لا يترك المسؤولون الخليجيون مناسبة، إلا ويؤكدون ضرورة استعادة الدولة لقرارها، من أجل ترسيخ دعائم الثقة العربية والدولية بالمؤسسات، وكمعبر لإخراج لبنان من مأزقه، بانتظار ما سيحمله الرد الخليجي على الجواب اللبناني بشأن الورقة الكويتية التي لاتزال موضع اهتمام على أكثر من صعيد، وإن كان هناك إجماع من الدول الخليجية الأربع على عدم إقامة أي حوار مع «حزب الله»، كما جاء في طيات الجواب. ويشدد أكثر من مسؤول خليجي، على أن الورقة الكويتية شكلت خريطة إنقاذ للبنان، وعلى المسؤولين اللبنانيين الالتزام بها وتنفيذها، توازياً مع العمل على إبعاد «حزب الله» عن التحكم بالقرار اللبناني، وإلا فإن الوضع سيزداد تدهوراً، وسيكون من الصعوبة على لبنان الخروج من مأزقه .
وأشادت في هذا الإطار، مصادر خليجية، بدعم رئيس مجلس النواب نبيه بري للجهود الكويتية الرامية إلى رأب الصدع بين لبنان والدول الخليجية وإلى «ضرورة تبني مؤتمر الإتحاد البرلماني العربي الدعوة لبدء حوار لبناني مع دول الخليج العربي برعاية من دولة الكويت»، ما يؤكد الحرص اللبناني على استمرار مساعي الخير الكويتية، لإعادة وصل ما انقطع مع الدول الخليجية .
وفيما يحط وزير الخارجية الفرنسية رحاله في بيروت الأسبوع المقبل، حيث سيكون ملفا الإصلاح والانتخابات النيابية محور لقاءاته مع المسؤولين،توقفت أوساط سياسية، عند كلام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الذي شدد، على أن «الإصلاح في لبنان أولوية وعلى القادة هناك النظر بجدية في كيفية حكم بلادهم»، مضيفاً، «نحتاج لرؤية قيادة جماعية في لبنان تتخذ قرارات توافقية وتنهض بمسؤولياتها»، مؤكدة أن هذا الكلام يدل بوضوح على أن لا ثقة خليجية بالطبقة السياسية الحاكمة، وأن وضع البلد الدقيق يحتاج إلى وجود شخصيات جديدة توحي بالثقة وقادرة على اتخاذ إجراءات تنقذ لبنان من الانهيار الذي يتهدده».
وتضيف:«لا يمكن توقع أي تغيير في المواقف الخليجية من لبنان، إذا بقيت هذه الطبقة الحاكمة على رأس السلطة، ولذلك فإن هناك تشديداً عربياً ودولياً، بضرورة إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها، سعياً من أجل انتاج طبقة سياسية جديدة توحي بالثقة للخارج، من أجل القيام بالإصلاحات التي تعتبر مدخلاً أساسياً للنهوض الاقتصادي . وهذا ما أكدت عليه منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، بتأكيدها أن تعافي لبنان يتطلب مساراً تنموياً نشطاً يدعم قيم العدالة الاجتماعية والديمقراطية وكرامة الإنسان، مشددة على ضرورة تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها .
وبالتوازي، فإن حملة العهد على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لا زالت محط تساؤلات عن المبررات، في طل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وفي وقت تجهد الحكومة لإقرار خطة التعافي، من أجل الحصول على الثقة الخارجية، دون إغفال ما لم يعد خافياً في محاولات العهد الدائمة، لاستهداف سلامة، ومن يقومون بمنع توقيفه، وهذا ما ظهر بالادعاء على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي لن يحضر جلسة استجوابه، في وقت سألت مصادر معارضة، «هل حقا أن معركة الفريق الرئاسي مع الفساد، ليست فئوية أو شخصية، بل موضوعية وعلمية؟»، مشددة على أنه «كي يكون العهد مقنعا وصادقا في كشف ومحاسبة من أوصل اللبنانيين إلى الحضيض، كان عليه ان يباشر في فتح ملفات وزارة الطاقة، بحيث أنه وبعد عشر سنوات على تولي وزراء «التيار الوطني الحر» هذه الوزارة، فإن وضع قطاع الكهرباء بات في حالة مزرية .
وفي الوقت الذي يحظى الملف اللبناني برعاية البابا فرانسيس الذي أعلن رغبته بزيارة لبنان هذا العام، فإن المواقف السيادية والوطنية للبطريرك بشارة الراعي،لا زالت محط استقطاب من قبل اهل الداخل والخارج. وقد كان بارزا على هذا الصعيد ما اطلقه اخيرا من روما وبدا اشبه بنداء استغاثة طلبا لمساعدة لبنان على التحرر من القيود التي تحول دون استنهاضه، لافتا الى ان الدولة اللبنانية لا توجد فيها سلطة مركزية تتخذ القرار، وذلك ما يحول دون تطبيق اتفاق الطائف في الشق المتعلق على سبيل المثال بحل جميع الميليشيات حيث السلاح راهنا هو من يحكم الحياة السياسية اللبنانية ومن يملكه هو الذي يقرر.
وقد ناشد الراعي المجتمع الدولي مساعدة لبنان على استعادة هويته كدولة ديمقراطية، «لأننا لسوء الحظ فقدنا هويتنا وانفصلنا عن العالم وينظر الجميع الينا كدولة حرب. لبنان مريض ولا بد من علاجه لذلك نحن بحاجة الى مؤتمر دولي خاص به تحت مظلة الامم المتحدة وهو يجب ان يكون محايدا لان ذلك من صميم طبيعته» . وهي مواقف محذرة من مغبة زوال لبنان إذا استمر الوضع على هذا النحو من التراجع على مختلف المستويات .