Site icon IMLebanon

حصلت أم تأجّلت… الانتخابات محطة مفصلية لإنقاذ لبنان

 

بالرغم من الاهتمام الغربي والأممي الشكوك لا تزال كبيرة!

 

 

لألف سببٍ وسبب، لا يجب أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة، (إن حصلت)، نسخة مكررة عن الاستحقاقات التي سبقتها منذ انتهاء الحرب الأهلية. ولألف سبب وسبب أيضاً، لا يمكن تبرير هدوء واستسلام وخضوع وتطنيش شرائح واسعة من الناس تجاه استحقاق مفصلي كالذي ينتظر لبنان في 15 أيار المقبل (أيضاً، إن حصل)، تماماً كما لا يمكن التسليم بانهيار الوطن، أو قبول خدعة الإفلاس الاحتيالي للمصارف، أو أن حق المواطن من التيار الكهربائي أربعين دقيقة فقط في اليوم، أو أن تكبر الأجيال بلا تعليم، أو أن يتحوّل القضاء إلى مهزلة..!!

 

تسعى قوى سياسية عديدة لإعادة إنتاج شرعيتها من باب الانتخابات النيابية، لكن أطرافاً محدّدة تسعى أيضاً لتعزيز مشروعيتها من أبواب عدّة، قد تكون صفقة ترسيم الحدود التي يبدو حتى الآن أنها على حساب لبنان وشعبه وسيادته وثرواته الوطنية، تمهيداً لمرحلة قادمة.. وهذا أمر يستحق نقاشاً وطنياً شفافاً، لا سمسرات وحسابات خاصة، فالتاريخ، في حال حصول الكبائر الوطنية، لن يرحم.

 

إن بلداً يواجه إحباطاً وعزلةً وأخطاراً وجودية؛ اقتصادية ومالية واجتماعية واستشفائية وحدودية، واستهتاراً بالقضاء والأمن… لا يحتمل فوق كل ذلك، دهساً للدستور أو تلاعباً بالاستحقاقات

 

إذن، أسابيع قليلة تفصل عن الموعد النظري لإجراء الانتخابات النيابية في شهر أيار، لكن التعقيدات والمطبات والغوامض والشكوك والإرباكات لا تزال تلف الاستحقاق من كل جوانبه، والحديث هنا ليس عن طموحات هذا الحزب أو ذاك، أو الحلقة المفرغة التي تدور فيها بعض قوى التغيير، تنظيماً وترشيحاً وخطاباً وخطّة، من دون أن تدرك أن الفرصة القائمة حالياً لإحداث تغيير حقيقي على مستوى بناء السلطة قد لا تتكرر… الكلام هو عن جدية إجراء الاستحقاق الانتخابي، والسؤال مشروع لأكثر من سبب، ثم لماذا الارباك والتذاكي في موضوع تصويت المغتربين وجعله ملفاً خلافياً بدل أن يكون ملفاً اصلاحياً بامتياز، وماذا عن هيئة الاشراف على الانتخابات؟

 

لا ينفك المسؤولون الغربيون والأمميون يؤكدون على أهمية إجراء الانتخابات في موعدها، ولا يكلّ المسؤولون اللبنانيون من تأكيد حصولها في موعدها، بالرغم من الشكوك الكبيرة التي تطرح حول هذا الأمر. والواقع أن الانتخابات النيابية، وفق تقدير جهات عديدة مهتمة ومعنية بالشأن اللبناني، هي مقدمة لتصحيح الخلل القائم على كل المستويات، وهي باب لإعادة تصحيح الخلل، وترميم فكرة الدولة، والمضي بشفافية ومن دون إبطاء في معالجة الفساد ووقف الهدر، وإلى فكّ عزلة لبنان.. وكلّه بشرط أن يحسن الشعب اختيار طبقة سياسية تؤمن بأن الإنقاذ ممكن، وأن المصلحة الوطنية هي في استعادة الدولة وإطلاق مسار إصلاحي جريء. ثمة أسئلة كبرى على هامش مشهد الحضيض اللبناني.

 

ووفق الرؤية السابقة، فإنه بناء على نتائج الانتخابات، ستتحدد معالج استحقاقات مهمة أخرى، كالانتخابات الرئاسية والبلدية والاختيارية، والأهم الحكومة التي يفترض أن تواكب الخطة الإصلاحية ومسار التعافي، وأي سياسات مالية وضرائبية يجب أن تواكب مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، وأي سياسات يجب أن تعتمد للحدّ من البطالة والفقر الآخذ بالتوسّع، وماذا عن الاستشفاء والطبابة، والتعليم والضمان وغيرها من الملفات الضاغطة؟

 

يقول هؤلاء «الانتخابات مهمة، أما تكرار النق فلا يغير الحال»، إذ ماذا يمكن لأحزاب وقوى سياسية أن تقدم من وعود وشعارات إزاء واقع تعيس عناوينه الكبرى هي: الإفلاس، العتمة، الوباء والمرض، النفايات، الجوع والبطالة، غياب الفرص والخدمات والحريات، زحمة السير، الأمن السائب، الفساد المنتشر، المحسوبيات والسمسرات.. وغيرها الكثير الكثير من دلائل الفشل والتأخر وتآكل الدولة. ملفتة هي الدعايات الانتخابية لبعض أطراف السلطة، المتورّمة في طموحاتها حيناً، والمنساقة، حيناً آخر، في عناوين براقة، شفافة وواعدة!! بعض هؤلاء ممن تولى إدارة الشأن العام لعقود، وهو الآن يعدُ بالإصلاح والتنمية ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية وإيجاد فرص العمل؟

 

نعم، إن بلداً يواجه إحباطاً وعزلةً وأخطاراً وجودية؛ اقتصادية ومالية واجتماعية واستشفائية وحدودية، وفساداً وتجاوزاً للقوانين واستهتاراً بالقضاء وتحدياً للقوى الأمنية.. لا يحتمل فوق كل ذلك، دهساً للدستور أو تلاعباً بالاستحقاقات.. وفي سبيل معالجة كل ذلك فليتنافس المتنافسون في سبيل الإنقاذ والإصلاح والتحرير.

 

العين على خطوات الحكومة وقد أكد رئيسها الرئيس نجيب ميقاتي أكثر من مرّة الالتزام بإجراء الانتخابات في موعدها، التزاماً منه بكل ما هو دستوري، أما الفيصل ففي صوت الناخب المتعالي عن كل الإغراءات، والمواجه لكل الضغوط.. وفي صناديق الاقتراع يوم 15 أيار الخبر اليقين.