بدا المشهد في البرلمان، أمس، معبّراً عن الحماسة المفرطة من أجل إجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، وتحديداً في الشهر الأول من فصل الربيع (شهر آذار)، وليس في الشهر الثالث منه (أيار)، كما كانت العادة منذ ما قبل الاستقلال حتى الانتخابات الأخيرة. ولا بأس، إذ إن خير البِرّ عاجله.
ولقد تكشّفت الجلسة عن تجاوز الأطراف المعنية حادثة الطيونة – عين الرمانة، خصوصاً من قِبَل نواب القوات اللبنانية وحركة أمل… وهذا فألُ خير على كل حال، على أمل أن يلتقي الطرفان على حلٍّ يُجنّب البلد تداعيات المجزرة، وهما اللذان التقيا على موقف موحّد من تعديل قانون الانتخاب.
معروف، في لبنان، أن قوانين الانتخاب تُوضع انطلاقاً من حسابات الربح والخسارة من قِبَل الذين في يدهم قرار الربط والحلّ. وهذا الأمر ليس حديثاً، بل هو مزمن. والرئيس المرحوم كميل شمعون عندما أراد إسقاط معارضيه من القيادات والزعامات لم يلجأ إلى التلاعب في صندوقة الاقتراع، إنما عمد إلى صياغة هادفة في قانون الانتخاب من خلال تركيب الدوائر الانتخابية، فأخرج إقليم الخرّوب من دائرة الشوف فسقط كمال جنبلاط الذي افتقد إلى الصوت السني بغياب الإقليم، وكانت الأكثرية المسيحية مع شمعون، وأيضاً كان معه قسم لا بأس به من الدروز. ويومها فاز عن المقعد الدرزي في الشوف الشيخ قحطان حماده (…).
ولكن أبرع من تلاعب بالدوائر الانتخابية هم جماعة الوصاية السورية وحلفاؤهم واتباعهم من اللبنانيين الذين لم يكونوا ليكتفوا بتنفيذ الأوامر والتعليمات، بل كثيراً ما بالغوا على غرار ذلك الذي «بالغ في الرقة حتى انفلق».
ولقد ركّبوا الدوائر بما لا يخطر في بال أحد… وكان الهدف واضحاً، يومذاك، وهو ضرب القيادات المسيحية البارزة التي كان ثلاثة من أركانها في المنفى (ميشال عون وأمين الجميّل وريمون اده) والرابع في السجن (سمير جعجع).
في أي حال نحن من المتحمّسين لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها القانوني، الدستوري. ولكننا نضع اليد على القلب خشية تطييرها لألف سبب وسبب، وهي مخاوف في محلها، لسنا نتفرد بها بل يشاركنا فيها سياسيون ورجال فكر وقانون و…