IMLebanon

آخر أسباب التأجيل: لا اعتمادات بعد للانتخابات

   

 

باستبعاد الـ«ميغاسنتر»، في انتخابات 15 ايار المقبل، سقط عامل عُزي لدى معارضيه الى انه احد الاسباب المخفية لتأجيل الانتخابات في موعدها. ليس ثمة ما يفترض ان يكون سبباً اضافياً لتأجيل الانتخابات بعد الآن سوى المال

 

مشكلة مال الانتخابات غير مذلّلة تماماً بعد، وليس متوافراً. قد يكون افضل منه حظاً المال السياسي المرافق للانتخابات المتوافر بإفراط، الا انه مؤجل الظهور في الوقت الحاضر. يُعد في الخفاء قبل الوصول الى الاقتراع. في يوم التصويت يتصاعد ثمن الصوت، كي يبلغ ذروة ما بين الثالثة والخامسة بعد الظهر في أوان اقتراب اقفال الصناديق. ما يعني الافرقاء والسياسيين هو هذا الطراز من المال.

 

رغم تأكيده ان الاستحقاق سيجري في موعده وهو متمسك بحصوله، بيد ان رئيس الجمهورية ميشال عون لا يُخفي امام زواره قلقه، وليست المرة الاولى، من ان يتسبب عدم توافر الاعتمادات اللازمة بتعطيل الاستحقاق في الموعد المقرر. وهو يلمح بذلك الى مشكلة جديدة يمثلها المال في انتخابات، بدا قبل اسابيع انها وجدت طريقها الى الحل على الورق. في ما بعد، بَانت عقبات اضافية مرتبطة بتخصيص مال للانتخابات غير موجود في الاصل، وليس ما يؤكد ان اياً من الدول التي وعدت بالمساعدة في طريقها الى ذلك، مع قرب انتهاء مهل الاستحقاق تباعاً.

 

المعلن ان معظم مبررات تأجيل الانتخابات تتوارى، واحداً بعد آخر. لا الامن، ولا الدائرة 16، ولا عزوف الرئيس سعد الحريري، ولا التوتر الدولي الاخير في حرب اوكرانيا وتداعياته على تردي الاوضاع المعيشية في الداخل، واخيراً الخلاف على «ميغاسنتر». مع ذلك، فإن اكثر من فريق سياسي مؤثر – وهو يتحضر للانتخابات بحماسة كأنها واقعة غداً – لا يكتم ظهور دوافع مضمرة ليس الآن اوانها، بل في الوقت القصير المتبقي الذي يسبق الموعد القانوني للانتخابات، يمسي معها تأجيلها أمراً واقعاً وحتمياً، دونما ان يتحمّل اي احد مسؤولية مباشرة عن دفع البلاد الى هذا الخيار.

اخيراً غدا المال المشكلة الوحيدة التي تعترض 15 ايار، يُخشى معها إن استمر التعويل عليها لدى اكثر من فريق، الى ايجاد حجج منطقية لتأجيل الانتخابات وليس الغاءها. مبرر التأجيل انتظار الوقت ريثما يسع الدولة الحصول على ما تنفقه على اجرائها.

في اجتماعات اللجنة الوزراية المكلفة دراسة «ميغاسنتر» اخيراً، قبل تخلي مجلس الوزراء عنه الخميس الفائت، اشتكت المديرية العامة للشؤون السياسية من عدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة لاجراء الانتخابات، بدءاً بالتحضيرات الاولى لها. بحسب وزراء في اللجنة، كمنت الشكوى في ان المديرية لم تنل الى الساعة سوى 36 مليار ليرة من مجموع اعتمادات تبلغ 356 ملياراً. بالكاد تكفي 36 ملياراً طبع اللوائح الانتخابية. اما باقي المبلغ، فمنوط اقراره بقانون في مجلس النواب.

