Site icon IMLebanon

“دحرجة الحجر” إلى تشرين

 

بات واضحاً بالنسبة إلى المعنيين من القوى السياسية وممثلي الدول التي تتابع شؤون لبنان أن النظرة إلى الانتخابات النيابية المقبلة تتعداها إلى استحقاقي تشكيل الحكومة الجديدة بسرعة، وضمان عدم حصول فراغ رئاسي في تشرين الأول المقبل.

 

عظات البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي تركز منذ مدة على ربط الاستحقاقين التاليين بالذي نعيش التحضيرات له حالياً. والديبلوماسيون المعنيون بإدارة شؤون لبنان يتحدثون عن الحاجة إلى رؤية الحكومة الجديدة وانتخاب الرئيس الجديد، مثلما ركزوا في شكل مبكر، قبل أكثر من سنتين، على أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري.

 

«في زمن الانتقال من الجلجلة إلى زمن دحرجة الحجر، نرى بكل أسف غالبية العاملين في الحقل السياسي والمسؤولين عن الوطن والشعب يتصرفون لا لإزاحة الحجر عن صدر اللبنانيين بل لتثبيته»، كما قال الراعي في عظته في عيد الفصح. نسب الراعي قرب دحرجة الحجر إلى الزيارة المرتقبة للبابا فرنسيس منتصف حزيران المقبل، معتبراً إياها «تباشير» تلك الدحرجة.

 

لكنها كم كانت معبرة تلك الجملة الفائقة اللياقة والمعاني التي ألحق بها البطريرك الماروني توقفه عند «الزيارة الواعدة» للحبر الأعظم، بتوجهه إلى الرئيس ميشال عون الذي كان حاضراً قداس الفصح قائلاً إن الزيارة «بمثابة جسر بين عهدكم وعهد من سيكون خلفكم».

 

لكنه في اليوم السابق، في رسالة الفصح نبه اللبنانيين إلى أنه «يجدر بالشعب، وهو يختار نوابه، أن يدرك أنه يختار أيضاً رئيس الجمهورية المقبل، بل الجمهورية المقبلة».

 

ليس الراعي نفسه من يتوق بهذه اللهفة إلى انتخاب الرئيس الجديد، بل ان بيان صندوق النقد الدولي في 7 نيسان، عن التوصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين بينه وبين لبنان، أوحى بأن الإصلاحات التي تشكل شرطاً لصرف المساعدة المالية بقيمة 3 مليارات دولار على 4 سنوات، مقابلها، سيمتد تنفيذها قبل وبعد الانتخابات النيابية ويرافق الانتخابات الرئاسية أيضاً. وليس مجافياً للمنطق ربط المؤسسات الدولية والعواصم الكبرى تلك المساعدة بعدم حصول الفراغ الذي قتل لبنان بسبب الإصرار على تبوؤ الرئيس عون سدة الرئاسة، من جهة، وبالتالي ارتباطها بانتخاب الرئيس الجديد، في الموعد الدستوري من جهة أخرى. ترى ألهذا السبب أصر البطريرك الراعي أكثر من مرة في عظاته في الأسابيع الماضية على تطبيق المادة 73 من الدستور التي تنص على أن «قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس النيابي بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد…».

 

فسيد بكركي باستعجاله انتخاب الرئيس ضمن المهلة الأقرب، كأنه بذلك يريد ربح شهرين من عمر الجمهورية ومن استعادتها، من خلال هذا الاستحقاق، وهوية الرئيس العتيد، الذي يبدو أن مساعدة لبنان ستكون مرهونة بإنجازه؟

 

مع أهمية ميزان القوى الذي ستنتجه الانتخابات النيابية، حيث يسعى «حزب الله» إلى الحصول على الأكثرية من أجل التحكم بانتخاب الرئيس المقبل، فيما يعمل خصومه على الحؤول دون ذلك، فإن حسابات القوى الخارجية والمحلية المعنية في هذا الصدد أخذت تعبر عن نفسها في مواقف حلفاء الحزب وخصومه. وكان لافتاً إعلان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط قبل يومين أن فريقه لن ينتخب لا جبران باسيل ولا سليمان فرنجية، في موقف مبكر من هذا الاستحقاق.

 

يتصرف المعنيون بالرئاسة على أن ورقة باسيل محروقة، وأن كل المحاولات من أجل رفع العقوبات الأميركية عنه من أجل تأهيله ليكون حاضراً في السباق الرئاسي لن تلقى أي صدى أميركي أو غربي، على رغم كل عروض التساهل التي يبديها الفريق العوني في مسألة ترسيم الحدود البحرية وغيرها من المواضيع، بما فيها حديثه عن التمايز عن «حزب الله».

 

أما بالنسبة إلى فرنجية فإن القاعدة المبدئية التي تتقاطع عندها المواقف الخارجية والمحلية السيادية هي الرفض المطلق لأي امتداد لعهد الرئيس عون، بما هو حليف للحزب، الذي تمكن على مدى 3 سنوات من استخدام الرئاسة الأولى غطاء له في حروبه وانغماسه في مشاريع إيران الإقليمية. وبهذا المعنى يُعتبر فرنجية كحليف قوي للحزب خصوصاً أنه يعتبر أمينه العام «ضمانة»، فإنه يصنف في خانة الامتداد لعهد عون، على رغم أن محيطه يعتبر أن باسيل وعون قدما للحزب أكثر مما يريد…