IMLebanon

مواجهات وتناقضات تسبق الإنتخابات

 

لبنان غارق في صلب المعمعة المتراكمة والمتفاقمة والمنحدرة به وبمواطنيه إلى صلب جهنم، وبئس المصير. باتت القيامات قائمة بين كل الجهات والفئات، ولعلّ الثقل الإنتخابي المنتظر والذي بات يضغط منذ الآن على الجميع، ويلهب مواقفهم وتصريحاتهم ومناوشاتهم، بات في طليعة المهيّجات المفتعلة التي باتت تفرض وجودها ومواجهاتها عليهم، مطعّمة إلى حدٍّ بعيد بالمداخلات الإقليمية والدولية، وبضغوطات تسعى إلى وضع «الإستحقاق النيابي» المقبل، على سكّة الحصول والتنفيذ.

 

نتعمد في هذا المجال، إستعمال الهلالين التحفظيّين بصدد الإنتخابات المقبلة، خاصة وأن الإنتهاجات المتعارضة والمتناقضة بصددها، تصعّدُ إلى أقصى الحدود في دعواتها ودعاياتها الإنتخابية، وصولا في ذلك إلى حالاتِ ومواقفِ التهديد والوعيد، مع حرصٍ مستغرَب في كلّ منها على القفز الواضح والمتعمد عن ارتباطاته الإقليمية والخارجية الثابتة والمستمرة، وبصورة خاصة ما يصدر في هذه الأيام عن حزب الله، من تصريحات ومباهاة بارتباطاته المطلقة بإيران، محللا لنفسه ما يحرّمه على الآخرين، ومعتبرا أن وجوههم العربية حرام وتدخل في إطارات الدعم الأميركي، وأن المباحثات الأميركية-الإيرانية تلقى جملة من المزالق التي تُلهب العلاقات الأميركية – العربية بما ينفي عنها إنزلاقاتٍ حادّة باتجاه الولايات المتحدة وخباياها وخفاياها التي باتت تعيدنا إلى مرحلة سالف الذكر والتحفظ، الرئيس الأميركي السابق أوباما.

 

مما لا شك فيه، أن مستجدّات عديدة قد طرأت على الساحة المحلّية، وبالتحديد على المواقع التي يتحصّن بها حزب الله الذي بات الناطقون باسمه، يطلقون العنان بوجه خصومهم المحليين والإقليميين لتهديدات حادة تتناول جميع خصومهم ومعارضيهم، معتبرين أن الرأي المخالف لآرائهم يستدعي «تكنيسه» من الوجود اللبناني المتناغم مع توجهات الحزب المعروفة باعتمادها كليّاً على الاحتضان الإيراني، أكْلاً وشرباً وسلاحاً واحتياجات متنوعة. هي بالوقت نفسه، متناقضة مع غالبية المواقف اللبنانية التي تُلْقي بمصيرها في إطار الدولة ومؤسساتها التشريعية والقانونية والأمنية، معتبرةً أنّ تمدُّد الإهتمامات اللبنانية إلى خارج الحدود الإقليمية، يضع لبنان في فكّ الكمّاشات والمعيقات الغربية.

 

ومما لا شك فيه أن العهد القوي الذي شارفت أيامه المتبقية على الإنتهاء، قد لمس لمس اليد والمشاهدة والمراقبة، أنّ أوضاعه المحلّية آخذة بالتقوقع والتدهور، والتراجع الملحوظ، خاصة لدى الفئات المسيحية وفي مجمل إطاراتها ومواقعها، إضافة إلى الزوال الملحوظ لحظوظ «الفاڤوري» السابق لدى الحزب وملحقاته، في الوصول إلى سدة الرئاسة، متسلحا بالدعم والتأييد المتبادل ما بين الحزب والتيار الوطني الحرّ، والنتائج التي فرضتها لقاءات ومقرّرات كنيسة مار مخايل. من هنا، تلك الصحوة المتأخرة للعهد ونشاطاته ومواقفه المستجدة، خاصة في ما تعلّق بكل من حاكم مصرف لبنان الذي لم يمضِ وقت طويل على التمديد والتأييد له من فخامة الرئيس، وما كان يعنيه هذا التمديد العتيد، إضافة إلى موقف العهد الذي بات يحمل كثيرا من التحفظات والمواجهات والمشاكسات للقوى الأمنية وفي طليعتها قيادة الجيش وبعض القيادات الأمنية الأخرى التي تم إطلاق العنان لبعض القيادات والمراجع القضائية المعروفة والمكشوفة لتولي شؤون مشاكستها ومعاكستها، لاستعادة توفير الظروف القديمة، بما قد يؤمن مصيرا مأمولا للعهد الساعي بشتى الأساليب للحفاظ على حظوطها وخطوط سيرها التي أصبحت حتى الآن في صلب المواقع السلبية والمتحفظ عليها من أكثر من جهة، بما فيه الجهات الإقليمية الخارجية.

 

ولا يخفى على أحد مواقع أخرى مواجهة للتيار الوطني الحرّ فضلا عن مواجهتها التي باتت ظاهرة للعيان، وفي طليعتها: أ) الموقف المسيحي المقتحم بعنف للمواقع المسيحية القائمة والمرشحة بوضوح للحلول مكان امتدادات قديمة واسعة للتيار الوطني الحرّ، ب) الموقف السني المتمثل بمستجداته المتمثلة بموقف الرئيس سعد الحريري، وما يتضمنه من تحوّل مشهود باتجاهات ما زالت على شيء من التحفظ والغموض، مع ما خلفته من آثارٍ مزلزلة في مجمل الأوضاع اللبنانية العامة ، ج) الموقف الدرزي وتحفظاته واقتحاماته المتمثلة بالتغريدات والتصريحات التي يطلقها زعميه وليد جنبلاط مشفوعة بتصريحات اقتحامية وجريئة للكثيرين من أركان حزبه. دون أن نغفل بالطبع تحركات القوى الثورية التي باتت ظاهرة الوجود والأثر.

 

هي الأيام القادمة… حبلى بالأحداث والتطورات والمجابهات والمشاكسات وحافلة بالإستعداد «المتحفظ والقابل للإنقلاب عليه» للإنتخابات النيابية المقبلة (إن أقبلت)، والمؤمّلة (إن صدقت آمالها وتوقعاتها)، ولا نظن أن هذه المرحلة تسحب إليها كثيرا من مواقع التقبل والإرتياح.