Site icon IMLebanon

انتخابات المتن الشمالي: معركة مسيحية من دون الاستعانة بصديق

 

 

في المتن الشمالي 8 مقاعد يتنافس عليها التيار الوطني الحر والقوات والكتائب والأحرار والطاشناق وآل المر والمستقلون وبقايا 14 آذار والمجتمع المدني على تعدّده. هي الدائرة الأكثر «تسييساً» بين الدوائر الـ15 وتتناتشها القوى المسيحية في ما بينها. المشكلة الأساسية اليوم تكمن في كثرة المقاعد المارونية وشحّ المرشحين عليها، وبأن المجموعات المدنية عاجزة لغاية الآن على التوافق على تفصيل واحد باستثناء رفضها القاطع للتحالف مع الكتائب

 

لا تشبه انتخابات المتن الشمالي مثيلتها في أي من الدوائر الأخرى. الناخبون، هنا، أكثر تسييساً، والصراع المسيحي – المسيحي على أوجه من دون قدرة على الاستعانة بصديق أو حليف. المعركة أساسية بالنسبة إلى التيار الوطني الحر الذي تمكن، في الدورة الماضية، من الفوز بثلاثة نواب حزبيين، وهو ما لم يتمكن من إنجازه في أي دائرة أخرى. أما للكتائب، أو آل الجميل، فهي معركة الحفاظ على العرين التاريخي الذي يؤمن لهم نائبين حزبيين، علماً أن مجموع نواب حزب الكتائب في 2018 لم يتعدّ ثلاثة. للقوات اللبنانية، هنا، قصة أخرى. إذ لطالما كان رئيس الحزب سمير جعجع ضعيفاً في المتن الشمالي. فالقوات المنشقة من الكتائب مرفوضة من آل الجميل، و«مبغوضة» من آل المر وآل لحود… إلى أن تحقق الحلم عام 2018، بفعل القانون النسبي، وبات للقوات نائب حزبي. وهو إنجاز تستميت معراب للحفاظ عليه. وفي المقابل، قد يفقد آل المر مقعداً نيابياً كان من المسلّمات في عهد النائب الراحل ميشال المر الذي شكّل، وحده، «حزباً» يوازي الأحزاب السياسية أصواتاً.

 

عام 2018، خاضت 5 لوائح الانتخابات في هذه المنطقة: لائحة التيار الوطني الحر والطاشناق، لائحة الكتائب، لائحة القوات، لائحة ميشال المر ولائحة المجتمع المدني والمستقلين المنضوية تحت حلف «كلنا وطني». اليوم، هناك 7 لوائح على الأقل حتى الآن:

– لائحة للتيار قوامها النواب إبراهيم كنعان (ماروني) والياس بو صعب (أرثوذكسي) وإدي معلوف (كاثوليكي). في الدورة الماضية، حصل مرشحو التيار مجتمعين على نحو 20 ألف صوت، وحلّ بو صعب على رأس اللائحة بـ7299 صوتاً يليه كنعان (7179) فمعلوف (5961). وبلغ الحاصل الأول 11300 صوت لينخفض الحاصل الثاني إلى 10600. ما يعني أن التيار انطلق من حاصلين، وساهم كل من المرشحين سركيس سركيس وغسان مخيبر وغسان الأشقر بتأمين حاصل ثالث له. كما استفاد مرشح الطاشناق النائب آغوب بقرادونيان من حواصل التيار لينجح بعدما حاز على 7182 صوتاً. لذلك، يبحث التيار في خوض الانتخابات المقبلة في لائحة مستقلة عن الطاشناق ليستفيد من الكسور في لائحته. والبحث جار عن مرشحين موارنة للائحة والمشاورات قائمة مع سركيس.

