IMLebanon

الانتخابات الطائفية استبدادية غير ديموقراطية

 

لا احد يستطيع ان يقول ما يجب ان يقال بعد انتهاء العملية الانتخابية وما سبقها وما رافقها وما تبعها من سلوكيات وانتهاكات ومطالعات وندوات وخطابات واستعراضات وتحليلات وتقييمات ومهارات وشطارات وشعارات وعرض عضلات، لأن مواجهة كل تلك التقلبات والبهلوانيات تحتاج الى شجاعة وطنية استثنائية كتلك التى تحلى بها كبار القادة العظام او المفكرين الكبار او الثوار الانقياء، الذين ادركوا ان سلامة الاوطان تحتاج الى ارادات صلبة وقدرات استشرافية ونفوس متفانية قادرة على التضحيات وتقديم المصالح الوطنية المصيرية على المصالح الشخصية الآنية ، وهذه المواصفات الانسانية الاستثنائية اللبنانية غير متوفرة في هذه الظروف البالغة الدقة والخطورة والعدمية التي تحيط بالعملية الانتخابية، نتيجة دخول معظم المكونات الطائفية مرحلة من الغيبوبة السياسية والانسلاخ عن الواقع والتمادي في صناعة المعارك والانتصارات الوهمية، مما يجعلنا نستحضر كل تلك السنوات العجاف حين توهم قادة المكونات الطائفية الواحدة تلو الاخرى بانهم شركاء مع كبار المنطقة والعالم في صناعة السياسات وغامروا بالسكينة الوطنية وبمستقبل الاجيال قبل ان يكتشفوا بعد فوات الأوان بانهم ادوات صغار في حروب وصراعات الكبار.

مقلق الحديث عن الانتصارات الانتخابية وعن الاحجام الكمية والعددية والخصوصيات الميثاقية والمعايير الاخلاقية والاتهامات التخوينية والتمويلات الخارجية والاختلال بالمعايير السيادية وتجاهل الحقائق الوجودية والمعيشية وتحديات انهيار مؤسسات الدولة العسكرية والامنية والتربوية، وتجاهل مآسي اللبنانيين الذين فقدوا كل مدخراتهم ومداخيلهم ودخلوا في طور من المجاعة والهجرة والاستعطاف والبحث عن رغيف خبز على ارصفة المنظمات الدولية او عن نقطة ضوء متواضعة تنير طريق الاجيال الصاعدة نحو الامل والرجاء وتحررهم من الاستتباع المذهبي والقبلي ومن العبودية الطائفية وغرائز قادتها السلطوية الرئاسية والوزارية والنيابية والادارية والتي تذكرنا بوحشية العنف الاهلي المسلح يوم قتل الاخ اخاه من ابناء الطوائف اللبنانية والتي لا تزال تخوض الانتخابات باوهام القدرة على التحكم بالاعراف الميثاقية على حساب مكونات ميثاقية كبيرة عميقة التداخل والتواصل مع كافة المكونات الوطنية في محاولة لتجريد تلك المكونات من ودورها الجامع و الحاضن وتحويلها من حالة وجدانية عميقة الى مجرد ذاكرة وهمية.

الحرب الاهلية .. تعبير اصبح شديد التكرار بعد شيوع التعمية العبثية وتغيير الحقائق والوقائع وتجاهل حقيقة التداخلات الخارجية في العملية الانتخابية في محاولة لتجاوز حقيقة تداخل الواقع الشديد المرارة ومع الجوار المضطرب السوري والاسرائيلي، بالاضافة الى ما تشهده المنطقة من ارتباك وتقلبات منذ اندلاع المواجهة العالمية في اوكرانيا والتي جعلت العالم في حالة استنفار شديد من اجل تجديد وتعزيز التحالفات ومواجهة مخاطر انهيار الأمن الاجتماعي والاقتصادي ، وعودة الحديث عن الحرب الاهلية في لبنان يأتي نتيجة الكدمات والجراح والاوجاع والمهانات وتعاظم حالات القلق والخوف والاكتئاب التي تسببت بها الانتخابات النيابية عبر سوء استخدام اوجاع الناس وممارسة عمليات الاغتصاب السياسي بدون خجل او حياء، والتمادي في العنف السياسي والاعلامي والاستثمار باليأس والخوف مع الكثير من العبث والتهور في استخدام ادوات الانتقام والتعطيل وتدمير كل ما تبقى من اسباب محاولة تجديد التجربة الوطنية اللبنانية عبر تجاوز لوثة الطائفية السياسية البغضاء، والتي كلما تجاوزها اللبنانيين نجحوا في ولوج طريق بناء دولة المواطنة والحريات السياسية والفردية، وكلما عادت اعراض وباء الطائفية السياسية والمذهبية علينا ان نقول على لبنان الوحدة الوطنية السلام، مما يجعلنا نجزم بأن الانتخابات الطائفية هي عملية استبدادية غير ديموقراطية .