دعوة الداخل لرفض هيمنة سلاح حزب الله على الواقع السياسي
اثار إعلان الرئيس سعد الحريري، تعليق عمله السياسي وتياره وعدم الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، قلق زعامات سياسية بارزة، وشرائح شعبية من مختلف التوجهات، وطرح العديد من التساؤلات والمخاوف من تبعات هذا الموقف وتداعياته السلبية المحتملة، على الواقع السياسي، المترنح اصلا، بفعل تحالف رئاسة الجمهورية غير المحدود مع حزب الله، وتغاضيها عن سطوة سلاحه غير الشرعي، على قرارات ومقدرات الدولة اللبنانية، وتحكمها بسياسته الخارجية، واستعداء الدول العربية الشقيقة والصديقة.
ويلاحظ ان اولى مؤثرات موقف الحريري، اثارة حالة شعبية رافضة لقراره، ومعترضة بشدة على عزوفه عن الترشح للانتخابات المقبلة، واكثر من ذلك، تؤشر لتوجهات وسلوكيات اعتراضية واسعة، ضد حالة الاستكانة السياسية والتعايش مع واقع تسلط السلاح، والمطالبة بسيطرة الشرعية، على قرارات الدولة دون سواها.
إحراج الحلفاء القدامى وعتب دولي لترك لبنان لمصيره تحت النفوذ الإيراني
حمل موقف الحريري الذي أتى بعد مراجعة متأنية ودقيقة لكل مراحل مسيرته السياسية، منذ بداياتها، وحتى مرحلة اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، استنادا للمبادرة الفرنسية، ابعادا ورسائل في أكثر من اتجاه، داخليا وعربيا ودوليا.
إلى الداخل، بأن التعاطي السياسي على النحو الجاري، من مختلف الاطراف، بالسلطة، وخارجها، او من المعارضة، مع النهج المتبع بادارة الدولة، والتغاضي عن ارتكابات وممارسات حزب الله، باستباحة الدولة، او الاستمرار باستعمال لبنان، منصة مكشوفة لاستعداء الدول العربية الشقيقة، كما يحصل من خلال مشاركته العلنية بالحروب الاهلية في سوريا والعراق، وحاليا باليمن، اذا استمر على حاله، سيؤدي بالنهاية الى مزيد من الانهيار الاقتصادي وعزلة لبنان عن اشقائه والعالم.
ولذلك، اتى موقف الحريري بالعزوف عن الترشح للانتخابات، ليدق ناقوس الخطر، بأن اي نتائج ستسفر عن هذه الانتخابات، لن تغير بواقع السلطة، والنهوض بالدولة والوطن شيئا، إذا لم يتم ايجاد حل لموضوع سلاح حزب الله، ووضعه تحت سلطة الدولة اللبنانية.
وفي ابعاد موقف الحريري عربيا، دعوة للمسارعة لمساعدة لبنان ودعمه، ليستطيع التخلص من نفوذ ايران المتمثل بسلاح الحزب، لكي لايؤدي استمرار الوضع السائد حاليا، في ضوء قرار العزوف عن المشاركة بالانتخابات، الى خلل بالتركيبة السياسية اللبنانية، سيؤدي بالنهاية الى تداعيات على لبنان كله، ويلحق الضرر بالعرب أيضا.
اما دوليا، فقد حمل موقف الحريري اكثر من عتب دولي، لترك لبنان على هذه الحالة تحت نفوذ ايران، جراء التهاون، او عدم المبالاة، جراء الانشغال الدولي وما يعنيه، من تقديم المصالح على مساعدة لبنان، وتحميل المجتمع الدولي، جانبا من المسؤولية، لترك لبنان يواجه تبعات هذا النفوذ المدمر وحيدا.
موقف الحريري، احرج الحلفاء القدامى، لانهم اذا استمروا على مسيرتهم ساكنين على الاوضاع المتردية، لن يكونوا بمناى عن تداعياتها، ولن تكون مشاركتهم بالانتخابات النيابية المقبلة كما يشتهون،، فمن يتجرأ منهم على ملاقاة الحريري، دون تردد او خوف، بعد ان اصبح مصير الانتخابات مشكوكا فيه.