IMLebanon

الانتخابات والإصلاحات تحت المجهرين العربي والدولي

 

إرباك سنّي يلف المشهد الانتخابي… وملاحقة سلامة تُهدِّد بأزمة

 

 

على أهمية الملفات الكثيرة التي ترخي بثقلها على المشهد الداخلي، ترتفع وتيرة الاهتمام بالانتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل، حيث كان اللافت على هذا الصعيد الموقف الذي أعلنه الرئيس فؤاد السنيورة من هذا الاستحقاق، بدعوته اللبنانيين للمشاركة فيه، وقوله أنه يدرس جدياً خيار ترشحه للانتخابات، على خلاف ما دعا إليه رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، لناحية مقاطعة الانتخابات، ودعوته مناصريه إلى عدم المشاركة فيها. وقد ظهر حجم التناقض من خلال الرد السريع للأمين العام لـ«التيار» أحمد الحريري على الرئيس السنيورة، وقوله إن «موقف الحريري وحده يمثلني». وهو أمر بالتأكيد سيزيد من حالة الإرباك على الساحة السنية، ويكشف مدى التخبط الذي تعيشه قيادات الطائفة من الملف الانتخابي، قبل ما يقارب ثلاثة أشهر من موعد إجراء الانتخابات.

 

وتشير أوساط معارضة، إلى أن «ما قاله الرئيس السنيورة يصب في خانة فكرة واحدة، وهي عدم إخلاء الساحة أمام تسلل الجميع، وبالتحديد حزب الله إلى داخل البيئة السنية، وإشارته إلى أن الأزمة وطنية، ولا تخص السنة وحدهم»، مشددة على أن «هذا الكلام رصين، لكن دون معرفة مدى استعداد الرئيس السنيورة، للاستمرار في هذا الكلام حتى الوصول إلى درجة الترشح للانتخابات»، لكنها تكشف، أن «هناك تبايناً واضحاً بين القيادات السنية بشأن الملف النيابي، وهذا بالتأكيد سيترك تداعياته على مصير الاستحقاق وظروفه، وبالتالي إمكانية إجرائه في موعده».

 

حزب الله يستنفر قواعده الشعبية ويشد عصب مناصريه لخوض الانتخابات بأعلى جهوزية

 

وفي حين تستمر المشاورات بين المكونات السياسية على الضفة الأخرى، استعداداً لهذا الاستحقاق، يواصل «حزب الله» استنفار قواعده الشعبية وشد عصب مناصريه، لخوض الانتخابات بأعلى جهوزية، وهذا ما ظهر من كلام رئيس المجلس السياسي في الحزب السيد إبراهيم أمين السيد الذي اعتبر، أن «الانتخابات المقبلة هي بمثابة حرب تموز سياسية»، ما استدعى رداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي قال «كان الأصح أن يقول انها حرب تحرير سياسية»، ما يشير إلى أن الأيام والأسابيع المقبلة، ستشهد سخونة انتخابية على قدر كبير من الأهمية، في وقت بدأت تتبلور شيئاً فشيئاً التحالفات بين القوى السياسية، على أن يتوضح المشهد بعد اكتمال صورة هذه التحالفات، وإن كان التقديرات الأولية ترجح إلا تساهم نتائج الانتخابات في إحداث تغيير جذري في الواقع القائم.

 

وتخشى في المقابل مصادر سياسية، من تداعيات استمرار العهد في حملته على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد كلام رئيس الجمهورية التلفزيوني الأخير، والذي يستشف منه، أن الأزمة بين الرئاسة وحاكمية مصرف لبنان، مرشحة لمزيد من التصعيد الذي سيكون مفتوحاً على كل الاحتمالات، في ظل معلومات توافرت للمعنيين، تشير إلى أن ما قاله الرئيس ميشال عون، بمثابة ضوء أخضر للقاضية غادة عون، للاستمرار في ملاحقة سلامة حتى توقيفه، إن أمكنها ذلك، وهذا من شأنه أن يفجر أزمة كبيرة في البلد، ستحرق الأخضر واليابس وتهدد كل الاستحقاقات التي ينتظرها اللبنانيون، مع ما تحمله من مخاطر على كافة المستويات، في ظل هذا الحقد الرئاسي على حاكم «المركزي» ومن يحميه.

 

وفي وقت لا زالت الأنظار الإقليمية والدولية مشدودة إلى تطورات الأوضاع على الجبهة الروسية الأوكرانية، كشفت أوساط دبلوماسية، أن «تنسيقاً أميركياً فرنسياً يجري بخصوص الأوضاع في لبنان، سيظهر من خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان إلى بيروت الأسبوع المقبل، والذي سيحمل معه رسائل مشتركة باسم الجانبين، تؤكد على ضرورة التزام لبنان بتعهداته أمام المجتمع الدولي، وتحديداً ما يتصل بالإصلاحات والعمل في الوقت نفسه على إنجاز الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها، بكل شفافية ونزاهة»، مشددة على أن «كلاً من واشنطن وباريس لن تتهاونا تجاه أي تنصل من جانب المسؤولين اللبنانيين حيال هذين الاستحقاقين»، وكاشفة أن «الولايات المتحدة وفرنسا تدعمان بشكل كامل الورقة الكويتية، باعتبارها مطلباً خليجياً ودولياً، يفرض على الجانب اللبناني تنفيذه».

 

وغداة مناقشة وزيري خارجيتي فرنسا والولايات المتحدة جان ايف لودريان وانتوني بلينكن الملف اللبناني السبت الماضي، برز توافق أوروبي خليجي بشأن لبنان، فقد حثّ بيان مشترك لمجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، لبنان على البدء بالإصلاحات المطلوبة. وبالتوازي، أكد الجانبان أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. كما شددا على الالتزام بالقرارات الدولية. ووفق بيان مشترك صدر عن اجتماع الدورة الـ26 للمجلس الوزاري المشترك بين الجانبين الذي عقد في بروكسل، استعرض الوزراء «بشكل إيجابي استئناف الاجتماعات المنتظمة لمجلس الوزراء اللبناني وحثّوا الحكومة اللبنانية على اتخاذ قرارات سريعة وفعالة للشروع في الإصلاحات التي تمسّ الحاجة إليها، التي من شأنها أن تمكّن من إبرام سريع للاتفاق مع صندوق النقد الدولي». كما أكد الوزراء «أهمية إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وشاملة في موعدها في 15 أيار 2022، ودعوا السلطات اللبنانية إلى توفير جميع الموارد اللازمة على وجه السرعة وتكثيف الاستعدادات الفنية والإدارية لضمان الالتزام بالجداول الزمنية المتفق عليها وضمان نزاهة العملية الانتخابية». كذلك، أكدوا «الحاجة إلى إجراءات بناء الثقة وضرورة العمل المشترك للمساعدة». وهذا يدل على لبنان تحت المجهر العربي والدولي، وتحديداً ما يتصل بالانتخابات والإصلاحات.