IMLebanon

السّلاح وتجارب انتخابية فاشلة

 

 

من حين لآخر، وكلّما وجد فريق نفسه عاجزاً معزولاً يطفو الحديث عن الحوار أو عن مناخ توافقي على السّطح في بلد الاتفاق بين مكوّناته كلّها مستحيل، وهذا ليس عيباً في الحوار كفكرة أو كحاجة سياسيّة دائمة، لكنّ العيب هو في عرقلة وتعطيل الحياة السياسيّة، ولا يسمح بعودة المياه إلى مجاريها إلا في حال نزل الجميع عند أمر الفريق المعطّل، ويكاد يكون كلّ ما يُراد تعطيله في لبنان تضاف إليه كلمة توافقي!

 

في هذا الوقت يستمرّ لبنان في ممارسة الهروب من أزمته الحقيقيّة، وهي أبعد بكثير من سعر الدولار الأميركي الذي قفز فوق سقف الثلاثة وثلاثين ألف ليرة، وأبعد أيضاً من الانتخابات المقبلة، أو الأزمة الاقتصادية الحادّة، أو حتى تجاوز إصابات كورونا السبعة آلاف إصابة ويزيد يومياً، الأزمة الحقيقيّة للبنان هي في بقاء الجميع متواطئاً في إضمار الصمت تجاه حزب الله وسلاحه ودويلته، وأنّ الحزب هو المتسبّب الحقيقي في معاناة الشعب اللبناني وانهيار البلاد، مع الإشارة من جديد إلى أنّ كلّ الكلام لا يقدّم ولا يؤخّر عند حزب الله، ولا عند وليّ أمره في إيران ومخطّطه الشرّير للبنان والمنطقة العربيّة، لأنّه إذا ما تساءل عاقل: هل نستطيع أن نطلب الحوار حول السلاح، بل هل يملك الحزب نفسه سلطة التفاوض حول سلاح إيراني الهويّة موضوع بين يديه ليكون جبهة أماميّة لإيران تخدم مصالحها في استراتيجيتها النووية؟!

 

من المؤسف أنّ حسابات الدولة اللبنانية وكلّ حكوماتها منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم لم تتجاوز عمليّة دفن رأسها في الرّمال تأجيلاً لمواجهة الحقيقة، وظلّ الحديث عن المشروع الإيراني مقنّعاً تحت ستار كلمة “مقاومة”، حتى بعد أن شهد لبنان حوار آذار العام 2006 انتهاء بحوار العام 2009 وقبول الحزب بوضع استراتيجيّة دفاعيّة كإطار لسلاحه تحوّل معها لاحقاً “اتفاق بعبدا” إلى حبر على ورق بعدما تراجع حزب الله عنه وتنصّل من مندرجاته كلّها، وإعلانه أنّه كان مضطراً للقبول باتفاق بعبدا.

 

الآن كل حديث عن الحوار مضيعة للوقف ولا حاجة لتكرار هذه التجربة الفاشلة… لبنان عالقٌ في نفق أسود لا منفذ له، والخناق ضاق جدّاً جدّاً على اللبنانيين الذين استكانوا ولاذوا بصمت عميق لم تحرّكه انهيارات كلّ ما يتهاوى في البلد، ولا يلام اللبنانيّ على حالة الخذلان والانكسار التي يعيشها بعدما تخطّى الدولار عتبة الثلاثة وثلاثين ألف ليرة، وجع اللقمة لم يجعل اللبناني يخرج إلى الشارع احتجاجاً ولا يزال معتصماً بصمته!

 

يعيش اللبنانيون خيبة أمل فادحة ويدركون جيّداً أنّه ليس بمقدورهم التغيير بوجود فريق يملك السلاح ويسيطر على القرار، وفوق الخيبة والعجز عن التغيير يريدون أن يقنعوا الشعب اللبناني أنّ إجراء انتخابات نيابيّة تحت وطأة السّلاح وسيطرته على مساحة واسعة جداً من الأرض اللبنانيّة هو باب على التغيير، وفي واقع الحال وبعد ثلاث تجارب انتخابية متلاحقة هذا من المحال!