IMLebanon

التدخّل الإلهي في الانتخابات

 

في 11 آذار الماضي خطب المفتي الشيخ احمد قبلان في برج البراجنة قائلاً: «موقفنا من الانتخابات صريح وواضح جداً، والكلام هنا موجه للجميع في الداخل والخارج ولكل الكانتونية الطائفية المرتهنة، نحن مع الثنائي الشيعي الوطني… وسنحمي لبنان عبر حماية الثنائي، وبكل ثقة امام الله والناس أقول: حماية هوية لبنان من حماية الثنائي…».

 

في خطبة الفطر سار المفتي الجعفري الممتاز في الخط اياه مضيفاً: «ان صيغة النظام الطائفي التي اسس لها الانتداب الفرنسي «يجب استئصالها» لصالح دولة المواطنة والوطن، وهذا أكبر مطالب الله».

 

والله، في خطبة قبلان، يرى «الاستحقاق الانتخابي عبادة كبرى وفريضة دينية حاسمة والتردد ممنوع بل حرام، والورقة البيضاء حرام، ومن يعتزل المعركة الانتخابية انما يعتزل أكبر فرائض الله» الخ.

 

المفتي قبلان صريح وتغييري في آن. هو باسم الله تعالى يطلب التصويت للثنائي لاستئصال النظام الطائفي تلبية «لأكبر مطالب الله» ومن ثم بناء دولة «الوطن والمواطنة» على يد الثنائي.

 

الأهم في الخطبة صراحتها. نحن امام موقع ديني يُفتي في اللوائح باسم القدير، وغيره ايضاً يمكن أن يسلك المنحى نفسه فيختلف ابناء الله على الارض أملاً بنواب أفضل في السماء.

 

ليس المفتي وحيداً بين رجال الدين ممن يهتمون بالانتخابات والاجتهادات في هذا المجال تتنوع. في الجنوب نصح مفتي النبطية الشيخ عبد الحسين صادق بالانتخاب «للصالح العام لا كمأخوذين بالوعود الرنانة». وفي صيدا دعا المفتي محمد عسيران الى «ابعاد السياسة عن التقوقع». وقبلهم جميعاً وقف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في وجه دعوة اكبر زعماء الطائفة السنية الى عدم المشاركة وحضّ على الانخراط في الانتخابات ترشحاً وانتخاباً.

 

لدى المسيحيين والدروز أيضاً كان الخطاب موحداً في التنبيه الى أهمية الانتخابات، لكن أحداً من السادة المطارنة والمشايخ لم يُفتِ بأن لائحته هي اللائحة الربانية الموصى بها وعلى يدها وحدها سيتم الخلاص.

 

ما يذهب اليه سماحة المفتي يلغي حق عشرات المرشحين الشيعة في مختلف الدوائر في الترشح والفوز، ويضعهم في خانة التصنيفات «الثنائية» السائدة والجاهزة، بين عمالة لسفارات (ليس كلها) والتحاق بالامبرياليات (ليس كلها ايضاً)، ثم الذهاب الى استفتاء وتقديم البيعة والطاعة.

 

كان من الأفضل لصاحب السماحة الاكتفاء بشرح اهمية تحكيم العقل والانتخاب، أو الذهاب مباشرة الى الترشح واستعمال كافة ادوات المعركة الديمقراطية المفترضة لتأمين انتصاره وكسب الناس الى صفه، أما ذهابه في ما ذهب اليه فقد جعله طرفاً حزبياً في معركة تكثر الاسئلة حول معناها بعد انهيار مديد كان الثنائي المطلوب تأليهه في صلب صانعيه.