IMLebanon

“ممانعة” الهيمنة وجمع “القوة والسلطة”

 

 

تأجيل الإنتخابات ليس العلاج المفترض للخوف من الخسارة فيها. والوقت حان لأن يتوقف الخائفون عن إختراع المبررات كل يوم للتأجيل، من حيث واجبهم ضمان إجرائها. فلا إستمرار الوضع الحالي ممكن بالهرب من الإستحقاق الدستوري. ولا بديل من الإنتخابات سوى الذهاب الى فراغ في المؤسسات الشرعية فوق الإنهيار المالي والإقتصادي. ومن الوهم الرهان على التمديد للمجلس النيابي ورئاسة الجمهورية في ربع الساعة الأخير، لا فقط لأنه مرفوض وقد يقود الى إستقالات من عضوية البرلمان بل أيضاً لأنه حكم بالإعدام على الإنقاذ كنا على أي مشروع لبناء الدولة وبعزلة عربية ودولية شاملة للبلد. حتى من يدعو الى “مؤتمر تأسيسي” فإنه سيصطدم بإستحالة التأسيس في الفراغ والإنهيار، وبأن مشروع الهيمنة عبء على صاحبه.

 

ذلك أن الكل يصف المعركة الإنتخابية بأنها مفصلية. فالأدوار إنقلبت. “محور الممانعة” يتصرف على أساس أن الإنتخابات محطة على الطريق الى تحقيق “المشروع” الذي يعمل له. وخصوم هذا المحور يلعبون اليوم دور “الممانعة” لمشروع “حزب الله”. وخطاب “حزب الله” الإنتخابي سلطوي كامل الأوصاف، بأبعد من التقدم لإدارة اللعبة الإنتخابية في كل المناطق، لا فقط في منطقة نفوذه، فهو يبرر الحرص على دعم حلفائه، وخصوصاً “التيار الوطني الحر”، بضمان الأكثرية في السلطة من أجل “حماية المقاومة الإسلامية” التي عاشت على شعار حماية لبنان. لكن الإستعداد لمقاومة أي إعتداء إسرائيلي لا يحجب الأدوار الأخرى التي تقوم بها المقاومة في الداخل والمنطقة.

 

ولا أحد يجهل كيف بدأ مسار “حزب الله ” السياسي في الداخل وكيف تطور. في أوائل التسعينات إحتاج الى”فتوى شرعية” للترشح في إنتخابات نظام “لا تحكمه الشريعة”. ثم شارك في الحكومات بالواسطة قبل أن تصبح مشاركته المباشرة شرطاً لتأليف أي حكومة. بعد الإنسحاب السوري صار المتحكم، لا فقط بتأليف الحكومات، بل أيضاً بانتخابات الرئاسة. وهو فرض مرشحه الوحيد العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعدما عطل نصاب الإنتخاب مدة عامين ونصف. كان هدفه الحصول على غطاء الشرعية الرئاسية لسلاحه خارج الشرعية ودوره الإقليمي. أما اليوم، فإنه يريد تجاوز مرحلة العهد الحالي الى جمع “القوة والسلطة” في يده للهيمنة بالوسائل الدستورية.

 

وليس صحيحاً أنه ليس لدى “القوى السيادية” مشروع. فلا مشروع في لبنان أهم من بناء الدولة. وهذا هو مشروعها، بصرف النظر عن القدرة على تحقيقه، ما دامت منقسمة ومنشغلة بالخلافات “البلدية”. بعد تضييع واحد من أهم الأحداث هو “ثورة الأرز” التي صنعت “الإستقلال الثاني”. وفي المسار بين الدولة والدويلة، إما أن تلغي الدولة الدويلة، وإما أن تأكل الدويلة الدولة.

 

كان مهندس المشروع الأوروبي جان مونيه يقول: “الأزمات أعظم موحِّد”. لكن الأزمات في لبنان تقود الى تعميق الصراع. فهل يتذكر الجميع أن الإنتخابات ليست معركة بين مسافرين في مطار يذهب كل منهم في إتجاه بعدها، بل بين شركاء في وطن محكومين بالتلاقي؟