IMLebanon

الطائفة السنيّة لم تُدعُ الى مُقاطعة الإنتخابات.. ولا الحريري طلب

ميقاتي حسم قرار حصولها بحضور مفتي الجمهوريّة وتجاوباً مع قرار أميركي ـ فرنسي –

خاب ظن من كان يحاول اسقاط ما سمّيَ “المقاطعة المسيحية” للانتخابات النيابية التي جرت في العام 1992 وهي الدورة الاولى بعد توقف الحرب الاهلية، على عدم مشاركة سنية ستحصل في الانتخابات المقبلة المحددة في 15 ايار من العام الحالي، في ضوء قرار الرئيس سعد الحريري عدم ترشحه للانتخابات هو و”تيار المستقبل” وكتلته النيابية، حيث بدأ التداول، بان الطائفة السنية ستتجه الى مقاطعة الانتخابات على غرار ما حصل مع قوى سياسية وحزبية مسيحية، رفضت المشاركة في اول انتخابات، بمباركة من البطريرك الماروني نصرالله صفير، اذ انحصر عدم الترشح لابرز قوة مسيحية وهي “القوات اللبنانية”، التي سبق لها ووافقت على اتفاق الطائف وعلى تعيين نواب لها لملء فراغات حصلت في اثناء الحرب، بالوفاة لعدد من النواب كما تمثلت في الحكومات بعد اتفاق الطائف، اذ كان مفاجئاً انسحابها من الانتخابات، وهي التي غطت اتفاق الطائف مع البطريرك صفير، الذي سجّل اعتراضاً على تطبيق الاتفاق لجهة رفع عدد النواب من 108 الى 128، واستحداث مقاعد مسيحية في دوائر ذات اكثرية اسلامية، الى ملاحظات اخرى ابداها سيد بكركي، الذي لاقته “القوات اللبنانية”، التي اعترض رئيسها جعجع، الا تعطى الحجم الذي حصلت عليه ميليشيات اخرى شاركت في الحرب الاهلية، كحركة “امل” والحزب التقدمي الاشتراكي، وعدم حصر التمثيل المسيحي به، كقوة رئيسية، فتوزع على “تيار المردة”، وايلي حبيقة، كما شخصيات مسيحية نافذة كميشال المر الذي كان معتمداً من سوريا، وساهم في “الاتفاق الثلاثي”.

 

فالمقاطعة التي سميت مسيحية، وكأن الطائفة بأكملها، هي من رفضت المشاركة، فانه خطأ شائع، لان قوى سياسية وشخصيات قاطعت، ثم عادت للمشاركة في دورات لاحقة، بما يُسقط عن المقاطعة صفة الطائفية، التي ترتديها احزاب سياسية تعبّر عن واقع طائفي، وفق وصف مصدر نيابي سابق، رافق تلك المرحلة، يؤكد ان المقاطعة سياسية، بلباس بعض الاحزاب او القوى الطائفية.

 

لذلك، فان ما تسرب عن مقاطعة سنية للانتخابات، بعد احجام الحريري وتياره السياسي، عن المشاركة فيها لم يكن دقيقاً، وان المعلومات وقعت في تقديرات خاطئة، وان ما اقدم عليه بعض المسيحيين في العام 1992 سيتكرر في هذه الدورة، وستكون انتخابات غير ميثاقية، اذ كثرت النظريات والتحليلات والتوقعات، وكلها لا تمت الى الواقع بصلة، وجاء موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي زاره مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في السراي، ليؤكد ان الانتخابات ستحصل في موعدها، ووافقه الرئيس فؤاد السنيورة، بموافقة دار الفتوى، حيث جاء القرار بالمشاركة في الانتخابات، ليعكس بانها ستجري في موعدها، لان الدعوة اليها هي مطلب دولي، ولا يمكن ان يقف بوجهها، تنظيم سياسي له تمثيله في طائفة، خرج من الحياة السياسية، لاسباب مرتبطة بشأن داخلي له علاقة باداء الحريري السياسي، الذي لم يلق رضى سعودياً، فانتهى به الامر بان يكون خارج الدور الذي اعطي له.

 

وميقاتي، الذي اعلن ان الانتخابات في موعدها، وان من يريد ان يقاطعها، فهو مسؤول عن قراره، فانما تعبير لموقف ليس محلياً فقط، بل هو نتيجة اتصالات اجراها رئيس الحكومة مع مراجع دولية واقليمية وعربية، فصلت بين عزوف الحريري، والانتخابات التي هي استحقاق دستوري، وان السعودية لم تطلب ان يترافق خروج رئيس “تيار المستقبل” من الانتخابات، بمقاطعتها، بل هي اكدت لمراجعيها ان هذا شأن لبناني، وان كل ما يهمها الا يتمكن حزب الله في الحصول على اكثرية نيابية، كما حصل في الدورة السابقة، وهو ما يستشف من حلفاء المملكة في لبنان، بان الانتخابات يجب ان تفرز اكثرية، لا تكون لمصلحة حزب الله وحلفائه، كما يردد دائماً رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وغيره ممن يناهضون الحزب ويعتبرونه يمثل “احتلالا ايرانيا” للبنان.

 

ومن هنا، فان ميقاتي حسم الجدل حول المشاركة او المقاطعة للطائفة السنية، للانتخابات التي لم يخرج من يدعو لها، حتى الحريري نفسه ترك الخيار لنواب من كتلته غير الملتزمين “بتيار المستقبل” ان يترشحوا لها او لا، مما يعني ان لا دعوة سنية للمقاطعة، وان عزوف الرئيس تمام سلام عن الترشح هو قرار شخصي، وظروف خاصة به، كما نقل عنه، وسبق له، عدم المشاركة في انتخابات سابقة وابرزها عام 1992، وتزامنت مع المقاطعة المسيحية.

 

وفي ظل الدعوة الاميركية والفرنسية لحصول الانتخابات، فان ميقاتي، اعلن موقف الحكومة باجرائها في موعدها، وهو لا يعاكس قرارا دوليا، كان وراء وصوله الى رئاسة الحكومة وتشكيلها، فلم يعتذر عندما انسحب منها وزراء “حركة امل” وحزب الله، وبقي ينتظر ثلاثة اشهر ليعودوا الى الحكومة لمناقشة الموازنة، وهو لم يعتذر، لان هناك قرارا دولياً، وتحديداً اميركياً وفرنسياً بان تبقى الحكومة وهو على رأسها.