بين قسم اليمين والتأكد من الهويات والإلتزام مع مرشحين آخرين
على قول أحد الأشخاص في عكار يسير العديد من الناخبين في مناطق لبنان كافة. لقد قال بأنه «على قناعة تامة بأن المرشّحين لن يغيّروا شيئاً وكل وعودهم قبل الإنتخابات ستنتسى بعد الإنتخابات كما فعل غيرهم تماماً. لذلك فإن من الأفضل أن نأخذ منهم المال ونفكّر لاحقاً هل ننتخبهم أم لا ننتخبهم». مع دخول لبنان في مرحلة الصمت الإنتخابي إيذاناً ببدء عملية الإقتراع بجولتها الأولى عند المغتربين في الخارج، توقّف النشاط الإعلامي للمرشّحين وسكتوا عن الكلام السياسي والإنتخابي المباح، لاستكمال عملية تأمين الأصوات وجذب المفاتيح الإنتخابية بأساليب شتى منها المباح ومنها ما هو غير مباح.
الصمت عن الكلام السياسي والإعلام الدعائي لا يعني بطبيعة الأحوال استراحة لدى المرشّحين وماكيناتهم الإنتخابية مطلقاً. إذ لا استراحة عند هؤلاء قبل السادس عشر من الجاري. الوقت الفاصل عن الخامس عشر من أيار هو وقت كسب الأصوات، وتأمين المفاتيح، والإجتهاد من دون كسل للوصول إلى الحاصل الإنتخابي.
في دائرة الشمال الأولى – عكّار، يطبّق المرشّحون الصمت الإنتخابي منذ البداية. كلّ مرشّح يعمل على نفسه بنفسه، يتمنى أن يصل هو من اللائحة. هذه طبيعة القانون الإنتخابي، وكل مرشّح يبحث عن الصوت التفضيلي لنفسه بنفسه. يتمنّع المرشّحون بأغلبيتهم عن نشر أخبار زياراتهم وجولاتهم على المواطنين خوفاً من أن يقوم مرشّحون آخرون باجتذابهم إليهم. إلى جانب الجولات الإنتخابية مكتومة التصريحات والإعلان تنشط اتصالات المرشّحين بالأشخاص والمفاتيح واحداً واحداً لكنهم يحيطون تلك الإتصالات أو اللقاءات بسرّية تامة. مفاتيح جديدة طرأت على الساحة الإنتخابية هذه المرة لم تكن معروفة في الإنتخابات السابقة، تطلق على المفاتيح الإنتخابية القديمة لقب (مفاتيح صدئة). تقول هذه المفاتيح للمرشحين بأنها هي من تملك الشارع والأرض فدور القديم قد ولّى. لكنّ المرشحين وماكيناتهم هذه المرة باتوا أكثر خبرة وشيطنة في التعامل مع هذه الحالات والظواهر. لم يعد هناك مرشح يدفع أموالاً للأصوات التي يمتلكها المفتاح الإنتخابي مسبقاً، كأن يعرضها عليه على ورقة. يطالب المرشّح هذه المرة إلى جانب الأسماء التأكّد من أن هذه الأسماء بحوزتها تذاكر هويات أو جوازات سفر لاستعمالها في يوم التصويت. ثم تقوم الماكينات الخاصة للمرشّحين بعد ذلك بالتأكد ما إذا كان هذا المفتاح الإنتخابي وأصواته مرتبطين بماكينة مرشّح آخر وسجّلوا أسماءهم لديها أم لا. كما يعمد بعض المرشحين إلى الطلب من المفاتيح الإنتخابية قسم اليمين على أنهم سيضمنون تصويت هذه الأسماء إلى جانب المرشّح الذي اتفقوا معه.
بحسب ما يتردّد، تتراوح المبالغ المدفوعة أو المرصودة حتى الآن ما بين مليون ونصف ومليونين ونصف ليرة لبنانية لكل صوت، هذا على الصعيد الشعبي. أما على صعيد المندوبين فإن الماكينات تخصص للمندوب الثابت مئة دولار أميركي وللمندوب المتجول مليوني ليرة لبنانية. ويبدو وكأن هناك شبه اتفاق بين الماكينات على هذه الأرقام لأن ماكينة كل مرشح تسأل عن ماكينات المرشحين الآخرين والمبالغ التي سيتم رصدها. فإذا كان هناك مفتاح إنتخابي يملك 50 صوتاً فإنه سيحصل على مبلغ 5000 دولار أميركي ليضمن انتخابهم إلى جانب مبلغ بين 1000 و 2000 لهذا المفتاح، وقد يزيد الرقم أو ينقص بحسب ما يملك كل مفتاح من أصوات.
تجدر الإشارة إلى أن بعض المفاتيح الإنتخابية قامت بالتشبيك لدى ماكينة معينة على سعر 100$ للصوت الواحد، ولكنها تُجري في نفس الوقت مفاوضات مع ماكينات أخرى للحصول على عمولة شخصية أعلى.