشهد معركة كسر عظم بكل معنى الكلمة. وتعوّل «القوات اللبنانية» على الاستحقاق الانتخابي لرفع رصيدها النيابي على حساب التيار الوطني الحر الذي اصيب بأضرار واضحة. ويعتقد احد اعضاء كتلتها «ان القوات استلمت زمام الامور من فترة غير قصيرة، وانها ذاهبة الى الانتخابات بثقة كبيرة».

 

وعن النتائج المتوقعة يقول «مما لا شك فيه ان رصيدنا النيابي سيزيد بنسبة جيدة، لكننا لا ولن ننام على حريره فالماكينات الانتخابية ستنشط في الاشهر القليلة المقبلة. ولا شك ايضا اننا نعول على صوت المغتربين الذي سيلعب دورا في نتائج بعض الدوائر».

 

وفي المقابل، يذهب التيار الوطني الحر الى الانتخابات النيابية وسط تعقيدات خلّفها ثقل الازمة عليه اكثر من القوى والاطراف الاخرى، لكن اوساطه تعتقد ان الرهان على احداث تغيير مؤثر في المعادلة السياسية المسيحية هو في غير محله.

 

ويقول احد نواب التيار «اننا بدأنا التحضير للمعركة كسائر القوى والاطراف السياسية وان ردود الافعال التي نلمسها من الناس في المناطق ذات الثقل المسيحي تجعلنا واثقين من تحقيق نتائج جيدة. ونعتقد ان كل الاطراف والاحزاب تراجعت وتضررت جراء الازمة الكبيرة التي نشهدها منذ اكثر من سنتين، وهناك فئة غير قليلة لم تحسم امورها بعد ونحن نعمل لتحسين اوضاعنا في كل المناطق والدوائر».