ما التقى إثنان، في لبنان، إلا كانت صندوقةُ الاقتراع ثالثتَهما… وأكثر الذين تُطرح عليهم «الأسئلة» الانتخابية هم الصحافيون الذين ما أن يتواجدون في أي مجلس، حتى يحاصرهم الحضور بسيل الأسئلة التي يُعرَفُ كيف تبتدئ ولا يُعرف كيف تنتهي، بدءاً بالسؤال الأثير الذي بات على كل شفة ولسان: في أو ما في؟!. وعليك أن تفهم أن السائل يود أن تجيبه ما إذا كنتَ تتوقع إجراء الانتخابات النيابية العامة، أو عدم إجرائها… وعليك أن تُجيب… فالأسئلة الملحاح تنهال عليك، ولا مفر من الإجابة. فأمامك مَن يسأل، ووراءك مَن يسألون، وكذلك من على يمينك، وأيضاً من على يسارك… ولو كانت المسألة (… والأسئلة) وقفاً على المجالس، لهان الأمر إلا أنها تتعدّى ذلك، لتُطلّ عليك من شاشة التلفزة ومن طاقة الهاتف الخليوي، ومن شاشات ونوافذ وطاقات سائر مواقع التواصل الاجتماعي (…).
ويبدو أن ثمة «ضرورةً ما» لإشغال اللبنانيين بالانتخابات، تُجرى أو لا تُجرى، علهم يتمكنون من تجريعهم عقّار التأجيل… ذلك أن أهل السياسة كلًّهم (هذه المرّة عن جدّ «كلّن يعني كلّن») لا يريدون إجراء الانتخابات، لأنهم يخافون ما ستحبل به صندوقة الاقتراع من نتائج!.
ولقد يكون الأكثر رغبة في تطيير الانتخابات هم الأكثر ضجيجاً وصُراخاً زاعمين أنهم مستميتون لإجرائها، وهولاء هم الأكثر كذباً.
فالإحصاءات البعيدة عن «التركيب» وأيضاً عن ضجيج «البروباغندا» تبيّن أنه لا يوجد طرفٌ واحد في الساحة السياسية اللبنانية، من أصحاب الكتل النيابية الواسعة، قادرٌ، ليس على زيادة عديد كتلته، بل حتى على المحافظة عليها من النقصان.
وفي المعلومات أن الخارج (من أصدقاء ومحبين، وأسياد و»معلمين»، وممولين وموجِّهين…) بات يُدرك هذه الحقيقة القاسية… وما سوى ذلك فثرثرات وزكزكات ونكايات وكلام لا يتطابِقُ مع ما تتغرغر به الحناجر وما تنطق به الألسن مع ما تختزنه القلوب…
يبقى أنهم جميعاً يبحثون عن ذريعة للتأجيل، ولو كانت قاسية!.