منذ اليوم الأول في العام الجديد دخلنا أو أُدخِلنا موسم الإنتخابات التي، في الديمقراطيات التقليدية، ينبغي أن تثير حماسةً ونقاشات حول مدى ما حققته الأحزاب والتيارات والشخصيات من انجازات، أو ما إرتكبته من إخفاقات، لكنها في ديمقراطيتنا الملغومة، لا تثير أياً من تلك الهواجس.
اركان السلطة الحاكمة ينخرطون بكامل دسامتهم في معركة كسب الرأي العام مقدمين له الإحتقار بدلاً من البرامج والسياط بدلاً من النقد الذاتي عن تقصيرٍ هنا وفشلٍ هناك. وأنصع الأمثلة بعد إيصالهم البلاد الى الإفلاس، أنهم يتقدمون الى موعد الإقتراع وهم يرتكبون ثلاث جرائم على الأقل بحق مواطنيهم:
الأول، شل السلطة التنفيذية ومنعها من الإجتماع لاتخاذ أبسط القرارات التي تسمح بمعالجة يوميات المواطنين.
الثاني، منع وتأخير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وطرح الخطط الآيلة الى الخروج من الأزمة بدعم دولي صريح.
الثالث، شل القضاء وقبعه من مهمة مواصلة التحقيق في جريمة تفجير المرفأ، والإيحاء ضمناً بأن التحقيق ممنوع في كل قضايا الفساد والإجرام، التي تختصرها بامتياز جريمة تفجير بيروت.
إلى تلك الجرائم تُضاف سياسات راسخة في التعدي على الدستور وسيادة القانون وفتح سياسات خارجية خاصة لمصلحة دول أخرى أدت في النهاية الى عزل لبنان عن عمقه العربي وحضنه الدولي وهجّرت أهله الى نواحي المعمورة.
مهما قالت منظومة السلطة الفعلية فإن برنامجها المُنجز هو تلك النقاط التي أوردناها باختصار، والانتخابات التي تطمح إليها لا تتعدى في أهدافها إعادة توزيع المغانم السلطوية من دون الالتفات الى واقعٍ أوصلت البلاد إليه.
لذلك يصعب الحديث عن معارك انتخابية، ويُستساغ الحديث عن ترتيب تحالفات أكثر من تكريس خصوم. ويدور ذلك كله في الحلقة المتسلطة منذ الانتخابات الماضية، التي فرضت صورة الجمهورية كما هي عليه اليوم.
في هذا السياق تندرج خطابات الحلفاء الموضوعيين في خط السلطة الممانعة، في صعودها وهبوطها، ولن يتفاجأ أحد عندما تصدر التوجيهات لتفرض إنضواءهم مجدداً في لوائح الأوعية المتصلة بمواجهة الرافضين فعلاً لسلطات الأمر الواقع القائمة.