IMLebanon

الانتخابات مجدداً: معركتا تثبيت حق غير المقيمين وإسقاط تقديم موعد الاقتراع إلى آذار

 

دوكان العائد أسبوعاً كاملاً.. الإصلاحات اللازمة ولا مانع فرنسياً من بعض التفسيح

 

 

يستعيد السفير بيار دوكان، على امتداد الأسبوع الطابع، نشاطه الإشرافي على الإصلاحات التي يجدها المجتمع الدولي ضرورة لبنانية ملحة، سواء تلك التي التزم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أو تلك التي طلب فيها تفسيحا بالنظر إلى بعض من خصوصية لبنانية تتصل بموقف أحزاب وأطراف من أفكار معينة قد لا تستقيم أو تتواءم مع الواقع.

 

في الأصل، لن يتّسع للحكومة المجال لتنفيذ سلة الإصلاحات الواسعة التي يحتاجها لبنان ربطا بالفسحة الزمنية التي يمكن للحكومة الوليدة أن تعمل في سياقها، بسقف لا يتعدى حلول الإنتخابات النيابية. لذلك كان لا بد من تحديد الأولويات الإصلاحية والاكتفاء بالعاجل والآني منها:

 

1-بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي توازيا مع تحديث خطة التعافي المالي والإقتصادي التي وضعتها شركة لازارد، وهما إجراءان عاجلان من المتوقع أن تنتهي أعمالهما التحضيرية في غضون 3 أسابيع حدا أقصى. لكن أمرهما قد لا يخلو من بعض المشاحنات تأسيسا على موقف المصارف وحزبها من إعادة الهيكلة. ولم يعد خافيا أن أرباب هذا القطاع يرفضون توزيعا عادلا للخسائر التي تسببوا بها للمودعين نتيجة سوء الأمانة في إدارة ودائعهم، ويصرون على أن يأتي أي تصحيح للقطاع على حساب اللبنانيين والدولة وموظفيها وأملاكها. ولن يكون مطمئنا لهم أن تتولى لازارد تحديث الخطة نفسها التي وضعتها قبل عام ونيّف وسقطت تحت وابل الحرب التي شنتها عليها المصارف وحزبها الحاضر بكل اقتدار بفريق عمل متأهب لمنع أي تصحيح جذري في الإقتصاد.

 

2-تأهيل قطاع الكهرباء عبر تحديث ثان لخطة الكهرباء بالنسخة التي أقرتها الحكومة عام 2019، وعطّلتها تكرارا مافيا المحروقات، على أن تسبقها إجراءات عاجلة لرفع التغذية بالتيار. وهي بدأت بالفعل مع السلفة التي أقرتها الحكومة، ومع ما هو متوقّع من غاز مصري الى دير عمار ومن استجرار للكهرباء من الأردن، كما من إمكان تبادل ثان مع العراق وآخر جديد مماثل مع مصر لشراء الفيول. وكان لافتا في هذا السياق انكفاء مافيا المحروقات وحزبها، وربما هو انكفاء موقت لكنّه معبّر. إذ خفتت فجأة الأصوات التي طالما حمّلت إنهيار القطاع الكهربائي الى عدم تعيين الهيئة المنظمة، بما يثبت أن تعطيل خطة الكهرباء منذ وضعها بصيغتها الأولى في العام 2010 كان تعطيلا سياسيا متعمّدا، لمنع أي تطوير لهذا القطاع بما يؤدي حكما وواقعا الى أن يحفظ حزب المحروقات المليارات التي يتغذى منها سنويا من إحتكار استيراد المازوت والبنزين والغاز والفيول، ومن إدارته المباشرة لشبكة مولدات الأحياء.

 

انكفاء مافيا المحروقات مؤقت لكنه معبِّر ويضيء على معطيات تعطيل خطة الكهرباء

 

3-إنهاء الأعمال التحضيرية للإنتخابات النيابية. وليس خافيا أن هذا الموضوع يشهد راهنا نقاشا حادا ربطا برغبة غير مفهومة لدى قوى سياسية مسلمة لإبطال عملية إشراك غير المقيمين في الإقتراع في الخارج وفي إسقاط حقهم بالترشيح والتمثّل في المقاعد الستة التي منحهم إياها قانون الإنتخاب الساري المفعول. ويخوض كل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، من دون تلاقٍ واضح بعد، معركة تثبيت حقّي الاقتراع والترشح في الخارج لغير المقيمين، فيما شخصيات مسيحية تصف نفسها بالمستقلة أو ترغب في ركوب المتن الثوروي، تتصدّر – تواطؤا – مسعى إسقاط هذين الحقّين، على الأرجح في محاولة لإسقاط الإنطباع المكوّن لدى المسيحيين في الداخل والخارج بأن قوى سياسية مسلمة تريد سلبهم ما منحهم إياه القانون.

 

كما ليس مفهوما بعد سبب إصرار القوى نفسها على تقديم موعد الانتخابات إلى 27 آذار 2022 بذريعة عدم جواز إجرائها في رمضان أو مباشرة بعده، بما يختصر شهرين كاملين من الحملات الإنتخابية. وثمة جهد مسيحي يُبذل في هذا السياق لإقناع الشركاء بتحديد بدايات أيار موعدا إنتخابيا، بما يتوافق مع مندرجات القانون الساري المفعول ويراعي صيام المسيحيين في آذار، تماما كما دُعاة مراعاة صيام المسلمين في نيسان. وتضاف الى هذا الواقع الخشية من أحوال الطقس غير المستقر في آذار، وخصوصا في المناطق الجبلية، بما قد يحول دون توجّه الناخبين الى قراهم للإنتخاب، في ظل استمرار قوى وأحزاب في رفضها إنشاء الميغاسنتر، وهو أحد الإصلاحات الجدية التي أقرها قانون الإنتخاب ومن شأنه أن يرفع نسبة المشاركة المسيحية تحديدا، الى جانب البطاقة الممغنطة التي تحدّ من أعمال الغش والتزوير.