IMLebanon

تُرشرش

 

يعتقد أحد مرشحي السنّة عن دائرة بيروت الثانية أنه أول من ابتكر فكرة “انتخبوني وحاسبوني”، وأول من تطرّق في حملاته إلى المحاسبة، وذلك منذ المجلس التمثيلي الأول، على أيام دولة الرئيس حبيب باشا السعد، أي قبل قرن. يحاول كسر ما يضمره ناخب اليوم، أي “حاسبني وبعدين بنتخبك”.

 

ويعتقد منظرو وسائل التواصل الإجتماعي، من مرشحين لم يجدوا لائحة تتلقفهم، ومن إعلاميين يخالون انفسهم يقودون المجتمع إلى النقاوة الثورية، ومن مغرّدين سمينين من قلة الحراك المدني بأنهم سبّاقون بحضّ الناخبين على ألّا يبيعوا أصواتهم. وكأن من قرر أن يبيع صوته بورقة خضراء تفتح شرايين القلب، أو مقابل سداد أقساط أولاده المتأخرة “كتير سائل” عنكم وعن تغريداتكم وبوستاتكم وعن مارك زوكربرغ وعن ارسطو وعلم الأخلاق.

 

أسمعتم يا شباب بأغنية ترشرش؟

 

هناك مرشح جبيلي ( أ. ن) يرشرش ولا يسمع إلاّ نداء المحبة. الرجل مفطور على عمل الخير. يشقى في بلاد الحرّ كي يبورد ابناء بلدته وبلاده. قبل اسبوعين جال على مدارس القضاء وحاسب عن الأهل، وانتقل إلى قطاع آخر حيث جال على محطات البنزين وطلب من أصحابها أن يفوّلوا مجاناً للمواطنين. إذا من البديهي أن يجد المرشح (أ.ن) أحلامه وطموحاته وأمانيه مجسّدة في لائحة البرّ والإحسان والخير والحق والجمال والإعتدال. منحبّك (ف.ه. خ.)

 

هو رشرش. والفاشينيستا عمر رشرش. لم يشترِ اصواتاً. معاذ الله. إشترى مساحات إعلانية وساعات تلفزيونية، تعد نفسك بعد يوم عمل شاق بمشاهدة آخر تطورات “مرارة الحب” بعد انكشاف شخصية راكان قموش أوغلو بيطلعلك مسلسل الحرفوش. تغيّر المحطة، لديك جبران الثاني عشر أو 12 مرشحاً ينشرون جبران على جميع الأقنية العاملة في لبنان.

 

يرشرشون المال الحلال على جيوش المندوبين. خير وبركة.

 

يرشرشون القسائم الشرائية على العيل المستورة. خير وبركة.

 

يرشرشون الحب والحنان والمعنويات، فعلٌ محمود بشريطة أن تُرفق المشاعر بدعوة أربعة أشخاص لتمضية ويك أند بفقرا.

 

لم تبقَ سوى خطوات قليلة للوصول إلى صندوق الإقتراع. لا تتحرك أيها الناخب من بيتك. سيأتيك من يقلك إلى مركز الإقتراع. ويلقي عليك في خلال الطريق عظة سياسية، يروّقك على الطريق كنافة بجبن. ويوصي لك على صدر شهي. صدر كنافة لمن مرّ في ذهنه صدر آخر. رشة قطر ورشة ماء الزهر تنعش الصدر. يوصلك غوبلز إلى مركز الإقتراع. يسلمك إلى مرشد تقني. يتلو عليك التعليمات. تؤدي واجبك. يعيدك إلى السائق المبرمج. يعتذر من إصبعك: يا ريت يا إستاذ بقدر أبصم عنك.

 

وقد يدس في جيبك شيئاً أخضر أو لا. لا تنتفض. مش كل يوم كنافة ودولارات تُرشرش على موسيقى أغنية رش رش ترشرش / بالشمطري وتبشبش…هش هش تنبش / تتعبن لون تنبش.