صمد مجلس نواب 2018 طوال الفترة الماضية ولم يتزحزح على رغم النقمة الشعبية العارمة التي ظن البعض أنها ستطيح الجميع لحظة 17 تشرين، ويستمر عاطلاً عن العمل حتى في أشهره الأخيرة على رغم أهمية الملفات المطروحة والتي تهمّ الناس.
لا يزال لبنان يتمسّك بنظامه البرلماني، لكن هذا النظام مُغلّف بقماش طائفي ومذهبي من الصعب إختراقه، لذلك فان كل الحديث عن تغيير يجب أن يبدأ من ذهنية الناس التي ستصوت في أيار المقبل.
إجتاز مجلس 2018 كل الصعوبات، وهو الذي حولته الإنتخابات الأخيرة إلى مجلس يتحكّم فيه 6 رؤوس كبيرة، وأقل ما يوصف به هو أنه كان كسولاً وعاطلاً عن العمل ولم يواكب التطورات. لم يكن قد مضى إلا سنة و5 اشهر على إنتخابات 2018 حتى إندلعت إنتفاضة 17 تشرين 2019، تلك الإنتفاضة كان هدفها إسقاط كل المنظومة الحاكمة تحت شعار “كلن يعني كلن”، لكن الحقيقة المُرّة أن أحداً لم يتزحزح عن كرسيه، فتدهور الوضع بسرعة جنونية ودخلنا جهنم.
ومن هذا المنطلق، فان مجلس 2018 كمن ولد ميتاً، فلم يواكب تطورات المرحلة ولم يحاسب الطبقة السياسية، صحيح أن هناك 8 نواب إستقالوا، لكن الأساس بقي ولم تستطع الثورة إسقاط الحصن الذي تتحصن به الطبقة السياسية.
ولكي لا يُعمم الظلم، هناك نواب حاولوا تسجيل خرق ما، لكن العدد الاكبر ممن يفترض أن يكونوا الممثلين للشعب كانوا غائبين عن الساحة، حتى انهم لا يدرون ماذا يفعلون.
وسرقت شرطة مجلس النواب الأضواء أكثر من النواب انفسهم، فهذا الفصيل الأمني كان عمله الاساس يتركّز على قمع الثوار و”قبع أعينهم” والعمل كميليشيا تابعة لحركة “أمل” وليس كجهاز أمني تابع للدولة.
وبدل ان يكون المجلس الذي نزح إلى قصر الاونيسكو العين الساهرة على العدالة، فان رئيس مجلس النواب نبيه بري بالتعاون مع “حزب الله” و”المستقبل” و”المردة” حاولوا الإلتفاف على العدالة عبر التخريب على عمل القاضي طارق البيطار، والنقطة السوداء تكمن في وجود عدد من النواب فارين من وجه العدالة ويرفضون المثول امام القاضي.
إذاً، لا تشريع مهم، لا عدالة ومواجهة للشعب، هذه هي حال المجلس الحالي الذي بات يعد اشهره الاخيرة في إنتظار إجراء الإنتخابات المقبلة وصدور النتائج.
وإذا كان المجلس لا يعمل وهناك ضغط دولي لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها، إلا أن هناك عدداً من القوى تعمل على تطيير الإنتخابات تحت حجة الظروف القاهرة، علماً أن العراق أجرى إنتخاباته تحت القصف وهول التفجير، لذلك فان كل المحاولات لتطيير الإنتخابات ستصطدم بأمر واقع وهو ان المجتمع الدولي وبعض قوى الداخل ونبض الشارع يرفضون التأجيل. وإذا كانت هناك محاولات تجري من أجل العرقلة من باب تعديل القانون، فهناك إتفاق على عدم المس بجوهر القانون الحالي ولا مانع من إدخال بعض التعديلات التقنية عليه.
وأمام كل هذه الوقائع، فان الانتخابات تبدو انها باتت حتمية ولا يمكن تجاوزها حتى لو حصل زلزال سياسي او أمني كبير، في حين أن التغيير بيد الشعب والصندوق هو من يحدد مستقبل البلاد.