Site icon IMLebanon

إلى فترة انتقالية من أربعة أشهر تُجرى بعدها الإنتخابات

 

ما يحصل في لبنان لم يرَ أي بلد مثله من بلدان العالم…

 

لهذا فإن فرقة الطبقة المتسلطة والتي تنصب وتنهب وتتفرج على المآسي التي يعانيها الناس، وكأنها تعيش في كوكب آخر، والذي ينتظرها اكثر بكثير مما عاناه مستبدو الدول الأخرى، اكثر من القذافي بكثير، وأكثر من هتلر وموسوليني بكثير، وأكثر من أوفقير بكثير وأكثر وأكثر، يا أصحاب المعالي والفخامة، قريباً سيدخلون بيوتكم وهناك تُصفّى الحسابات!

ad

 

وثمة حقائق نقف عندها في فترة الإنتظار.

 

1- شعب لبنان في طليعته شبابه فتح أفق المستقبل أمامه.

 

2- الجيش بضباطه الشباب لن يتوانى عن اداء دوره وهو يملك ميزان القوة، وهو نفسه جيش الشعب وابنه.

 

3- أزمة حكم سقط ولا يريد أن يرحل، وفي سبيل البقاء، فهو يريد- بغريزة وحش جريح- أن يتمسك بموقفه، وأن ينتقم، ولا يبالي في سبيل ذلك بأن تحدث فتنة كبرى.

 

4- في وسط الأزمة زحام من ساسة بغير سياسة، تحركهم أوهام قديمة أو أحلام مستجدة وحزب الله يحرك الجميع ويضحك عليهم!

 

5- مجلة التايم الأميركية وصفت جبران باسيل بأنه اكثر شخص مكروه في لبنان، وحسابه عسير، فتسليم حقوق المسيحيين الى شيخ ايراني يرأس ميليشيا تبييض الأموال وتهريب المخدرات، حسابه عسير، وسيرى وسنرى.

 

6- هناك في خضم هذا الزحام صفوة من الرجال والنساء لا يعرفون كيف يمكن أن يتحركوا في الأزمة، وكثيرون منهم يتحركون بقوة العاصفة ولكن دون بوصلة!!

 

7- لا يوجد من يستطيع بثقة ان يقول أنه يفهم، أو حتى يعرف ما هو المطلوب الآن، فليست هناك جهة او هيئة سياسية تحظى بقدر من الشرعية او المرجعية او المصداقية- وأولها البرلمان.

 

8-هناك عالم مهتم، ومن الصعب رد اهتمامه، لأنه موجود بالواقع وسط الأزمة، وهو يرى جيل الشباب ويستشعر ارادة الشعب، ويرى سلامة الجيش ويلمس مسؤوليته، ويرى – ايضاً- وبجلاء ان هذا النظام لم يعد يقدر على ان يتعامل مع العالم، ولا عاد العالم قادراً على أن يتعامل معه، فضلاً عن ذلك فهناك امة من المحيط للخليج تتابع وما زالت، وايديها على قلوبها داعية وراجية.

 

9- عنصر الوقت ليس مع أحد، ولكنه ضد الكل، من الأمن والاقتصاد الى السياسة والقرار، الى الأمن القومي، الى ضرورة العودة الى الأمة والعالم بعد أشهر من الفوران حتى درجة الغليان!!

 

10- عليه، فإن اصحاب الحل هذه اللحظة، شباب وجماهير شعب يعرفون ما لا يريدون، وأوله رحيل رجل واستقامة نظام، لكن هؤلاء الذين يعرفون ما لا يريدون لا بد أن تتاح لهم الفرصة، لكي يقرروا ماذا يريدون، وهم يقفون في ذلك صفّاً موازياً وليس معارضاً، لجيش وطني موجود بقيمته ومسؤوليته، وهو بفكرة الدساتير بأسرها– ومنذ ظهورها وكتابتها- حامي الشرعية الوطنية، وحامي الأمن القومي، ولا بد بين الشعب والجيش الآن من لقاء.

ad

 

لا يمكن لهذا اللقاء أن يتم الا بضمانة من الثقة، لا بد أن تتوفر، لكي يتنفس الشعب بحرية، ويلتقط انفاسه بهدوء، ويتكلم بأمان، ويقدر مسار خطاه بوعي واقتدار.