– لائحة القوات اللبنانية، ومرشحها الرئيسي الوزير السابق ملحم رياشي (كاثوليكي). علماً أن رياشي ليس حزبياً، بل يأتي من خلفية مخيبرية (نسبة إلى ألبير مخيبر)، ويحمل شعار «مرشح الحياد البطريركي»، لذلك يتوقع أن يتمكن من اجتذاب أصوات من غير الحزبيين. علماً أن النائب القواتي إدي أبي اللمع نال عام 2018 أصوات 8900 ناخب غالبيتهم من القواتيين، مع أنه لم يكن ناشطاً قبل النيابة ولا نشط بعدها. لذلك، احتاجت اللائحة إلى 2500 صوت إضافية، واستعانت بالكتائبي السابق ميشال مكتف (مدعى عليه بجرم تبييض الأموال عبر شركة مكتف لتحويل الأموال) لرفدها بـ1200 صوت، ورازي الحاج بألف صوت، وجيسيكا عازار بألف صوت أيضاً. اليوم، يترشح إلى جانب رياشي كل من: رازي الحاج (ماروني، ينشط في الجرد خدماتياً عبر «مؤسسة وديع الحاج»)، هاني صليبا (أرثوذكسي) الذي عرفه المتنيون من صوره على الباصات الداخلية في البلدة التي تدعمها مؤسسته، ومرشح حزب الأحرار رشيد أبو جودة (ماروني). ويُفترض أن تنال لائحة القوات الحاصل بفعل أصوات الحزبيين ورياشي والحاج وصليبا، مع الإشارة إلى أن اختيار القوات خوض الانتخابات على المقعد الكاثوليكي هذه المرة سيؤدي إلى معركة شرسة بين رياشي وإدي معلوف.

 

 

 

– لائحة الكتائب وتقتصر حتى الساعة على رئيس الحزب سامي الجميل والنائب المستقيل الياس حنكش. في الدورة الماضية، حاز الكتائب 16500 صوت، أي نحو حاصل ونصف حاصل، وكانت النتيجة نجاح الجميل بنحو 14 ألف صوت، وما تركه لحنكش، أي 2500 صوت. وبعدما كانت لوري هاتايان، عضوة منصة «كلنا إرادة»، مرشحة محتملة على اللائحة، تراجعت أخيراً لاشتراط الشركة الأوروبية التي تعمل معها عدم مشاركتها في الانتخابات. الفراغ في اللائحة الكتائبية سببه عدم رغبة المجموعات المدنية بالتحالف مع الجميل باعتبار أنه جزء من «المنظومة» والإقطاع في آن، ما سيخفض نسبة الاقتراع للائحة. رغم ذلك لا تزال المفاوضات قائمة مع مجموعات ومستقلين.

إلى اللوائح الثلاث الرئيسية، يحاول المرشح سمير صليبا تركيب لائحة، وهو يلتقي مرشحين برفقة المسؤولة عن الماكينة الانتخابية في منصة «تغيير» (نحو الوطن سابقاً) شانتال سركيس (الأمينة العامة لحزب القوات سابقاً). فيما تجري اتصالات بين المجموعات المدنية والمستقلين، مع النائب السابق غسان مخيبر والوزير السابق شربل نحاس الذي تواصل مع الإعلامي جاد غصن لتبني ترشيحه في المتن. إلا أن الأخير لم يحسم أمر ترشحه بعد، إلى حين انجلاء شكل اللائحة وأعضائها وبرنامجها حتى لا يتم «تمييع المعارضة ولضمان مقارعة السلطة بما تمثله من أذرع سياسية ومالية». كذلك ثمة مجموعة تطلق على نفسها «متنيون سياديون» يدعمها مكتّف تسعى الى اعداد لائحة قوامها حتى الساعة بول ناكوزي (شغل سابقاً منصب رئيس مصلحة المهندسين في حزب الكتائب) والاعلامي بسام أبو زيد.

التشتت والحيرة يسيطران على جبهة مجموعات المجتمع المدني والناشطين المستقلين. وقد عُقد اجتماعان الأسبوع الماضي من دون التوصل إلى اتفاق. إذ إن الكل يريد أن يترشح والكل يريد تركيب لوائح والكل يريد ترؤسها. علماً أن لوائح الكتائب والمجتمع المدني تتقاسمان نبض الناخبين نفسه، وفي مرتبة أدنى القوات. بالتالي ستكون المعركة الأشرس بين المجتمع المدني وقوى المعارضة. اللافت أن في المتن أربعة مقاعد مارونية، فيما يصعب على أي لائحة حزبية أو غير حزبية تأمين 4 موارنة للائحة نتيجة شحّ المرشحين الجديين، ما يعني أن الربح الأسهل هذه المرة سيكون بين هذه المقاعد ولو بكسور الحاصل. فيما يبدو الوضع أكثر انسياباً من الناحية الأرثوذكسية حيث هناك مقعدان يترشح عن أحدهما ميشال الياس ميشال المر الذي ينطلق من إرث جدّه، ومن دعم السفيرة الأميركية دوروثي شيا التي زارته أول من أمس. فيما يحاول والده التنسيق مع الطاشناق لخوض الانتخابات ضمن لائحة واحدة مما يعطيهما فرصة الحصول على حاصلين. لكن التحالف لم يُحسم بعد بسبب تردد الطاشناق وخشيته من تشكيل رافعة لغيره.