إحتلّ المشهد الأمني صدارة الأحداث، خصوصاً أن تبعات ما جرى في الطيونة لم تنته بعد وقد تُفجّر الوضع في أي لحظة.
إرتبطت أحداث الطيونة وعين الرمانة وفرن الشباك بمحاولة فريق من اللبنانيين الضغط على المحقق العدلي في قضية إنفجار مرفأ بيروت طارق البيطار وإزاحته عن الملف، وأحدثت ضخامة ما حصل صدمة عند الجميع ما دفع فريق “حزب الله” إلى مراجعة حساباته ودرس محاذير إستعمال الشارع، على رغم التهديد والتهويل والوعيد الذي أطلقه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة، مهدداً بأنه يمتلك أكثر من مئة ألف مقاتل.
وفي وقت تجري محاولات ووساطات جديّة لإعادة إطلاق عجلة مجلس الوزراء، فإن كل الإتصالات تحثّ على تفعيل العمل الوزاري لأن البلاد قادمة على كارثة إجتماعية وإقتصادية، خصوصاً بعد تخطّي سعر صفيحة البنزين عتبة الـ300 ألف ليرة لبنانية.
وإذا كان مجلس النواب قد أعطى الضوء الأخضر لإجراء الإنتخابات النيابية بدءاً من 27 آذار المقبل بموافقة أغلبية الكتل البرلمانية باستثناء كتلة رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، إلا أنّ هذا الأمر لا يعني أن موعد الإنتخابات قد حُسم، وأنه لا تجرى محاولات لنسف الإنتخابات من أساسها.
ومع إقتراب موعد توجّه اللبنانيين إلى صندوق الإقتراع، فإن منسوب التخويف والتجييش سيرتفع حكماً ما قد ينعكس على الشارع المجيّش أصلاً، وبالتالي فإن منسوب التوتير الأمني وارد في أي لحظة.
وتتخوّف القوى المعارضة من أن يلجأ “حزب الله” وحلفاؤه إلى إستعمال الشارع مجدداً من أجل إحداث خضات أمنية، وللقول إنّ الإنتخابات بهذه الأجواء مستحيل أن تُجرى.
ويعود تخوّف القوى المعارضة من هذا السيناريو لسببين أساسيين: الأول أن “حزب الله” مأزوم وفي ورطة ويفقد هيبته ونقاط قوته، وقد فرض وجوده بالقوة من خلال السيطرة على رئاسة الجمهورية والحكومات والأغلبية البرلمانية، لذلك فإنه سيفعل أي شيء للحفاظ على هيمنته.
أما السبب الثاني فهو إستشعار “الحزب” أن حليفه “التيار الوطني الحرّ” يواجه صعوبات كثيرة على الساحة المسيحية، خصوصاً مع الموجة العارمة المؤيدة لـ”القوات اللبنانية” بعد أحداث عين الرمانة، وبالتالي فإن خسارة حليفه تعني تلقائياً خسارة الغطاء المسيحي والأغلبية البرلمانية.
وأمام كل هذه الوقائع يبقى التخوّف الأمني موجوداً، في حين تؤكّد مصادر أمنية لـ”نداء الوطن” أنّ الأجهزة الأمنية تضبط الوضع بشكل كبير وعادت الأمور إلى طبيعتها في العاصمة والضواحي، لكن هذا الأمر لا يعني أن القطوع قد مرّ أو قد لا يتكرّر.
ومن جهة ثانية، تشدّد المصادر على أن الأجهزة ستفعل كل ما بوسعها من أجل تأمين سلامة الإنتخابات، وهي في جهوزية تامة على رغم كثرة الألغام، وبالتالي فإن كل الحديث عن عدم قدرة الأجهزة على حماية الإنتخابات لا يمتّ إلى الواقع بصلة، إذ إن قرار إجرائها أو تأجيلها هو عند السلطة السياسية وليس عند قادة الأجهزة.
ويبدو حتى الساعة، ان هناك ضغطاً دولياً كبيراً من أجل الإلتزام بموعد الإنتخابات النيابية، في وقت لا تستطيع قوى الداخل تأجيل هذا الموعد، خصوصاً أن القواعد الشعبية تضغط من أجل إحترام الموعد أملاً بالتغيير.