IMLebanon

حَراكيون منتقدون لانقسامات المجموعات: لمشروع سياسي مُعارِض أبعد من الانتخابات

 

يشكر قيادي في مجموعات الحراك التي تُحضر للانتخابات النيابية، الله لكون هذا الاستحقاق لن يجري غداً من دون الإقرار بأن الأسابيع المقبلة حتى 15 أيار المقبل ستحمل جديداً على صعيد توحيد رؤية مجموعات «الثورة» وشخصياتها الغارق الكثير منها في «الإيغو» والتحاصص بما لا يختلف عن أحزاب المنظومة التي حضَرت تلك المجموعات لمقارعتها.

 

والواقع أن مشهد انتفاضة 17 تشرين تمخض عن أقطاب لـ«الثورة» يقودون جزءا كبيرا من المؤيدين، وهذا طبيعي، وإن كان الغالب الأعم لمن نزلوا الى الشارع هم من المنعتقين عن فكرة الأحزاب والتيارات، وهو ما يفسر جزءاً من عزوف الناس اليوم عن التظاهر في الشارع.

 

حتى هذه اللحظة وفي انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة، تشكلت مجموعات وائتلافات كثيرة تحضيرا للاستحقاق الانتخابي، لكنها، حسب القيادي في الحراك، لا تُعبر بدقة عن واقع الحال.

 

ثمة خلافات عدة بين المجموعات والشخصيات ناتجة عن طبيعة الشخصيات والمجموعات البارزة في الحراك، لكن الملاحظ أن لا خلافات على طبيعة الخطاب المواجه للمنظومة الحاكمة ولا نية عند احد بالتحالف معها، وهما نقطتان إيجابيتان تسجلان للحراكيين.

 

إلا أن ما يعيب هؤلاء هو النمط التحاصصي لسلوكهم الانتخابي وتنافسهم الشخصي أحيانا وتكبير احجامهم لتحصيل القدر الاكبر من الاستقطاب في اللوائح، حسب وجهة النظر هذه، ما يشي بأن المزيد من الانقسامات مقبلة لا سيما وأن لا قيادة جماعية داخلية او خارجية للمجموعات..

 

بعد تشكيل جبهات عدة العام الماضي، تداخلت الائتلافات بين تلك المجموعات وهو ما بدا السبت الماضي في لقاء قوى التغيير في ميرنا الشالوحي وفي انبثاق أكثر من لائحة تحت إسم التغيير في الجنوب وأكثر من إئتلاف في الشمال واكثر من مجموعة في العاصمة بيروت وغيرها من المناطق..

 

هذا الأمر يشير الى ان الجبهات التي تشكلت سابقا باتت مجموعاتها متداخلة تحت العنوان الجذاب للتغيير، من دون معرفة الحيثية الشعبية ما يشكل عائقا أمام الائتلاف الجامع الذي تقيمه «كلنا إرادة» لرعاية لائحة موحدة للمجموعات ودعمها ماديا ولوجستيا..

 

لحوار بدل الاحتفالات

 

ويسأل البعض في الحراك عن سبب إقامة الاحتفالات بدلاً من طاولات الحوار لتوحيد الرؤية وشخصياتها وبالتالي للتمهيد لعمل جديّ خاصة وان الانتخابات باتت قريبة جدا..

 

الخلافات الناتجة عن طبيعة المجموعات لا تخفي خلافاً آخر بالغ الأهمية وهو عنوان التحالف مع أركان سابقين في المنظومة مثل حزب «الكتائب» و«حركة الإستقلال» وشخصيات سبق لها الاشتراك في السلطة وباتت عملية توريثها لغيرها فاقعة..

 

شكل التحالف «على القطعة» في كل دائرة مخرجاً للبعض عارضه البعض الآخر، وفي كل الأحوال تمخض الحراك عن بعض الشخصيات الكبرى فيه، على سبيل المثال لا الحصر، بولا يعقوبيان وشربل نحاس وواصف الحركة ومؤخراً «بيروت مدينتي» التي يشير البعض الى أنها تتحرك «نخبوياً» تحت وهج الإسم للمقايضة على صعيد المرشحين في المناطق، بينما انضوى القطب الأكبر ضمن اليسار وهو «الحزب الشيوعي» في إطار تحالف «ثوار» الجنوب مع النائب أسامة سعد.

 

ثلاثة أرباع الخروقات.. لاغية!

 

لكن الأكيد أن الشرائح الحراكية غير الرسمية المؤيدة للتغيير وهي الأكبر، ترى أن هذا المشهد مؤذٍ للانتفاضة رغم محاولات جديّة وحقيقية من قبل كثيرين لإصلاح هذا المشهد.

 

أما في حال استمرار واقع الحال، فإن ثلاثة أرباع المقاعد التي يُمني التغييريون النفس الخرق بها لن تكون متاحة.

 

وإزاء الجدار العالي في وجه الخرق في البيئة الشيعية، ثمة معركة في تلك الدرزية ليستفاد من صراع الأقطاب الثلاثة فيها، الجنبلاطية والأرسلانية والوهابية، أما على الساحة المسيحية فهناك خرق ملحوظ متوقع وهي بيئة قابلة للتغيير من حيث طبيعتها الحداثوية.

 

علما أن الجميع يترقب مآل البيئة السنية مع عزوف الحريرية عن المشاركة رسميا، ويشير البعض الى ان في تلك البيئة احتمال الخرق الاكبر، لا سيما في بيروت، لكن الأمر منوط الى كل دائرة وخصوصيتها، خاصة في حال استمر زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري في التشدد في منع المستقبليين من المشاركة ما سيؤدي الى فراغ سني كبير وهبوط للحاصل يفيد منه الحراك شرط مخاطبة هذا المناخ الاعتراضي وحضور موجة تشرينية تقدم شخصيات ذات مصداقية.

 

هذا وسط سؤال أيضا حول قوى ستحضر في المشهد من خارج الحريرية لم تتمكن من الحضور سابقا نتيجة وهج «تيار المستقبل» مثل «المشاريع» و«الجماعة الإسلامية»، مع تسجيل ان أي بديل غير رسمي للمستقبل يستحضر وهج الحريرية سيحضر أيضا.

 

على أن ما أدى إلى حظوة أحزاب السلطة من جديد هو من دون شك الواقع المعيشي المزري الذي سيؤدي الى زبائنية أكثر من السابق، اضافة الى قدرة تلك الاحزاب نتيجة دعمها الخارجي من توفير الحاجة اللوجستية للناخبين.

 

واذا كانت بعض المجموعات الحراكية ستستفيد ايضا من ذلك كونها تحصل على دعم خارجي، الا ان المجموعات المدنية الحقيقة ستكون المتضرر الأكبر. وهنا يطرح أحد قياديي «الثوار» السؤال: حتى لو توافرت القدرة المادية لهؤلاء، هل يمكن ان تتخلى المجموعات عن قيمها الاخلاقية كمجموعات ثورية وتمارس اعمال السلطة بالزبائنية؟

 

هنا يبادر البعض الى طرح فكرة إزاء هذا السقوط القيمي الكبير: التفكير في حركة سياسية أبعد من الانتخابات والفائزين فيها، تقدم نموذجا مختلفا تتصالح به مع النفس لبناء مشروع حقيقي لمعارضة شعبية وليس سياسية فقط، تتميز بالحداثوية بالمعنى المدني، لكن هذا الأمر يتوقف على مدى جدية القيادات التي تسمي نفسها بالقيادات الثورية.