دخلت الساحة السياسية بشكل عملي في الأيام الماضية في مدار السباق الإنتخابي النيابي، بعد تجدّد الإشتباكات السياسية بين أكثر من فريق داخلي، على قاعدة المنافسة الإنتخابية، بحيث تعتبر مصادر نيابية بارزة، أن كل العناوين والحملات والسجالات التي باتت تسجّل بشكل يومي، وبغض النظر عن مضمونها، تتّصل بالصراع الإنتخابي المفتوح على مصراعيه، إذ تكشف الأوساط، أن العديد من الأوراق سوف تستخدم في المواجهات المرتقبة إلى جانب الشعارات التي ترتدي طابع الأزمات الحالية، سواء كانت سياسية أم أمنية، أم اقتصادية واجتماعية، وحتى مالية.
لكن هذه الأوساط، تحذّر من خطورة التمادي في التصعيد السياسي والإعلامي، ونسف أي إمكانات للحوار والتواصل بين الأطراف التي بدأت بالتموضع وراء متاريسها الطائفية والمذهبية، تمهيداً للمرحلة المقبلة، علماً أن أي احتدام للخطاب السياسي، ولو كانت خلفياته إنتخابية، لا بد وأن يرتّب المزيد من التداعيات على المشهد العام، ويؤدي إلى انعكاسات سلبية بالغة الخطورة على كل محاولات الإنقاذ من الإنهيار، والتي بدأت ملامحها تتّضح مع انطلاق المباحثات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، تزامناً مع بدء مجلس الوزراء بمناقشة مشروع موازنة العام 2022.
ووفق الأوساط النيابية، فإن تحدّي الإنتخابات النيابية المقبلة، سيكون كبيراً، في ظل ما يتم تسريبه من خشية على إمكان تعديل المواعيد، على الرغم من التأكيدات التي تكاد تكون يومية من قبل كل المعنيين حول حصوله في 15 أيار المقبل. وتُرجِع الأوساط أسباب هذه الخشية، إلى تراكم العقد الداخلية نتيجة الإنقسامات السياسية، والتي زاد من حدّتها القرار الأخير للرئيس سعد الحريري بمقاطعة الإستحقاق الإنتخابي المقبل، كما وتعليق عمله السياسي والحزبي، وبالتالي، فإن «تيار المستقبل» ومن الناحية المبدئية، قد بات اليوم خارج السباق الإنتخابي، مما أدّى إلى تغيير كل الحسابات التي كان قد وضعها كل حزب أو تيار لخوضه الإستحقاق الإنتخابي المقبل.
وبالتالي، فإن عملية خلط أوراق واسعة سوف تحصل، تضيف الأوساط، وكذلك، فإن عناصر جديدة قد فرضتها المستجدّات السياسية على هذه العملية، وهي تحمل أكثر من طابع محلي وخارجي، بفعل محاولات تصوير المعادلة السياسية الداخلية، وكأنها تعرّضت لاهتزاز كبير نتيجة انكفاء الحريري عن المشاركة في الإستحقاق الإنتخابي. وعليه، فإن الأطراف المحلية، قد باشرت بمراجعة كل السيناريوهات التي كانت قد أعدّتها للإستحقاق الإنتخابي المرتقب، عبر البناء والتأسيس على المشهد الجديد الذي بات يتّجه إلى الإستقرار على مستوى تأكيد المرجعيات السياسية والدينية على الإنخراط في الإنتخابات، وعدم السماح لأن يكون أي فريق خارجها، مع العلم أن المَيل نحو التصعيد اليوم تحت شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة الإنتخابية»، سيبقى مرجّحاً على امتداد الفترة الزمنية الفاصلة عن منتصف شهر أيار المقبل، لكن، من شأن هذا الواقع، أن يُدخل تعديلات على مستوى بعض التحالفات الإنتخابية في مناطق معيّنة، حيث بدأ العمل، على حدّ قول الأوساط نفسها، على استبدال بعض المرشحين بمرشحين جدد في دوائر معيّنة، مقابل زيادة عدد المرشحين على بعض اللوائح في دوائر أخرى، وهذه العملية قد انطلقت خلال الأيام الماضية، ومن شأنها أن ترسم واقعاً جديداً على الساحة الداخلية.