لم يسبق أن كان التشكيك في إجراء الانتخابات النيابية العامة مستمراً حتى ما قبل أسابيع معدودة من موعد هذا الاستحقاق كما هو مستمرٌّ اليوم، وبزخم… فما أن تلتقي أحداً حتى يرمي في وجهك السؤال إياه: هل ستُجرى؟!.
وفي هذا السياق، فإن الأسئلة ذاتها تختم التصريحات والبيانات والمواقف والمقابلات التلفزيونية والصحافية والإذاعية أيضاً (…) يسودها السؤال إيّاه.
والمفارقة في المسألة أن التشكيك يذهب في اتجاهين متوازيين: التساؤل والاستدراك بـ»إذا». فثمة مرشحون يعلنون على الملأ جازمين: لن تُجرى، ونقطة على السطر. وبعضهم راهن إعلامياً، من طرف واحد، بألف دولار، بأن لا انتخابات ولا مَن ينتخبون.
واللافت كذلك أن الذين يقولون بعدم حصول الانتخابات يستندون إلى حجج وذرائع ووقائع عديدة تبتدئ بافتقاد المال السياسي – الانتخابي، ولا تنتهي بتراجع شعبية الجميع (من دون استثناء) أحزاباً وقياداتٍ وشخصيات.
وفي التقدير أنه لولا الإقبال الجشع على الترشح من قِبَل الكثيرين الذين ليسوا في العير ولا النفير، ومن قِبَل من يدّعون أنهم ثوار، وأيضاً من قِبَل مرشّحي المجتمع المدني، لكان عدد الجدّيين الذين تقدموا بترشحهم لا يتعدّى البضع مئات… ويبدو أن المستجدّين، الباحثين عن نعيم ساحة النجمة، قد فاتهم أن النائب في لبنان (باستثناء قلة نادرة)، لم يعد له دور فعلي سوى أن يتحوّل الى معقّب معاملات في خدمة مصالح رؤساء اللوائح، الذين «يسخّرونه» في الخدمة، بعد أن يكون قد حمل النفقات الانتخابية على كتفَيه…
أي أن الساعين إلى مقعد نيابي على لوائح القادرين وتحت رعايتهم سينطبق على معظمهم التوصيف الشهير»صوت سيّده»، وبامتياز، وسيقع الغرم عليهم، أمّا الغنم فلمعلّميهم…
وذلك كله كلام بكلام على هامش الخاتمة غير السعيدة للبلاد والعباد التي تطبع المرحلة، ذلك أن الذين يبنون القصور الانتخابية على الرمال (حتى هؤلاء) يختمون أقوالهم بهذه الـ»إذا» المحرِجة: إذا أٌجريت!