IMLebanon

هل يجوز تعليق الحياة السياسية لطائفة بأكملها؟

 

 

اذا كان تعليق الرئيس سعد الحريري حياته السياسية قراراً ارادياً، فهل يجوز أو يستقيم تعليق طائفة بأكملها على قرار شخصي لا يمكن من الآن وحتى المستقبل القريب الجزم بحقيقة اسبابه الفعلية؟

 

من هذه الزاوية لا يمكن إعطاء التفسير الصادق لما يقوم به بعض قيادات تيار المستقبل، بعد انسحاب الرئيس الحريري، سواء أولئك الذين يتحركون من تلقاء أنفسهم بهامش واستنسابية شخصية او هم انفسهم وغيرهم، الذين يترجمون ما يريده الحريري وهو يقول من خلف ستارة التعليق، انه لم ينسحب الا لكي يعود، وأنه ممنوع على اي كان في هذه الطائفة ان ينبس ببنت شفة، في غيابه، وفق معادلة: «أنا ومن بعدي الطوفان».

 

وسواء طال الغياب أو قصر، فإن ما يجري لجهة تكفير وتخوين العناصر غير المنضبطة، وفي طليعتهم الرئيس فؤاد السنيورة، والنائب السابق مصطفى علوش، الى درجة منعهم من التفكير بممارسة السياسة، وشرذمة اي امكانية لتشكيل لوائح سنية في مواجهة «حزب الله»، انما يصب في النهاية، في خدمة الحزب، الذي كان يستفيد من التفاهمات قبل التعليق، وسيستفيد حتماً من إخلاء الساحة السنية، ومن ضرب اي امكانية للتفاهم بين المكونات التي عملت تحت عنوان 14 آذار، من العام 2005 وحتى الامس القريب.

 

هذا الترهيب أدى حتى اليوم الى تحقيق نتائج سلبية، أبرزها، أنه دفع بالرئيس فؤاد السنيورة الى الامتناع عن الترشح بعدما بلغ التخوين مرحلة التهديد بإسقاطه في بيروت، أو اذا ترشح في صيدا. وقد تبلغ السنيورة هذه المعطيات وفضّل أن يكون بطريركاً للوائح التي ستشكل، على أن يترشح شخصياً من دون ضمانات بالفوز، وباحتمال أن يتم اسقاطه بأصوات السنّة تحديداً.

 

هذا الترهيب أدى أيضاً الى فرملة اي امكانية للتحالف بين القادرين على صناعة لوائح قوية، وأبرز مثال على ذلك امتناع الدكتور مصطفى علوش عن الاستجابة لمطلب أن يكون واللواء أشرف ريفي في لائحة واحدة، كل ذلك تفادياً كي لا يتهم بأنه مد اليد الى واحد من ابرز معارضي الرئيس الحريري، هذا كله فيما فضل الرئيس السنيورة أن يتفاهم مع الرئيس نجيب ميقاتي في لائحة واحدة، أما ريفي فسيتجه الى تشكيل لائحته الخاصة.

 

ويبقى السؤال: هل سينجح هذا الترهيب باقفال الساحة السنية، ومنع الترشح والتحضير للمقاطعة بنسب تسمح بالقول ان خروج الرئيس الحريري، أحدث الطوفان؟

 

لا تفيد المعطيات الميدانية بحدوث ما يتمناه من ساروا بهذا الاتجاه. فالترشيحات اكتملت، واللوائح ستشكل في كل الاقضية، والاهم أن بعض الرؤوس الحامية في تيار المستقبل التي كانت تحرّض سراً على المقاطعة، باتت علناً في موقع المشاركة الفعالة، ومن هؤلاء كثر في عكار وغيرها من الدوائر. ومن الآن والى ايار موعد إجراء الانتخابات، ستشهد هذه الدوائر تنافساً ومشاركة لا تقل وفق شركات إحصائية، عن نسب المشاركة في انتخابات العام 2018، واذا لم ينسف «حزب الله» موعد الانتخابات، وهذا أمر غير مؤكد الى الآن، فإن الانتخابات حاصلة، وستشهد الدوائر السنية والمسيحية والدرزية مشاركة واسعة وتنافساً مرتفع السقف.

 

بعد التعليق والانسحاب بدا جلياً أن القرار لم يكن شخصياً صرفاً، بل كان ترجمة لاستحالة استمرار الوضع السابق على ما هو عليه، وتحديداً في ما يتعلق بالتفاهم مع «حزب الله» عبر قناة الرئيس بري. وبعد التعليق تتوارد المعطيات عن وجود اتجاه عربي حاسم، لعدم العودة الى الوراء، وبالتالي تبدو محاولة ارساء «أنا ومن بعدي الطوفان» عبثية الى درجة أن اي حالة شبيهة لم تحصل في تاريخ لبنان ولا في اي بلد في العالم. عبثية لا يمكن الا أن تلقى مصير من ينتظر حصول معجزات من دوران طواحين الهواء.