Site icon IMLebanon

الثّنائي خائف.. من يوم الانتخابات؟!

 

 

 

«الانتخابات صايرة صايرة، لا، طايرة طايرة»!

 

بين هاتين القراءتين المتناقضين يتجادل 6,831,971 نسمة، و «محلّل سياسيّ»، حسب بيان الأمم المتّحدة لعام 2022 حول عدد السّكّان في العقار، غير الممسوح رسميًّا، المسمّى لبنان، والمنقسمون أيديولوجيًّا وطائفيًّا وسياسيًّا ومناطقيًّا بطريقة غريبة عجيبة يصعب العثور على مثيل لها على مساحة الكوكب!

 

وفي ذلك العقار تتحضّر القوى السّياسيّة، ظاهريًّا، لإجراء انتخابات نيابيّة بعد أقلّ من ثلاثة أسابيع من اليوم.

ولكن، كيف؟ ولماذا ستُجرى تلك الانتخابات المزعومة؟!

خلال يوم واحد، والحبل على الجرّار، غرق قارب هارب ركّابُه من جهنّم القهر والظّلم والفقر، فمات من مات وعاد من عاد، وبقي في قعر البحر أطفال ونساء مفقودون حتّى السّاعة، أعقبتها حالة غضب عامّة في عاصمة الشّمال «طرابلس» واعتداءات مسلّحة على حواجز الجيش اللّبنانيّ، ثمّ اشتعلت بعض شوارع العاصمة «بيروت» باشتباكات متنقّلة احتجاجًا على انقطاع التّيّار الكهربائيّ، وانطلقت صواريخ، مجهولة الغاية والهويّة، من الجنوب باتّجاه فلسطين المحتلّة، واعتُدي على وزير الطّاقة بطريقة بشعة ومستفزّة، لكلّ انسان يتمتّع بحدّ أدنى من النّخوة والكرامة، تختصر كلّ معاني استضعاف السّلطة واستقواء «الزّعران» على رموزها ومؤسّساتها باسم الثّورة وحرّيّة التّعبير!

أمّا الدّولار فاستفاق فجأة من سبات دام قرابة الشّهرين على سعر يقارب العشرين ألف ليرة، ولامس حدود الثّلاثين ألف ليرة، كاسرًا حاجز الاتّفاق، غير المعلن، بين حاكم مصرف لبنان ورئيس الحكومة لتثبيت سعر الصّرف بهدف تمرير الانتخابات النّيابيّة بأقلّ الخسائر الممكنة.

فما الّذي تغيّر؟

يذكر اللّبنانيّون جيّدًا تأكيدات السّفراء الغربيين وإصرارهم على ضرورة إجراء الانتخابات النّيابيّة في موعدها، كان ذلك قبل أشهر خلت، يوم كان الرّهان قائمًا على قلب المعادلة السّياسيّة عبر الأطر الدّستوريّة، والأمل كبير بحصد أكثريّة نيابيّة معارضة لمحور المقاومة بغية محاصرة «حزب الله» من داخل مؤسّسات الدّولة الشّرعيّة وعزله داخل بيئته الطّائفيّة.

لكن، مع اقتراب موعد الاستحقاق النّيابيّ وفتح باب التّرشيحات ثمّ مرحلة تشكيل اللّوائح، ظهر خللٌ كبير في صفوف القوى الدّاخليّة الحليفة للقوى الخارجيّة المعاديّة لمحور المقاومة، وبيّنت استطلاعات الرّأي واقعًا مغايرًا للآمال المنشودة، بسبب تشرذم جمعيّات «المجتمع المدنيّ» حاملة لواء 17 تشرين، وضعف خطاب أحزاب «المعارضة»، إضافة إلى تراجع شعبيّتها في مقابل تماسك بيئة ثنائي حركة أمل وحزب الله وقدرته على تعويم حلفائه وتعويضه ما خسره في شارعه.

وعلى المقلب الإقليميّ فإنّ تعثّر الاتّفاق النّووي في «فيينا» متأثّرًا برياح الحرب الآتية من «أوكرانيا» وتوتّر العلاقات بين الولايات المتّحدة الأميركيةّ والمملكة العربيّة السّعوديّة جمّدا كلّ مساعي التّسوية المفترض أن تتمّ في ظلال الاتّفاق الإيرانيّ الأمريكيّ، ووضعا المنطقة برمّتها في حال ترقّب وانتظار حتّى جلاء غبار المعركة الرّوسيّة الأمريكيّة على الأراضي الأوكرانيّة!

والرّبط بين لبنان وأوكرانيا ليس خيالًا، فالحرب في جوهرها تدور حول مصادر الطّاقة، وعلى شواطىء البحر المتوسّط ثروة غازيّة واعدة تطمح أميركا لاستغلالها في سبيل محاصرة روسيا اقتصاديًا، عبر تأمين طاقة بديلة عن الطّاقة الرّوسيّة للقارّة العجوز.

ولا ننسى بأنّ مبادرة «الحزام والطّريق» الصينيّة تمرّ من هنا أيضًا..

فلماذا الانتخابات إذا كانت القوى المؤثّرة في السّاحة اللّبنانيّة لم تتّفق بعدُ على توزيع مغانمها؟

والسّؤال الأهمّ؛ كيف ستجرى الانتخابات في ظلّ كارثة اقتصاديّة واجتماعيّة مركّبة، وانقسام سياسيّ معقّد، وتفلّت أمنيّ متنقّل؟!

ثمّ لو وصلنا إلى 15 أيّار، موعد الاستحقاق، قبل أن يتجرّأ أحد على طرح التّمديد أو التّجديد للمجلس النّيابيّ الحاليّ، كيف ستضبط القوى الأمنيّة العمليّة «الدّيمقراطيّة» في ظلّ السّخط الشّعبيّ العارم على السّلطة والمعارضة وكلّ راغب في التّصدّي للشّأن العام؟!

 

يكفي أن تعمّ الفوضى في دائرة انتخابيّة واحدة لتتعطّل الانتخابات في كلّ الدّوائر، حسب القانون الحاليّ الّذي يقضي بإجراء الانتخابات في كلّ الدّوائر في يوم واحد!

مصدر قياديّ قريب من «الثّنائي الشّيعيّ» لفت إلى تخوّف حقيقيّ من وقوع أحداث مباغتة يوم الانتخابات، شبيهة بما حصل في طرابلس قبل يومين، تعجز القوى الأمنيّة عن احتوائها، قد تؤدّي إلى تطيير الانتخابات وادخال «لبنان» في فراغ دستوريّ قاتل مع مجلس نيابيّ منتهي الصّلاحيّة، يعقبه فراغ رئاسيّ ربّما يطول في ظلّ حكومة غير معلومة الصّلاحيّات الدّستوريّة.

وهذا التّخوّف مردّه إلى تقاطع معلومات كثيرة لدى الثّنائي تفيد برغبة قوى خارجيّة في تأجيل الانتخابات النّيابيّة!

ممّا لا شكّ فيه بأنّ جميع القوى السّياسيّة تخشى تجرّع كأس طلب تأجيل الانتخابات، مخافة تزايد النّقمة الشّعبيّة عليها؛ فهل تضع القوى الأمنيّة سلّم النّجاة لها لتسهيل النّزول عن شجرة الانتخابات؟!