Site icon IMLebanon

تحالفات «الأحباش» الانتخابية تنتظِر ملف الـ «DNA»

 

 

ثلاث خلاصات يُمكِن الخروج بها من البحث في الانتخابات مع «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية»: الاستعداد لها في 15 دائرة، وجود شروط للتحالفات تُعلَن في وقتها، والماكينة الانتخابية في جهوزية عالية. أي مرجع لدى «الأحباش» لن «يعترِف» بأكثر من ذلك، بما أنّ النقاش داخِل الجمعية «لم يُحسَم بعد، بل يحتاج إلى أسبوعين إضافيّين»، بحسب أحد المسؤولين عن ملف الانتخابات في الجمعية أحمد دباغ.

 

التحولات كانت كثيرة منذ 17 تشرين 2019، وتضاعفت في الأسابيع القليلة الماضية. أمرٌ جعلَ بورصة المرشّحين والتحالفات والعملية الانتخابية برمّتها، صعبة التبلور، بالنسبة لكلّ القوى السياسية. أما «الجمعية» فتدرسها من جهة «من عرِف موقعه». التطورات الأخيرة، خصوصاً بعد «اعتزال» الرئيس سعد الحريري وتيّاره، أعطت الانتخابات «بُعداً مختلفاً»، وتشكّل فرصة لـ«الأحباش» كي يستثمروا وزنهم وقوّتهم التجييرية، ترشيحاً وانتخاباً. ليسَ في بيروت وحدها، بل في دوائر مختلفة.

حتى اللّحظة، حسمت «الجمعية» ترشيح طه ناجي في طرابلس والتحالف مع النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد. أما الدوائر الأخرى، فيحسِم أمرها الـ «Dna». هو الملف الانتخابي الذي «يرصد كل تيار سياسي أو حزب أو مرشح أو مشروع مرشح أو رئيس بلدية أو مختار في كل منطقة أو قرية أو مدينة: قوّته، حضوره، شعبيّته وحيثيّته»، وهو حصيلة عمل تراكمي للجمعية جعل منها الطرف الأكثر «professional» على صعيد الأرقام. الاحتراف الذي تتميّز به الجمعية، إلى جانب عدد الأصوات الذي تتمتّع به، أحد العوامل «التي تشجّع على التحالف معها والمجيء إليها». أما بالنسبة إليها، فيؤكّد دباغ لـ«الأخبار» أنّ «لا فيتو على أحد، والتحالفات ممكنة مع أيّ طرف من دون استثناء. لا عداوات لدينا في الداخل. عدونا الوحيد هو إسرائيل». ويوضح: «نتحدّث مع كل القوى، بدءاً من الثنائي، والقوى البيروتيّة والمستقلّين والتيار الوطني الحر وحتى مجموعات المجتمع المدني… وسابقاً مع تيار المستقبل»، لكن «لا كلام انتخابياً بيننا، ولم نحسم بعد أمرنا». هذا ما يؤكّده دباغ، حتى لو تكرّر السؤال أكثر من مرة، علماً أنّ المعلومات تُشير إلى قرار بفكّ التحالف مع ثنائي حزب الله – حركة أمل، لا في بيروت وحسب، بل في كل المناطق.

تتصرّف ماكينة «الأحباش» كما لو أنّ الانتخابات حاصلة غداً «وكانت جاهزة لخوضها في آذار». دقّتها جعلت منها مرجعاً حتى لدوائر رسمية، فقد استعانت بها وزارة الداخلية في الانتخابات الأخيرة بسبب فقدان لوائح في عدد من الأقلام! وهي تقدّر أصواتها بـ «35 ألف صوتاً، بعدَ أن كانت 20200 صوت في الانتخابات الماضية».

 

تُقدّر «المشاريع» أصواتها بـ 35 ألف صوت في مقابل 20200 صوت في الانتخابات الماضية

 

 

لمن ستُجيّر هذه الأصوات؟ وما هي شروط «الأحباش»؟ بالنظر إلى تحالفاتها السابقة، تبدو الجمعية أقرب إلى سياسة «صفر مشاكل». فهي تتحالف مع حزب الله في «بيروت الثانية»، وفي «الثالثة» تهدي أصوات ناخبيها لمرشّح قوّاتي كما فعلت مع النائب جان طالوزيان. وفي الكورة وزغرتا والبترون وزّعت أصواتها بين جبران باسيل واسطفان الدويهي وميشال معوض. عطَفت على فريد البستاني وناجي البستاني وعلي الحاج بأصواتها في الإقليم، ولبّت من طلب منها الدّعم كما فعل أسامة سعد في صيدا، وقاسم هاشم في دائرة الجنوب الثالثة.

