ينتظر ان تحسم القوى والجماعات السياسية تسمية مرشحيها قبل نهاية الشهر الجاري، قبل اسبوعين من اقفال باب الترشيحات في ١٥ اذار المقبل، متحسبة لبعض التغييرات الطارئة في ضوء بلورة التحالفات في بعض الدوائر، التي تأثرت اكثر من غيرها من انسحاب الرئيس سعد الحريري وتياره من المشهد السياسي والانتخابي.
وعلى الرغم من دخول البلاد اكثر فاكثر في اجواء المعركة الانتخابية والتحضيرات المتزايدة للاستحقاق الانتخابي، ما يزال السؤال مطروحا هل ستجري الانتخابات في موعدها؟
الجواب المرجح بنسبة عالية، ان التمديد للمجلس الحالي يكاد يكون ضربا من المقامرة بمصير البلد، نظرا للاسباب والمعطيات القائمة.
وفي رأي مصدر سياسي ان هناك عناصر اساسية عديدة تعزز الاعتقاد بان الانتخابات حاصلة في ايار المقبل ابرزها:
١- الضغوط الدولية المتزايدة لاجراء الانتخابات في موعدها، الى درجة ان هناك شبه اجماع دولي على هذا المطلب الذي صار كشرط للمجتمع الدولي والصناديق المانحة لتقديم المساعدة للبنان.
٢- الضغوط الداخلية من قوى واحزاب سياسية وجماعات المجتمع المدني التي تعتقد ان الانتخابات فرصة لها لتحسين وضعها او احداث خرق مؤثر في هذه العملية.
٣- توجه كتل نيابية كبيرة ومؤثرة الى الاستقالة من مجلس النواب في حال لم تجر الانتخابات في ايار المقبل، حيث يتوقع ان يقدم نواب “المستقبل” و”القوات اللبنانية” ونواب آخرون استقالاتهم لاسقاط المجلس ومحاولة التمديد.
٤- المخاوف الجدية من انهيار شامل في البلاد في حال لم تجر الانتخابات في موعدها، وهذا احد الاسباب المهمة التي تقلل فرص نجاح اي محاولة للتمديد.
٥- توجه الثنائي “امل” وحزب الله الى خوض الانتخابات في موعدها، لا سيما انهما مطمئنان لتحقيق نتائج ونجاحات توازي النتائج التي حققاها في العام ٢٠١٨ وربما اكثر.
لكن كل هذه المعطيات لا تنفي احتمال تأجيل الانتخابات ولو بنسبة متدنية، ولعل ابرز الاسباب لهذا الاحتمال هو حدوث تطورات ميدانية وامنية تطيح الاستحقاق وتؤدي الى التأجيل.
وثمة عوامل اخرى يأخذها المصدر بالحسبان، منها تفاقم الصراع السياسي الذي نشهد بعض مظاهره من خلال الاشتباك الذي يتزايد ويتوسع حول مصير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حيث يمارس رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر ضغوطا متزايدة لمحاسبته والاطاحة به، لتحقيق نقطة ثمينة لتحسين وضعه قبل الاستحقاق الانتخابي.
ويلفت المصدر الى ان الرئيس عون والتيار الوطني الحر يسعيان ايضا الى اعادة طرح موضوع انتخاب المغتربين في المجلس النيابي، بعد ان كان حسم هذه النقطة لمصلحة حق المغتربين في الاقتراع للـ ١٢٨ نائبا وفق النظام المعمول به للمقيمين، واسقط صيغة استحداث الدائرة ١٦ لانتخاب ٦ نواب مخصصين للاغتراب.
ويعتقد المصدر ان محاولة التيار هو كمشروع مشكلة جديدة، من شأنها ان تثير زوبعة على الطريق الى الانتخابات، لكن التوازنات داخل المجلس لا تسمح بنجاح مثل هذه المحاولة.
واذا كان مجلس الوزراء قد اسقط في جلسته الاخيرة ذريعة عدم وجود المال، واقرّ الاموال اللازمة لاجراء الانتخابات، فان مسألة كيفية مشاركة المغتربين تبقى مطروحة ما دام التيار الوطني الحر لم يستنفد كل محاولاته لتعديل صيغتها مجددا.
ويخلص المصدر الى القول ان الاتجاه الاقوى هو اننا ذاهبون الى اجراء الانتخابات في موعدها، لكن التأجيل وارد بنسبة ضئيلة ما دام اننا على صفيح ساخن.
وفي الحسابات للاستحقاق الانتخابي، صار مؤكدا ان انسحاب الرئيس الحريري وتياره من حلبة الانتخابات خلط الاوراق، لا سيما في الدوائر المشتركة او المختلطة، وترك علامات استفهام كبيرة حول الخريطة السياسية والنيابية للطائفة السنّية بعد الانتخابات وقبلها.
وتكشف مصادر مطلعة ان نواب “المستقبل” سمعوا من الحريري في الاجتماع الذي ترأسه عشية ذكرى اغتيال والده كلاما عالي النبرة في توصيف الوضع في لبنان ومستقبله، حتى ان بعضهم فوجىء بالنسبة العالية جدا لتشاؤمه ما جعلهم يخرجون بانطباع اسود.
وكان الحريري حاسما في رفع الغطاء عن اي نائب او مسؤول يرغب بالترشح للانتخابات، رغم تركه الخيار لهم في ما سيختارونه. ولم يتطرق الى ما يحكى عن محاولة الرئيس السنيورة لقيادة وتنسيق لوائح تملأ فراغ غياب “المستقبل”، لكن البعض سمعه يقول ” ما خصني بهالموضوع “، في اشارة واضحة وصريحة عن تأكيده النأي بالنفس عن مثل هذه المحاولة، وعدم الرغبة في تغطيتها باي شكل من الاشكال وتحت اي تبرير او عنوان.
وحرص الحريري على عدم التوسع في الكلام عن رأيه برغبة البعض بالترشح، وكان كلامه في هذا الموضوع مقتضبا وحاسما في الوقت نفسه.
ويقول احد السياسيين السنّة المخضرمين، انه بعد تعليق الحريري وتياره العمل السياسي والانتخابي، باتت الساحة السياسية تفتقد قيادة سنّية مركزية، خصوصا في ظل قرار الرئيس تمام سلام عدم الترشح، وتردد الرئيس ميقاتي وموقفه الحذر من خوض الاستحقاق، وغياب التفويض الشعبي والسياسي والديني، ان صح التعبير، للرئيس السنيورة او للطامح بهاء الحريري.