لودريان يحمل في جيبه تحذيراً من مخاطر عدم إجراء الانتخابات
تُجمع غالبية الأفرقاء السياسيين بأن لا شيء يمنع حصول الانتخابات النيابية في موعدها المقرّر في أيار المقبل، وكذلك فإن المجتمع الدولي يرى ان احترام مواعيد هذا الاستحقاق الانتخابي يشكل الممر الإلزامي لمساعدة لبنان كونه يعتبر خطوة أساسية باتجاه ولوج الإصلاحات التي أتت على ذكرها كل المؤتمرات الدولية التي انعقدت لأجل لبنان، غير ان هذا التلاقي السياسي الداخلي مع الخارج حول حتمية حصول الانتخابات يساوره بعض الشكوك المختلفة الأوجه، فهناك من يتقصَّد إشاعة مثل هكذا أجواء لغايات خاصة نابعة من خوف حقيقي من التغييرات التي طرأت على المزاج الشعبي نتيجة انقلاب الوضعين المالي والإقتصادي رأساً على عقب وتحميل الطبقة السياسية بخسارتهم جنى أعمارهم والوصول بهم إلى هذا المستوى من التردي الاجتماعي، والبعض الآخر يرى أن المناخات الداخلية والخارجية الراهنة لا تشجع على خوض غمار هذه الانتخابات.
في حين أن هناك من يفضل إبقاء الوضع على ما هو عليه كون أن لا فائدة جوهرية في إجراء الانتخابات في هذه الظروف، إذ أن الأزمة الموجودة أعمق بكثير من مسألة تغيير بعض الوجوه في الندوة البرلمانية، بغض النظر عن الآراء المتفاوتة من مسألة الانتخابات لجهة حصولها أو عدم حصولها، فإن هناك محاذير دولية وكذلك محلية في عدم الالتزام بالموعد الدستوري لاجراء هذه الانتخابات، حيث أن تشوُّه مصداقية لبنان لدى المجتمع الدولي لا يحتاج الى حصول المزيد من التعاطي غير المسؤول مع أي استحقاق دستوري، لا سيما وأن المجتمع الدولي يعوِّل على أن يستفيد لبنان من الفرص السانحة لكي يعود ويلعب دوره الطبيعي في المحافل الدولية، كون أن هناك من ينادي بوجوب التعاطي مع لبنان على انه دولة فاشلة في حال استمر في القفز فوق التزاماته على تنوعها، ويأتي في مقدمة ذلك الانتخابات النيابية التي يعتبرها المجتمع الدولي محطة مفصلية لكي يثبت لبنان على أنه مستعد لكي يفي بكل ما يتلزم به تجاه المجتمع الدولي، وما من شك أن زيارة وزير خارجية فرنسا جان – ايف لودريان إلى لبنان مطلع الشهر المقبل تأتي في سياق التحذير الدولي بوجوب الذهاب الى الانتخابات النيابية والولوج في الإصلاحات المطلوبة لكي يمد المجتمع الدولي يده لمساعدة لبنان، وقد أكد الوزير الفرنسي هذا التوجه للرئيس نجيب ميقاتي الذي التقاه على هامش المنتدى الدولي الذي استضافته مدينة ميونيخ الالمانية، حيث وفق المعلومات فإن رئيس الحكومة أكد للوزير الفرنسي التزام الحكومة اللبنانية باجراء الانتخابات في موعدها والشروع في الإصلاحات بعد أن أقرت الموازنة العامة واحالتها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها.
وفي هذا السياق تؤكد مصادر سياسية بأن لبنان لم يعد يملك ترف الوقت في التلكؤ تجاه مقاربة الملفات أو التعاطي بخفة مع الاستحقاقات كون أنه وضع منذ مدة تحت الرصد الدولي الذي أجمع على مساعدة لبنان ما لم يُساعد هو نفسه، وأن أولى الخطوات المطلوبة منه هو القيام بما يتوجّب عليه من إصلاحات، والالتزام بالمواعيد الدستورية لأي استحقاق، مشددة على ان مسألة الانتخابات النيابية تعد مفصلية في عملية التعاطي مع لبنان، فـإن حصل هذا الاستحقاق في موعده وبصورة شفافة ونزيهة، فإن المجتمع الدولي قد يُعيد وجهة نظره في مسألة التعاطي مع لبنان، إذ أن طريقة التعاطي مع الانتخابات هي التي ستحدد مستقبل لبنان مع الخارج، لا سيما مع أصدقائه الدوليين الذين منحوا المسؤولين الفرصة تلو الفرصة لإصلاح الخلل الموجود في معظم مفاصل الدولة والذي بسببه إلى جانب الفساد الموجود حصل الانهيار الكبير في سعر صرف الليرة، وأوصل الاقتصاد إلى قعر الهاوية.
لبنان لم يعد يملك ترف الوقت لولوج الإصلاحات لطلب مساعدة المجتمع الدولي
ad
ومن هنا، فإن المصادر ترى أن لبنان لم يعد يملك الكثير من الخيارات، وأن الخيار الوحيد الذي ما زال متاحاً هو اجراء هذه الانتخابات والشروع في الاصلاحات، لأن عامل الوقت لم يعد لصالحه، وأن التطورات المنتظرة في المنطقة قد تتجاوزه وتذهب ريحه سدى.
مصادر في «الثنائي الشيعي» تجزم بأن الانتخابات النيابية حاصلة لا محالة، وأن هذا «الثنائي» لا يتوقف كثيراً مع مسألة نيل الأكثرية بقدر ما يهمّه تثبيت الوجود وحماية الحقوق والمكتسبات الوطنية وتثمير التضحيات في الحفاظ على السيادة وحماية الموارد الطبيعية وصناعة اقتدار لبنان حفظـاً لدوره في ظل التوترات العالمية وتقاطعاتها الإقليمية، وحفاظاً على وحدته وصناعة دولة المؤسسات، والدولة القوية القادرة صاحبة الهيبة والحضور، وأيضاً تحسين الأوضاع الحياتية للناس والوقوف إلى جانبهم مهما كانت الظروف، وتنظر هذه المصادر بعين الريبة الى التدخل الاسرائيلي السافر في تفاصيل العملية الانتخابية وتعويلهم على بعض الفئات اللبنانية بشكل مُريب، وتضع هذه المصادر ذلك برسم الرأي العام اللبناني، وتنفي المصادر وجود أي قلق يساور «الثنائي الشيعي» من أي خرق في أي دائرة، في ظل سعي ما يسمى «المستقلين» لقلب المعادلة من خلال حصول خروقات، مشددة على أن «الثنائي الشيعي» مرتاح لوضعه، لا سيما وأن الناخبين في مختلف المناطق التي يوجد فيها مرشحون من «أمل» أو «حزب الله»، يستطيعون التمييز بين الخيط الأبيض والخيط الأسود، وهم سينحازون الى مَنْ وقف معهم في عزّ محنهم، وكان المدافع الاول عن قضاياهم في كل المجالات.