ليس الموضوع هنا تفاؤلاً أو تشاؤماً، بل الحقيقة انه طالما يوجد سلاح فلن تكون هناك أي أهمية لهذه العملية الانتخابية.
صحيح ان اللبنانيين الذين يتواجدون في جميع أنحاء العالم، والذين يبلغ عددهم حسب الإحصائيات 16 مليوناً ليسوا بالمشكلة، لكن المشكلة هي ان أكثر من نصف هذا العدد لم تعد له أية علاقة بلبنان، والبعض ذهب الى حد تغيير اسمه وديانته.
على كل حال، العدد الحقيقي قليل جداً، ولغاية اليوم لم يتبيّـن أي رقم حقيقي لأعداد هؤلاء اللبنانيين.
إنّ الذي تقدّم بهذا الاقتراح، أي تصويت اللبنانيين في الخارج وهم الذين هربوا من لبنان، قد ندم على اقتراحه لأنّ السحر كما يبدو انقلب على الساحر، والساحر هنا هو صهر فخامته. لقد استغلّ وزارة الخارجية يوم كان وزيراً لها حيث قضى معظم وقته مسافراً في بلاد العالم… إذ لم يترك قرية صغيرة أو كبيرة إلاّ وقصدها. كان يظن أنّ هذه الفكرة العظيمة ستعوّض له خسارته مرتين في الانتخابات… كما ظنّ انه ومن خلال سفراته حقق إنجازات عظيمة وحصد شعبية كبيرة.
ويبدو ان السحر انقلب على الساحر كما ذكرنا، لأنّ أمره انفضح انفضاحاً ليس له مثيل، خاصة وأنه فشل فشلاً ذريعاً في الحكم في كل الوزارات التي تولاّها… إذ يكفي الـ65 مليار دولار التي أهدرها في وزارة الطاقة، والمصيبة الأكبر، أنه لا يوجد أي أمل في عودة التيار الكهربائي في عهد فاشل ومجموعة سياسية أفشل. بالتأكيد هناك حلول ولكن للأسف يبدو ان الذين يظنون ان هذه الانتخابات سوف تحلّ كل المشاكل هم واهمون، ونقول لهم «بالعربي الفصيح»: طالما هناك سلاح غير شرعي لا يمكن أن يحدث أي تغيير…
الفرق الوحيد أنّ المقترعين اللبنانيين في الخارج يقولون الحق، ويقولون ما يؤمنون به، فلا سلاح يقيّد حركتهم، ولا سلاح يهدّد حياتهم. إنّ صاحب هذا العهد تسبّب بهجرة اللبنانيين بالجملة.. يوم كان رئيساً للحكومة العسكرية، وقال كلاماً أعنف عندما سُئل بعد الانهيار المالي في عهد رئاسته: إلى أين نحن ذاهبون؟ فأجاب: إلى جهنم، وبسبب جهنم التي عاشها اللبنانيون بعد انفجار المرفأ.
لبنان يا جماعة بلد الشهداء… لبنان خسر أهم 3 رؤساء حكومة قتلاً بدءاً بالرئيس رياض الصلح عام 1951، والرئيس رشيد كرامي في الأول من حزيران عام 1987، والرئيس رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005.
لبنان بلد خسر أكثر من رئيس جمهورية اغتيالاً، خسر الرئيس بشير الجميّل في 14 أيلول عام 1982، والرئيس رينيه معوّض في 22 تشرين الثاني عام 1989.
ويعجبني قول أحد كبار الصحافيين حين قال: هل يُعقل أن يموت نسيب لحود وجان عبيد ويأتي الجنرال عون رئيس جمهورية للبنان؟
كثير من الناس لا يزالون لا يصدّقون أنّ فخامته أصبح رئيس جمهورية… خاصة اولئك الذين يعرفون تاريخه، ويعرفون ماذا فعل بين عامي 1989 و1990 حين ترأس الحكومة العسكرية التي كلفه بها الرئيس أمين الجميّل نكاية بالسوريين.
المصيبة أنّ هذا «المعيّـن» لم يترك الكرسي إلاّ عندما شاهد طائرة «سوخوي» سورية فوق قصر بعبدا، فهرول بالبيجاما هرباً الى السفارة الفرنسية في مار تقلا.
أخيراً، أرجو أن أكون على خطأ، وأنّ هذا الاستحقاق سوف يغيّر شيئاً، والأيام المقبلة ستحمل معها الحقيقة الدامغة.