للمرة الأولى في تاريخ لبنان ستكون الانتخابات النيابية معروفة النتائج سلفاً بالرغم من ان بعض الآراء تُصرّ على انه لن تحدث انتخابات لأسباب متعددة منها احتمال ان يقع حدث امني يمنع إجراءها.
لا أرى ان الانتخابات ستؤجل لسبب بسيط هو ان الحزب العظيم ينتظر هذا الاستحقاق على أحرّ من الجمر، ذلك لأنه يعتبرها فرصة تاريخية يريد من خلالها القول إن جميع الطوائف في لبنان معه. وإذا نظرنا بعمق الى واقع الحال، نرى انه وعلى صعيد الطائفة الشيعية وكما ثبت تاريخياً ان اهل الشيعة منقسمون الى ثلاثة أثلاث: ثلث حركة امل وثلث الحزب وثلث العائلات الكريمة… وهذه القاعدة ثابتة منذ أول انتخابات جرت بعد «الطائف» وحتى يومنا هذا. من هنا نرى ان نتائج الانتخابات ثابتة لأن الحزب بالتأكيد هو القوة المالية الكبرى في لبنان اليوم… عندما نتحدث عن القدرات المالية، نتحدث عن حزب يُـمَوّل من ايران منذ عام 1983، كل سنة يتلقى مليار دولار كرواتب وأجور وخلافه وملياراً ثانياً أسلحة وصواريخ. يعني ان ايران استثمرت منذ عام 1983 وإلى يومنا هذا، أي خلال 39 سنة. ودفعت حوالى 80 مليار دولار، هذا المال جعل من الحزب قوة عسكرية وسياسية أولى، هذا مع الأخذ بالاعتبار ان المقاتل في الحزب يتقاضى 500 دولار في الحدّ الأدنى، طبعاً غير الطبابة والتعويضات والمساعدات المدرسية، بينما نتساءل: كم هي رواتب العسكري أو الضابط اليوم…؟ لقد أصبحت وللأسف صفراً.
باختصار، القوة التي يتمتع بها الحزب هي قوة سياسية: أي نواب، وقوة مالية بمليارات الدولارات، وقوة عسكرية بمليارات الدولارات أيضاً.
نأتي الى النتائج المتوقعة على الصعيد السنّي… فهناك مقاطعة ستكون كبيرة ولأول مرة في التاريخ، وذلك بصراحة وبكل بساطة لعدم ترشح الرئيس سعد الحريري. فقد أصيب الشارع والناخب من أهل السنّة بإحباط ولن يكون هناك إقبال على صناديق الاقتراع لأنّ المرشحين وللأسف الشديد لا يمثلون إلاّ أنفسهم، ولا يوجد أحد من المميزين، خاصة وأنّ أحد الاثرياء حاصل على أكبر شهادة بالتزوير والنصب والاحتيال، وفي تاريخه الكثير من علامات الاستفهام، وهناك وثائق تؤكد أنه سمسار أسلحة.
هذا الرجل اتفق مع الحزب بأنه سيهاجم الحزب في الإعلام ثم يذهب عند بعض المسؤولين في هذا الحزب ويعتذر منهم ويقول لهم، إنّ لديه مصالح في إحدى الدول العربية وحفاظاً على مصالحه فإنه يقول كلاماً لا يعبّر عن حقيقة مشاعره، وبأنّ الفرصة سانحة ليسرق النيابة كما سرق صفقات وعمولات الاسلحة.
الى ذلك وللأسف الشديد، وبالرغم من تقديري واحترامي للرئيس فؤاد السنيورة، أظن ان سعيه وجهده وأفكاره النيّرة ومحاولته سدّ الفراغ، ونظرية ان لا يترك الساحة للحزب هي نظرية فاشلة، لأنّ الانتخابات للأسف في الأيام العادية تحتاج الى أموال كثيرة، أما اليوم في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة والفقر الذي يعم الشعب اللبناني، حيث تحوّلت الطبقة الوسطى إلى فقيرة أي اصبح البلد مقسماً الى 2 أو 3٪ من الشعب يتمتع بالغنى و97 أو 98٪ من الشعب أصبح فقيراً.
أما في حسابات الطائفة المارونية وبالرغم من ان الدكتور سمير جعجع، يظن ان الفرصة أصبحت متاحة للقضاء على عون وباسيل والعونيين، إلاّ أنه سوف يتفاجئ بالرغم من كل الاستطلاعات التي يجريها فريق تابع له من أنّ التغيير سيكون قليلاً جداً، وأنّ كل خسائر العونيين ستذهب بقليلها الى جعجع والكثير سيذهب الى الوسط، أي الى المعتدلين والافراد غير التابعين لا للقوات ولا للعونيين.
اما بالنسبة للزعيم سليمان فرنجية، فيمكن أن يتحسّن وضعه، ولكن سيكون ضعيفاً جداً.
أما ماذا عن الساحة الدرزية، فلا شك بأنّ وضع الزعيم وليد جنبلاط سيتراجع بسبب فقدانه للرئيس الحريري الذي كان يعطيه في بيروت وفي جبل لبنان وحتى في كل المناطق، لأنه الزعيم الوحيد الذي يملك 90٪ من أصوات طائفته… ففي انتخابات عام 2018 مثلاً كان عدد ناخبي بيروت الثانية 370 ألف ناخب، بينهم 30 ألف شيعي وعشرة آلاف من المشاريع وما تبقى من السنّة 330 ألف ناخب، وكان الحاصل يومذاك عشرة آلاف قبل خروج اللوائح الصغيرة ثم ارتفع ليكون الحاصل ما يقارب احد عشر ألفاً وخمسمائة بعد ذلك أما اليوم، فإنّ الـ370 ألف ناخب يجعل الحاصل إذا تمّ اقتراع 30٪ من المسجلين 26000 فيكون للثنائي نائب واحد (باستثناء الكسر) وللمشاريع لا نواب لهم والبقية للسنّة ومعظمهم من مؤيّدي الحريري.
أما إذا امتنع السنّة عن الترشح… فإننا سنرى قريباً كيف ستكون نتائج الانتخابات؟