Site icon IMLebanon

نصف ساعة لبنانيّة

 

 

لا علاقة لنصف السّاعة اللبنانيّة بتلك الرّوسيّة التي أشيع أنّها قادرة على “تدمير جميع دول حلف الناتو في حال اندلعت حرب نووية” كما نقلت صحيفة بريطانية عن أحد المسؤولين الرّوس، نصف السّاعة اللبنانيّة هي تلك التي ستلي إعلان نتائج الانتخابات النيابيّة التي ستجرى يوم الأحد المقبل وهي مصيريّة في تحديد الواقع اللبناني في السّنوات المقبلة، خصوصاً أنّ كلّ الشّعارات الانتخابيّة ستنكشف أمامها، نصف ساعة ستعرّي الجميع وتضعهم أمام الحقيقة العارية!

 

ستتساقط اللّوائح ومعها مرشّحوها وسينحسر طوفان الوجوه وستنطفئ هذه العجقة البازاراتيّة وسيخمد وطيس المعمعة وسينزاح كلّ الصّخب الكلامي والمواجهات المدّعاة لنكتشف أنّنا لعبة “كلام فارغ” انخرط فيها الجميع إمعاناً في خداع اللبنانيّين بأنّ هزم مشروع حزب الله سيكون “حتماً مقضيّاً” بفوز هذا الفريق أو ذاك في وقت لا يملك فيه أحد القدرة على ذلك لأنّ الواقع اللبناني أصعب بكثير  من تغيير حرف في معادلاته المختلّة، في نصف السّاعة هذه سيكون على اللبنانيّين أن يواجهوا حقيقة أنّ التجربة مع حزب الله أفرزت واقع استطاعته أن يفرض على اللبنانيّين كلّ السياسات التي أرادها أو تعطيل البلاد حتى ينجح في فرضها، نصف ساعة ستعود كلّ الأشباح اللبنانيّة وتهجم دفعة واحدة على اللبنانيّين!

 

لحظة الحقيقة ستكون موجعة لأن المساومات والصفقات ستبدأ معها وسيدرك الجميع أنّه خاض معركة خاسرة سلفاً لأنّها لن تغيّر شيئاً حتى لو أخرجت الأكثرية النيابيّة الحاليّة من يد حزب الله وحليفه العوني هذا الرّبح الافتراضي ليس أكثر من ربح وهميّ نصف السّاعة اللبنانيّة سيكشف أنّ هذا الرّبح مجرّد لعبة ورقيّة في مواجهة معادلة يفرضها حزب الله بقوة ترسانته الحربيّة واضعاً فيها سلاحه فوق الجميع وفي وجه الجميع وهذه هي المعادلة الحقيقيّة التي تتحكّم بكل مفاصل المؤسّسات الرئاسيّة ومؤسّسات الدولة وهي التي تملك القدرة على تعطيلها جميعها ومن دون استخدام الحزب لسلاحه فكيف إذا قرّر استخدامه مع لفت الانتباه أنّ 7 أيّار كان مجرّد لعبة حتى لا نقول نزهة!

 

المأزق الحقيقي للبنان هو في وضعه السياسي الذي لطالما كان معقّداً إذ لطالما كان هناك فريق أو “طائفة” تصرّ على اختطافه رهينة أجندات لهذه الدولة أو تلك، هكذا إلى أن وصلنا إلى الأجندة الأخطر في تاريخه وفي تاريخ المنطقة عموماً لأنّها تشمل دولاً عدّة وتسعى إلى تغيير الديموغرافيا والهويّة، وسيتضح أنّ المأزق الحقيقي كان في إجراء انتخابات نيابيّة تحت وطأة سلاح يسيطر على مساحة واسعة جداً من الأرض اللبنانيّة، كم مرّة علينا أن نعيد ونزيد في القول أنّه من غير المفهوم لماذا انخرط الفرقاء في لعبة إنتخابيّة وهم مدركون أنّ أي سقف مرتفع استطاعوا تسجيله ضدّ الحزب ومشروعه سيكون انتصارا مع وقف التنفيذ بل أكثر من ذلك هو انتصار يقود إلى لحظة لا بدّ فيها من اتّخاذ قرار جدّي يفرض معادلة “لا يفلّ الحديد إلا الحديد” وأن سلاح حزب الله لا حلّ له ولا معه إلا بمواجهته دوليّاً لأنّ التّجارب السلميّة وداخليّاً لم تفلح في مواجهته منذ العام 2005 وقد أثبتت فشلها على مدى الأعوام السبعة عشر الماضية والتي تكرّست في ثلاث دورات إنتخابيّة وعبر تسويات اجتهدت جميعها في تأجيل لحظة الحقيقة وتؤخر الوصول إلى خلاصة أنّ الخلاص من سلاح حزب الله لن يتحقّق إلا بواحدة من اثنتيْن مواجهة داخلية تفجّر حرباً أهليّة سبق وخبر اللبنانيّون ويلاتها ولا يوجد عاقل يقبل بتكرار هذه التجربة الدّمويّة المجنونة أو مواجهة خارجيّة دوليّة في وجه حزب الله سيدفع ثمنها لبنان وقد يكون مفيداً القول إنّ تجربة تموز العام 2006 أسفرت عن وضع حزب الله يده على البلاد وتعطيل “الطائف” وأفضت إلى فرض اتفاق الدوحة بثلثه المعطّل وتدمير مؤسّسة مجلس الوزراء ورئاستها التي تكرّست في مواقف عدّة لا داعي لاستعادتها من جديد لأنّ أحداً لم يتعلّم منها فكرّروا نفس الأخطاء وسلّموها للحليف البرتقالي بالنيابة عن حزب الله ولا يزال ارتكاب الأخطاء مستمراً!