Site icon IMLebanon

الانتخابات والمزايدات تُقلّلان من الحماسة في الذهاب للمصادقة عليها سريعاً

 

«المقص» سيفعل فعله بالموازنة على مشرحة مجلس النواب

 

 

صحيح أن الحكومة تواجه رزمة من الاستحقاقات المهمة إن على مستوى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أو على صعيد مفاوضات ترسيم الحدود، وصولاً إلى التحضير لإنجاز الانتخابات النيابية، غير أن استحقاق الموازنة العامة لهذا العام يبقى من الأولويات المهمة لدى هذه الحكومة حيث من خلال هذه الموازنة يمكن لها أن ترسم خارطة المالية العامة المقبلة إيراداً وإنفاقاً، ومنها تلج إلى القيام بالإصلاحات المطلوبة من قبل المجتمع الدولي لفتح باب خزانته وتقديم المساعدات للبنان للخروج من أزماته المتشعبة مالياً واقتصادياً واجتماعياً.

 

وإذا كانت الحكومة قد زادت من وتيرة السرعة في مناقشتها، وهي تأمل أن تكون جلسة الخميس الخاتمة لإحالة المشروع إلى مجلس النواب، فإن المعطيات الموجودة إلى الآن تشي بأن الطريق لكي تبصر في نهايته الموازنة النور ليس معبداً بل إنه مزروع بالكثير من الألغام والتعقيدات، حيث إنه ووفق الدستور والنظام الداخلي للمجلس فإن هناك محطتين أساسيتين ستقف عندهما الموازنة قبل أن تضع الهيئة العامة اليد عليها لمناقشتها بنداً بنداً والمصادقة عليها، وأول هذه المحطات لجنة المال التي ستأخذ وقتها في تشريح هذه الموازنة وإخضاعها للكثير من النقاش النيابي الذي سيكون محكوماً برضى المواطنين على عتبة البدء بالصولات والجولات لخوض غمار الانتخابات النيابية المقبلة، ولذا من المتوقع أن يطرأ على المشروع المحال من الحكومة الكثير من التعديلات خصوصاً في تلك البنود المتعلقة بالرسوم والضرائب، وكذلك سيكون عليه الحال في المحطة الثالثة أي في اللجان النيابية التي تشارك فيها غالبية الكتل النيابية.

 

لكن المعركة الكبرى التي ستواجهها الحكومة من باب الموازنة التي تقدمت بها إلى المجلس ستكون في الهيئة العامة، حيث سيكون قصر الأونيسكو، مسرحاً لحفلة المزايدات والاستعراضات التي ستحصل، حيث سيسعى كل فريق سياسي لإظهار نفسه بمظهر الحريص على مصالح الناس وعلى لقمة عيشهم ومستقبل أولادهم.

 

ووفق ما تملك مصادر نيابية من مؤشرات فإنها تؤكد أن الأمر الذي كان سائداً في مناقشة مشروع الموازنة في الحكومة من حيث تكثيف الجلسات والسرعة في بت المواد التي تتضمنها الموازنة، لن يكون هو نفسه في مجلس النواب، فالمجلس هو سيّد نفسه، وسيأخذ الوقت الذي يراه كافياً لمناقشة هذا المشروع خصوصاً وأن الحكومة لم تلتزم بالمهلة المعطاة لها دستورياً لإحالة المشروع إلى مجلس النواب، وبالتالي فإن المجلس يرفض أن يكون مقيداً بفترة زمنية لإقرار هذه الموازنة.

 

«أمل» و«حزب الله» بالمرصاد لأي رسوم وضرائب

 

وتكشف المصادر أن الحكومة أخذت في عين الاعتبار وهي تُعد الموازنة ما طُلب منها من قبل المجتمع الدولي كمقدمة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي من دون أن تعطي الأهمية المطلوبة لمعاناة الشعب اللبناني الذي لم تعد لديه القدرة على تحمّل المزيد من الرسوم والضرائب في الوقت الذي فقدت فيه العملة الوطنية ما يقارب الـ90 بالمئة من قيمتها الشرائية، وهذا الموضوع لن يكون مرحباً فيه عند اكثر من كتلة أو تكتل نيابي، حيث تستعد هذه الكتل لمواجهة هذه الموازنة والسعي لإسقاط الكثير من التعديلات عليها خصوصاً من المواضيع التي هي على تماسٍ مباشر مع المواطنين، وقد اعلنت حركة «امل» وكذلك فعل «حزب الله» عن رفض أي زيادة على الرسوم والضرائب وهما سيترجمان موقفهما هذا داخل جلسات المناقشة التي يتوقع لها ان تكون حامية ومعقدة.

 

 

ولا تُسقط هذه المصادر من حساباتها بأن لا تمر هذه الموازنة في الأساس في مجلس النواب في حال بقيت بنودها على النحو الذي هي عليه اليوم ومن دون أن تُسقط الحكومة عليها تعديلات جوهرية قبل أن تحيلها إلى مجلس النواب، مشيرة إلى عدم وجود حماسة نيابية لإقرار هذه الموازنة بهذا الشكل، خصوصاً وأننا على أبواب انتخابات نيابية وهناك العديد من النواب الذين لن يترشحوا للانتخابات النيابية وستكون أمامهم فرصة كبيرة للمزايدة، وإطلاق المواقف الشعبوية، ناهيك عن أن بعض النواب سيغردون خارج سربهم في ما خص النقاش والتصويت على الموازنة وذلك وفق ما تقتضيه مصالحهم الانتخابية، ووصل بهذه المصادر إلى التأكيد بأن هناك 90 بالمئة من النواب غير متحمسين للتصويت على الموازنة بصيغتها الحالية وهو ما يدعو إلى الخشية من أن يطول أمد نقاش الموازنة في اللجان المختصة وربما لا تقر نهائياً.

 

وفي هذا المجال، أكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم لـ«اللواء» أن الموازنة ضرورية لإعادة انتظام الواقع المالي، وفي ظل الظروف الراهنة نريد أن تكون الموازنة متوازنة بشكل حقيقي بين إمكانات اللبنانيين التي وصلت إلى حدود الصفر، وبين مستلزمات الخزينة في الحدود المتوجبة، وهذه مسؤولية وطنية، لأنه لا يمكن تعويض عجز الخزينة عن طريق جيوب الفقراء ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة التي لم تعد موجودة في الأصل، كما أنه لا يمكن في ظل هذه الأوضاع تحميل الناس أعباء إضافية تحت أي ذريعة أو حجج واهية، فهناك ابواب كثيرة يمكن ان تلج إليها الحكومة لتأمين الواردات من دون المس بلقمة عيش الفقير.

 

وشدد النائب هاشم على ان موضوع الرسوم والضرائب لن يمر كما تطلب الحكومة، وسيكون هذا الأمر موضع نقاش مُعمّق وأساسي في مجلس النواب.