لكن هل حسابات «الجمعية» وسياساتها ستبقى على ما هي عليه؟ وهل الأصوات «الذهبية»، كما يُسميها دباغ، في عدد من الدوائر حيث لا مقاعد سنيّة، ستكون غبّ الطلب لمن يريدها؟ هذه الأصوات التي تُحدِث فرقاً وفقاً للحاصل الانتخابي، ولو كانت قليلة، لن توزّع كما في الانتخابات الأخيرة. يُشير دباغ، رغم عدم حسم التحالفات، إلى أنّ المرشّح عماد الخطيب «خيار جيّد وقد نمنحه أصواتنا بدلاً من قاسم هاشم هذه المرة»، علماً أنه «في الانتخابات الأخيرة تحدّث معنا، لكنّنا كنا قد وعدنا هاشم بها». في صيدا، مثلاً، «ننتظر ما سيقرّره أسامة سعد، وقد نتحالف مع عبد الرحمن البزري الذي تربطنا به علاقة ممتازة»، بينما في الإقليم «هناك احتمال أن تذهب أصواتنا للمستقلين». يرتبط ذلك بتقدير ما فعله النواب الذين استفادوا من أصوات الأحباش في مناطقهم، إذ إنّ «الجمعية اليوم في صدد دراسة تقارير نشاط هؤلاء النواب ومدى التزامهم بخدمة جمهورنا والخدمات التي قدّموها».

ماذا عن بيروت الثانية التي تملك فيها الجمعية أكبر عدد من الأصوات وصلت إلى 13 ألف صوت تفضيلي حازَ عليها النائب عدنان الطرابلسي، متقدّماً على كل من النواب فؤاد مخزومي وتمام سلام ونهاد المشنوق، محتلاً الموقع السني الثاني بعد سعد الحريري؟ مجدّداً يؤكّد دباغ أنّ «الجمعية لم تلتزِم مع أحد حتى الآن»، لكنها «تعقد اجتماعات مع مختلف القوى السياسية». رغم ذلِك لا يُخفي ميلاً لدى «الجمعية» بالجنوح أكثر في اتجاه المستقلين ومجموعات المجتمع المدني، التي لو أعطتها «الجمعية» أصواتها في انتخابات البلدية لحجزت نصف مقاعد بلدية بيروت. أما مخزومي فـ «تواصل معنا بعد تسريب أخبار عن عدم تحالفنا مع الثنائي، لكن لم نتّفق على شيء».

لعلّ «المشاريع» من القوى السياسية القليلة التي لم تؤثّر عليها حركة «17 تشرين» ولا تزال تضمن أصواتها الانتخابية «كلها يعني كلها». سبب ذلك، بحسب دباغ، أنّ «جمهورنا يعرف الفرق بيننا وبين غيرنا، لم نتورّط في الفساد ولسنا جزءاً من المنظومة. لم نحصل على حاجب في وزارة يوماً». مع ذلك تملِك «الجمعية» مؤسّسات تُشبه في تنظيمها مؤسسات حزب الله وهي تحاول أن تسدّ فراغ الدولة في الأزمة الراهنة بتوزيع المساعدات. على سبيل المثال، وزّعت الجمعية بطاقة «كرم» لتأمين المواد الغذائية بأسعار أقل.

وماذا عن حصّة «الأحباش» من «تركة» الحريري وتيار «المستقبل»؟ تعتمِد الجمعية على ما يُسمّى «المونة». فهناك كثر من أقارب وأصدقاء المنتسبين لها كانوا يصوّتون لتيار المستقبل، و«عدد من هذه الأصوات قد تُجيّر لنا بمونة المنتسبين. ولأننا مسؤولون أمام جمهورنا فقد يكون مطلوباً منّا أكثر ممّا هو معنا اليوم». هنا يعود دباغ، فيلفت إلى أنّ «التحالفات ستكون مشروطة هذه المرة. نحن مستقلّون ولا نلتزم موقف أحد، وفي بيروت مثلاً، قد نطالب بمقعدين لا واحداً فقط». ماذا عن الوزارة؟ يجيب دباغ «لن نطالب يوماً بها ولم نسع إليها، علماً أنّنا نفضل الوزارات الخدماتية».