 

ان تطورات الأحوال العشرة المشار اليها اعلاه المتلاحقة اصبحت تقتضي تحولات سياسية كبرى في الفكر والفعل، وليس صيغاً وعبارات تتزيّا برداء القانون، وذلك لأسباب بدهية- بداهة طلوع الشمس وغروبها، بينها:

 

ان الدستور المعمول به الآن، والذي جرى ترقيعه، لم يعد يصلح قاعدة او سنداً لأي ترتيبات لبداية جديدة، فلا أحد يستطيع تحويل الخرق البالية الى ثوب جديد، الا اذا كنا نريد البحث عن نافذة من سجن يهرب منها المستقبل عبر الأسوار، لأن المستقبل لا يهرب من نافذة سجن، وإنما ينطلق بإزاحة كل الأسوار.

 

ان الشعب وهو مصدر الشرعية قال كلمته، وأظهر ارادته، ووضع الأساس لشرعية جديدة يمكن التعبير عنها بدستور جديد يصدر عن جمعية تأسيسية منتخبة بعد فترة انتقالية، تفتح الباب لعودة السياسة الى الوطن مرة أخرى، وتسمح لأجيال جديدة من الشبابوعقلية جديدة بأن تشارك في حوار المستقبل الذي يقيمه ويحصنه الدستور الجديد ليس في مقدور احد ان يسد ثغرة ما جرى بأي عملية «ترقيع».

 

فرئيس الدولة حامي ذلك الدستور انتهى سياسياً وعملياً.

 

والدستور نفسه مهلهل.

 

والمجلس المكلف بإعادة ترميم بعض مواده المتهالكة- هو نفسه مجلس مزور لا يمثل الا طائفة وبالكاد!

 

أقول بذلك وأنا اعرف واقدر واحترم فكرة القانون، واظنها- وقد قلت ذلك مراراً وتكراراً في كل الظروف- افضل ما أنتجه الفكر الإنساني على طول العصور، فلولا فكرة القانون ما استقر مجتمع، ولا تقدم بشر، ولا تحرك زمان، لكن الدساتير وهي القانون الأعلى في المجتمعات ليست مسألة صياغة، وانما هي مسألة ارادة- وليست مسألة نصوص وإنما مسألة قيم، وهنا فإن ارادة الشعب وقيمه هي الأصل، وليست الصياغة والنص.

 

ولنتذكر انه بمنطق الصياغة والنص في الدستور فإن كل الملايينالتي خرجت لتسقط شرعية الحكم الشخصي يُعتبرون متمردين وعصاة- يصح تأديبهم اكثر مما تصح الإستجابة لطلباتهم.

 

النص حق اذا كان تعبيراً عن حقيقة وارادة خالصة لشعب.

ad

 

والنص باطل اذا جاء ليحقق شهوة في سلطة لا أحد يعرف من اين والى اين!!

 

والنص عاجز اذا كان مجرد كلمات وجمل ومواد يكتبها المبتدئون او الراسخون في فن الصياغات.

 

ماذا عن المستقبل القريب؟

 

1- خروج الرئيس «ميشال عون» من رئاسة الدولة، وابتعاده عن الساحة، دون اضاعة فرصة او مداورة، وتعلل بالفوضى، وذلك حتى يرتفع ثقل وجوده عن المشهد كله، فاستمرار هذا الوجود تعقيد لا مبرر له، وتعطيل لما ينبغي بعده، فالشعب كله حاضر، والكنيسة مضاءة، والمسجد عامر، والشباب هناك، وأكثر من ذلك فإن ذلك الرئيس لم يعد قادراً على مواجهة طرف داخلي او خارجي، ولا قادراً لا هو ولا صهره جبران باسيل على أن يقدم اوراق اعتماده لطرف عربي او دولي يسمع له او يقبل منه غير ايران وبشار الأسد، كما أن القول بالانتظار والصبر لم يبق له مجال يحتمل الاستمرار، ولا داعي لهذا الوقوف، لأن هذا الوضع شهور من القلق والشك والتربص.

 

2- اعلان من القوات المسلحة مسؤوليتها والتزامها بحمايةالشعب والتعهد بكامل مطالبه لمدة اربعة اشهر.

 

3- اعلان فترة انتقالية كافية لحوار جاد لا يضغط عليه دستور تهاوت اسسه بتهاوي شرعية من اصدروه.

 

4- تشكيل حكومة قوية لأربعة اشهر تجري بعدها إنتخابات نزيهة تجمع هذه الحكومة بين الأفضل ممن يمكن الوثوق بهم ممن يعرفون الحقائق، الى جانب من يمكن الإطمئنان اليهم ممن يحملون نبض الأمل، فلا يمكن لصالح هذا البلد «ولا هو وقع في كل الثورات من قبل» ان يكون هناك حائط من الفولاذ بين ما كان في وطن، وما ينبغي ان يكون فيه.