IMLebanon

كيف تذهب التشكيلات الإنتخابيّة الى صناديق الاقتراع يوم الأحد؟

الثنائي والتيار لتجديد الأغلبية.. التحالف الثلاثي مهزوز سنيّاً.. و«التغيير» لزيادة الخرق

 

كيف تذهب القوى السياسية بتشكيلاتها الى المنازلة الانتخابية الكبرى بعد غد الأحد؟

 

يبدو المشهد الانتخابي عشية فتح الصناديق في لبنان أكثر وضوحاً من المشهد الضبابي الذي كان مخيماً قبل تشكيل اللوائح المتنافسة في كل الدوائر.

 

ووفقاً لقراءة هذا المشهد بتفصيلاته وتعقيداته، تبرز ثلاثة تشكيلات سياسية متنافسة تصارع على كسب اكبر عدد من المقاعد النيابية في البرلمان الجديد:

 

1ـ التشكيل الانتخابي الاول يتكوّن من ثنائي «حركة أمل» وحزب الله والتيار الوطني الحر وباقي الاحزاب والقوى الحليفة. فبعد مرحلة الارباك التي سادت قبل تشكيل اللوائح نجح حزب الله في نسج وانجاز تحالف انتخابي موحد، وتمكن من جمع الخصمين اللدودين «أمل» والتيار في لوائح مشتركة في معظم الدوائر المختلطة في بعلبك ـ الهرمل، بعبدا، البقاع الغربي، بيروت الثانية، والجنوب باستثناء دائرة صيدا ـ جزين.

 

ويأمل التشكيل الانتخابي في تحقيق نتائج جيدة تضمن له المحافظة على الأغلبية في المجلس النيابي الجديد، معتمدا على جملة عناصر ابرزها قوّة الثنائي في الدوائر ذات الغالبية الشيعية او تلك التي فيها دور مؤثر وفاعل للناخب الشيعي.

 

ويبدو من الرصد والاحصاء ان ثنائي «أمل» وحزب الله يتجه بقوة الى الفوز بكامل المقاعد الشيعية من دون اي خرق، خصوصا انه يعتمد على كتلة ناخبة شيعية كبيرة الى جانب ضعف اللوائح والقوى المنافسة في الدوائر ذات الغالبية الشيعية او ذات الوجود المؤثر للناخب الشيعي.

 

اما على صعيد التيار الوطني الحر، فان الضغوط التي يتعرض لها منذ بدء الأزمة والتراجع النسبي في شعبيته، يرجحان خسارته لبعض المقاعد في الدوائر ذات الغالبية المسيحية، ويسعى بتحالفه مع الثنائي الشيعي الى التعويض عن بعض هذه الخسارة المتوقعة بكسب مقاعد جديدة لمصلحته في بعلبك ـ الهرمل والبقاع الغربي والجنوب.

 

وبالنسبة لباقي الحلفاء، فان «اللقاء التشاوري» السني في وضع جيد يمكنه المحافظة على رصيده النيابي وامكان زيادتها، خصوصاً في ضوء التطورات المتعلقة بالمسار الانتخابي على الساحة السنيّة بعد انسحاب الرئيس الحريري وتياره من المعركة الانتخابية.

 

ويواجه «المردة» والحزب «السوري القومي الاجتماعي» وضعا دقيقا نتيجة انقسام «القومي» ترشيحا وانتخاباً، الأمر الذي يهدد مقعده في الكورة، ويقلق «المردة» على مصير مقعده في الدائرة نفسها.

 

2ـ بالنسبة للتشكيل الانتخابي الثاني الذي يجمع تحالف «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» والرئيس فؤاد السنيورة وبعض المتمرّدين على قرار الحريري، فان الجهود التي بذلت لتمتين وتحسين وضع هذا التشكيل لم تحقق نجاحاً كبيراً، بسبب صمود الحريري في وجه الضغوط الكبيرة التي تعرض ويتعرض لها، واستنكاف جزء كبير من جمهوره عن المشاركة في الانتخابات.

 

ورغم ما بذل من جهد لتعميم هذا التحالف، فان دائرة البقاع الغربي استعصت على محاولات اشراك «القوات» في لائحة النائب محمد القرعاوي بسبب رفضه القاطع لانضمامها الى اللائحة التي تقتصر على تحالفه مع «التقدمي الاشتراكي» ومستقلين.

 

وبعد عودة السفير السعودي وليد البخاري الى لبنان، تلقى هذا التشكيل الانتخابي جرعة دعم اضافية مباشرة، حيث نشط السفير البخاري لتأمين او زيادة نسبة الناخبين السنّة وكسر قرار الحريري، معتمدا على اللقاءات والزيارات التي قام بها بعض المرشحين المتمرّدين على قرار رئيس «تيار المستقبل» او مشاركته في بعض الاحتفالات السياسية ذات الطابع الانتخابي مثل احتفال الحزب «التقدمي الاشتراكي» في الشوف او تواصله مع رئيس حزب «القوات» سمير جعجع والسنيورة.