في جلسة مجلس الوزراء في 15 شباط الماضي، أُقر مبلغ 36 ملياراً يساوي اقل من مليوني دولار، بذريعة ان المبلغ المتبقي غير مرصود في موازنة 2022. بيد ان المجلس اقرن ذلك المبلغ بمشروع قانون احاله رئيس الجمهورية الى مجلس النواب بعد ثلاثة ايام، في 18 شباط، بمرسوم رقم 8813، يقضي بفتح اعتماد اضافي استثنائي في موازنة 2022 بمبلغ 320 مليار ليرة، يخصص منه للمديرية العامة للشؤون السياسية 260 ملياراً، و60 ملياراً لوزارة الخارجية لتغطية نفقات انتخابات 15 ايار.

 

وزارة الداخلية تنتظر من مجلس النواب 260 ملياراً لمباشرة عملها

 

 

في شكوى المديرية، ان استكمال عملها متعذر ما لم تتوافر الاعتمادات المطلوبة على ابواب ثلاثة اسابيع قبل انتهاء مهلة تأليف اللوائح الانتخابية واقفالها، في 4 نيسان. ما تحتاج اليه الانتخابات النيابية 7 ملايين ونصف مليون دولار، مناصفة ما بين مرحلتين: ما قبل موعدها في 15 ايار (الاجراءات اللوجستية التحضيرية كالحبر والطباعة وصيانة الكومبيوترات وسائر عدّة الشغل)، وما بعد اجرائها (تعويضات القضاة والموظفين والاساتذة والاجهزة الامنية). اذا صحّ ان النصف الثاني من مبلغ 7 ملايين ونصف مليون دولار مؤجل الى ما بعد انجاز الاستحقاق، يصبح النصف الاول واجباً وضرورياً وسبباً مباشراً للتمكن من اجراء الانتخابات.

مع ان مشكلة المال سابقة للجدل القانوني الذي دار من حول تطبيق «ميغاسنتر» في انتخابات 2022، ولا تزال مستمرة بلا حلول جدية وواضحة، الا ان ذلك الجدل سهّل الشكوك في احتمال تأجيل الانتخابات. قطبا الخلاف هما رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان نبيه برّي. كلاهما كانا قطبيه في الاشتباك الذي دار من حول قانون الانتخاب حتى اقراره في 3 تشرين الثاني الماضي، ونفاذه حكماً.

 

تمسّك عون بالمادة 85 في قانون الانتخاب المعدل (8/2021) وهي نفسها في القانون ذاته قبل تعديله (44/2017)، بينما تمسّك بري بما اورده القانون المعدّل بتعليقه العمل بالمادة 84 استثائياً ولمرة واحدة. فحوى تفسير رئيس المجلس ان تعليق العمل بالبطاقة الممغنطة، يفضي حكماً الى تعليق العمل بـ«ميغاسنتر» – الذي لا يأتي القانون على ذكره – كونها ملازمة له ومبرر استحداثه، وهو الاقتراع في مساقط الناخبين. بإزائهما نشب خلاف، ادنى رتبة، ما بين وزير العدل هنري خوري المؤيد لموقف رئيس الجمهورية أن في المستطاع تطبيق «ميغاسنتر» في انتخابات 15 ايار، فيما جارى وزير الداخلية بسام مولوي وجهة نظر رئيس البرلمان القائلة بتعذر التطبيق في المدة المتبقية لهذا الموعد، ناهيك بتطلّب ذلك تعديل قانون الانتخاب المعدّل حيال تعليق المادة 84.

خلاف الرئيسين قاد رئيس الجمهورية الى نقله الى مجلس الوزراء، بينما جزم برّي سلفاً برفض استقبال «ميغاسنتر» في مجلس النواب بغية ادخال تعديل جديد على قانون الانتخاب المعدل. في خاتمة المطاف وافق مجلس الوزراء على وجهة النظر المعاكسة لرئيس الجمهورية. أُزيل اذذاك سبب قيل انه ينطوي، لاسباب قانونية على الاقل، على تأجيل للانتخابات ما يقرب من شهرين نظراً الى ما يحتاج اليه تطبيق «ميغاسنتر» من اجراءات جديدة، مرتبطة باعادة تسجيل الناخبين في مراكز الاقتراع في مساقطهم، وتالياً تعديل لوائح الشطب.

انتهت المشكلة الجانبية. لكن المعضلة الكأداء قائمة، وهي الجيوب الخاوية في الدولة اللبنانية.