Site icon IMLebanon

إنتخابات ليست كالإنتخابات

 

ما بين الصَمْتَين الانتخابيّين علينا أن نسترجع شريط الأحداث كي لا نَصمُت في 15 أيار.

 

15 أيار 2022 سيذكُرُها التاريخ من ضمن المفاصل الأساسيّة في تكوين المشهد المستقبلي للبنان. فنحن ذاهبون حتماً وحكماً الى مرحلة جديدة سيتحدّد اتجاهها بشكل أساسيّ بعد اعلان النتائج.

 

فالقوة الحاكمة التي تَستَمِدّ قُوَّتها وقُوْتَها وسلاحها ومالها ورواتبها وتدريباتها من إيران، وتُعلن أنّها جزء من ثقافتها، مؤمنة بعقيدتها وتأتمر بقائدها، وتُعلِن أنَّ رغباته وتمنياته وإيحاءاته أعلى من الدستور اللبناني، كما تتباهى إيران من ناحية أخرى أنها تُسيطر على أربع عواصم عربيّة من ضمنها بيروت، وأنّ «حزب الله» من أقوى جيوشها الخارجية، هذه القوة الحاكمة وجدت أغْطِية لها في الداخل اللبناني تَغَطّت بها شرعيّاً ودستوريّاً عنيت بها خاصّة رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة الذي يدافع عن سلاح «حزب الله» في كلّ المحافل الدولية، آخرها في روما والفاتيكان، وكذلك رئيس التيّار الحرّ النائب جبران باسيل الذي بلغت به «الوقاحة الوطنية» حدّ اعتباره أن سلاح «حزب الله» يحمي الدولة اللبنانيّة. هذا الكلام الخطير جدّاً، لم تجرؤ حتى قيادات «حزب الله» على البوح به.

 

فتخيّلوا للحظةٍ لو اقترعتم لهذا المحور في 15 أيار ماذا ستكون النتيجة؟

 

ستقف القيادة الإيرانية مزهوّةً مُصَرِّحةً على رؤوس الأشهاد، «…وبعدما سيطرنا على بيروت وعلى مجلسها النيابي على حين غُرّة في العام 2018 وحصلنا على 74 نائباً، ها هو الشعب اللبناني يُعلِن اليوم أنّه اختار الاندماج بمحورنا وثقافتنا وعقيدتنا بكل ديمقراطية وبكلّ طيبة خاطر وبكلّ اختيار حرّ،

 

فارحلوا يا كلّ الدول المُتَعاطية في الشأن اللبناني، فلبنان صار إيران بإرادة شعبه».

 

بالتأكيد هذا الوصف ليس فيه أيّة مبالغة.

 

عدا عن خطورة اختفاء الهويّة اللبنانيّة والكيان اللبناني، فإنّنا نسأل كلّ من سيقترع لهذا المحور، هل من خلال استمرار هذا العهد سنوات أخرى ستشعشع الكهرباء وتتوافر المياه وتعود الودائع ويتوقف التهريب وتُضبط الحدود السائبة والمرافئ والمرافق ويَنْمو الاقتصاد، ونعرف من فجّر المرفأ ودمّر بيروت ويستقلّ القضاء ويعود الأطباء والممرضون والنُخب والمهارات والسياح والاستثمارات ويتوفّر الدواء وتنهض المستشفيات والجامعات والمؤسسات الصناعيّة والتجاريّة والسياحيّة ويعود الفنّ والمسرح والثقافة؟

 

هل بإعطاء الشرعيّة للحاكم الفعلي الذي يتلقى أوامره من الخارج والتجديد لأدواته الذين يسمّيهم تمويهاً حلفاءه، هل بالتجديد لهم نصل الى الجنّة أم سَنُكْمِل انحداراً في جهنّم؟ إلّا إذا كان المطلوب أن نموت لنَصعَد بعدها الى الجنّة.

 

في ثلاثينات القرن الماضي، انقسم المسيحيّون بين وجهتي نظر قادهما رجلان تاريخيّان، الرئيسان بشارة الخوري وإميل إدّه. الأول مع حلفاء وداعمين له، نادى بالاستقلال التام والناجز والنهائي عن فرنسا وعن باقي الدول، عربيّة كانت ام غير عربيّة. الثاني ومعه حلفاء وداعمون له، حذّر من مَغَبَّة قَطعِ حبل السرّة مع فرنسا لما له من أضرار على لبنان في منطقة تعيش على خطّ زلازل وحروب وصراعات دائمة طائفيّة وغير طائفيّة. انتصر الخط الاستقلالي في حينها. اترك للقرّاء أن يَتَبَيَّنوا من كان على صواب، إنّما هذا ليس هدف النصّ. نتوجّه اليوم، الى المسيحيّين المُصرّين على الاندماج في المحور الإيراني عن قناعة او عن أهداف سلطوية، ماذا سيقول عنكم إميل اده من قبره؟ رفضتم فرنسا منذ اكثر من ثمانين سنة واليوم تلهثون للاندماج بإيران؟

 

الى أحبّائنا وشركائنا في الوطن من غير المسيحيّين، لبنان لنا جميعاً، كلّنا مؤتمنون عليه، شيعة ودروزاً وخاصّة سُنّة. هكذا نادى الإمام المُغيّب موسى الصدر والسيّد محمد حسين فضل لله والشيخ محمد مهدي شمس الدين والمفتي الشهيد حسن خالد ومشايخ العقل مع البطاركة والأساقفة والقيادات الوطنيُة اللبنانيّة التاريخيّة.

 

نحن لا نخاصم أحداً، لا نطلب معاداة ولا محاربة أحد. لبنان الدور والرسالة والازدهار أمانة في أعناقنا جميعاً. نحن موزاييك فريد من نوعه في العالم كلّه، والكلّ يَحسُدُنا على عَيشِنا المشترك، فلنحافظ على وطننا وعلى بعضنا البعض متكاتفين متضامنين، إخوة حقيقيّين منفتحين على كل دول العالم من إيران والصين وروسيا وصولاً الى اوروبا واميركا وجميع البلدان لما فيه مصلحة شعبنا ووطننا الحبيب لبنان.

 

لا تقبلوا أن نكون الحلقة التي تنكسر فَتَلْعَنُنَا الأجيال القادمة.

 

فلنحمِ لبنان بمُهَجِ العين. فلنقترع، لنقترع للبنان ولننتخب صح.