 

وقبل ايام قليلة من موعد الاستحقاق الانتخابي، رفع السفير السعودي من وتيرة حركته الداعمة لهذا التشكيل، خصوصا بعد ان تبيّن ان نسبة المقترعين السنّة في الانتخابات الاغترابية لم تكن مرتفعة كما حصل بالنسبة للمقترعين المسيحيين، وان اغلبية واضحة من المغتربين صوّتوا لمصلحة «قوى التغيير» بالوانها المختلفة.

 

وتقول مصادر مطلعة في هذا المجال، ان السعودية تدعم التشكيل الانتخابي الثلاثي ل «القوات» و»الاشتراكي» والسنيورة، لكنها لا تبدي انزعاجها في الوقت نفسه من تقدم قوى تنضوي تحت لواء «التغيير»، طالما انها لا تصب في مصلحة حزب الله وحلفائه.

 

وفي الاطار نفسه، اجتهد البطريرك الراعي مؤخراً مطلقا مواقف اكثر وضوحاً ضد حزب الله والتيار الوطني الحر ضمناً، الامر الذي يعتبر انحيازا صريحا لمصلحة منافسيهما ، وفي الدرجة الاولى «القوات» التي تضع نفسها على رأس جبهة المعارضة النيابية في المجلس الجديد. ولا تخفي قوى مسيحية اخرى معارضة، مثل حزب «الكتائب»، نوعا من الانزعاج بسبب الايحاء بأن البطريرك الماروني يعوّل بالدرجة الاولى على دور «القوات» في الانتخابات. لكن بكركي تحاول ان تظهر نفسها على مسافة واحدة من القوى والمرشحين المسيحيين ما عدا التيار الوطني الذي تتحفظ عن تحالفه مع حزب الله.

 

3ـ اما التشكيل الانتخابي الثالث، فيتكون من قوى ومجموعات «التغيير» بكل اصنافها والوانها السياسية. ولعلّ ابرز نقاط الضعف لهذا التشكيل، هو تعدد وتشتت لوائحه التي تتنافس فيما بينها في معظم الدوائر، الامر الذي يرجح ان الخروقات التي ستحدثها ستكون محدودة.

 

ومما لا شك فيه، ان انتخابات المغتربين اظهرت بوضوح رجحان كفّة التصويت لمصلحة لوائح «قوى التغيير»، لكن هذا التقدم في بلدان الانتشار لا يتوقع ان يترجم بنسبة مماثلة في انتخابات المقيمين لاسباب عديدة ابرزها كثرة وتعدد لوائحها، بالاضافة الى قوة الماكينات الانتخابية للاحزاب التقليدية وقدرتها على التأثير المباشر في الناخبين، وتمتعها بخزان انتخابي كبير، أكان على صعيد ثنائي «أمل» وحزب الله ام على صعيد باقي القوى من «تيار وطني حر» و «قوات» و «اشتراكي».

 

وتقول المصادر المطلعة ان «حركة امل» نجحت في تأمين اصوات كثيفة في بعض بلدان الاغتراب مثل المانيا وافريقيا للوائح الثنائي، بينما غاب النشاط العلني لحزب الله في هذه البلدان بسبب الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها في الخارج.

 

وتضيف المصادر أن «القوات» نجحت نسبيا في كسب كمية لا بأس بها من اصوات المسيحيين في الانتشار، لكن ليس بالقدر الذي كانت تتمناه نظراً لذهاب نسبة كبيرة من اصوات المسيحيين «لقوى التغيير».

 

اما التيار الوطني الحر فبدا ضعيفا في بلدان الانتشار، لا سيما في اوستراليا والدول العربية، ويسعى الى التعويض عن هذا الامر بزيادة تحشيد جمهوره وانصاره في الدوائر المسيحية في لبنان التي ما يزال يتمتع فيها بحضور جيد.

 

وحسب المصادر، فان «قوى التغيير» خسرت ايضا جزءا من رصيدها الانتخابي بسبب اصطياد احزاب وشخصيات تقليدية لبعض مرشحيها وجمهورها، من خلال تشكيل لوائح حزبية ترفع شعاراتها مثل لوائح حزب «الكتائب» المتحالف مع نواب وشخصيات تقليدية، او بعض اللوائح في زحلة وبعبدا.

 

ويمكن الاستخلاص أن التشكيل الانتخابي للثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر والحلفاء يتوجه الى المعركة الفاصلة بعد غد الأحد، بوضع اكثر تماسكا من حلف «القوات» ـ «الاشتراكي» ـ السنيورة الذي يعاني من ارباك وضعف للحليف السني الذي لم ينجح في امتحان ملء فراغ الحريري.

 

اما التشكيل الثالث ، فانه يفتقد وحدة الموقف، ويفتقر الى البرنامج الموحد الذي يضمن تأطيره في كتلة نيابية قوية في البرلمان الجديد، لكن «قوى التغيير» تعول على الافادة من تجربة الاغتراب، وتعمل على زيادة تنظيم ماكيناتها في انتخابات الاحد لاحداث خروقات في اكثر من دائرة.