عقوبات صارمة ستطال «مُعطّلي» الإنتخابات في الداخل… «تغيير النظام يبدأ من الصناديق» –
تتزاحم الملفات الداخلية من دون التوصّل الى إيجاد حلول لها من قبل الحكومة الحالية التي علّقت عقد جلساتها حتى الآن، على خلفية أحداث الطيّونة في 14 تشرين الأول الجاري، في حين أنّ الشعب كان يُعوّل على تكثيف جلساتها لكي تتمكّن من حلّ مشاكله المتراكمة على مختلف الصعد… في الوقت الذي تصرّ فيه دول الخارج بالدرجة الأولى على ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها، لأنّه من دون هذا الإستحقاق لا يُمكن تغيير المنظومة السياسية الحالية التي تتحمّل مسؤولية وصول الوضع الإقتصادي والمالي في البلاد الى ما هو عليه اليوم من السوء والتردّي.
وتقول مصادر سياسيّة بأنّ لبنان الذي يتجه الى توقيع إتفاقية مع صندوق النقد الدولي رغم عدم اجتماع الحكومة منذ أحداث الطيّونة، سيُطلب منه إنجاز الإصلاحات المطلوبة لا سيما منها أوّلاً الإنتخابات النيابية في موعدها. فدول الخارج التي هبّت لمساعدة الشعب اللبناني الذي انتفض في 17 تشرين من العام 2019 بهدف تغيير النظام، ومن أجل إسقاط جميع السياسيين وفق شعار «كلّن يعني كلّن»، تجد بأنّها لا يُمكن أن تفعل له أي شيء ما لم يُغيّر الطبقة السياسية الحاكمة بنفسه من خلال صناديق الإقتراع، ولهذا تُشدّد على أولوية إجراء الإنتخابات في موعدها، أكان في 27 آذار أو في 8 أيّار المقبلين، لا فرق. فالهم أن تجري وألّا يتمّ تعطيلها من هذا الفريق السياسي أو ذلك لسبب أو لآخر.
وحذّرت الدول المانحة والمجموعة الدولية من القيام بأي أمر يؤدّي الى تعطيل الإنتخابات، لأنّها تعوّل على هذا الإستحقاق في المرحلة المقبلة، ملوّحة بورقة العقوبات مجدّداً على «المعطّلين». وذكرت بأنّها ستُلاحق الاموال المهرّبة لهؤلاء الى المصارف في دول الخارج، وسيتمّ التشهير بهم، ما يعني أنها ستحسم هذا الأمر فلا تبقى العقوبات ورقة غير مستخدمة في يدها، بل على العكس ستتخذ عقوبات صارمة لمنع المعطّلين من تنفيذ ما يريدونه.
كذلك فإنّ لبنان الذي سيعقد خلال الأسابيع المقبلة، إتفاقيات مع صندوق النقد الدولي وسواه، لن يحصل على أي مبلغ ولو صغيراً من الأموال الخارجية، على ما أكّدت المصادر نفسها، في حال لم تتمكّن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من إجراء الإنتخابات. فالضمانات الخارجية التي أُعطيت لميقاتي لدى تشكيل الحكومة، أتت نتيجة وعوده لها بأنّه سيُجري الإنتخابات النيابية والبلدية والإختيارية في مواعيدها، وبحسب ما ينصّ عليه القانون.
وتقول المصادر بأنّه في حال نجحت بعض المحاولات الداخلية لتعطيل الإنتخابات، فإنّ المجلس النيابي الحالي الذي تنتهي ولايته في أيّار من العام المقبل (2022)، لا يُمكنه انتخاب رئيس الجمهورية الجديد في تشرين الأول من العام نفسه. وعليه، سيُحاول التمديد لنفسه لسنة أو أكثر لكي يتمكّن من تمرير الإستحقاق الرئاسي، على غرار ما حصل في العام 2013 واستمر المجلس ذاته حتى العام 2018 حتى أجريت الإنتخابات وفقاً للقانون الإنتخابي رقم 44 الحالي. غير أنّ التمديد سيكون هذه المرّة مرفوضاً، على ما لفتت المصادر من قبل دول الخارج التي تضع الإنتخابات من ضمن الإصلاحات الأوّلية، كما من الشعب اللبناني الذي ينتظر استحقاق الإنتخابات لكي يُحاسب النوّاب الذين خذلوه لا سيما خلال العامين المنصرمين.
وتجد دول الخارج في هذا الأمر انهياراً للنظام في لبنان يكون مفتوحاً على كلّ الإحتمالات الخطيرة، في الوقت الذي تقدّم مساعدتها للبنان وللشعب اللبناني من أجل إحلال «عقد جديد» أو نظام جديد من خلال استحقاق الإنتخابات النيابية، إذ بإمكان الناخبين محاسبة النوّاب والأحزاب والكتل النيابية بطريقة ديموقراطية وحرّة. ولهذا تصرّ على إجراء هذا الإستحقاق لأن لا بديل عنه في المرحلة المقبلة.
وفيما يتعلّق بتحديد موعد الإنتخابات النيابية، أشارت المصادر الى أنّ هذا الأمر يدخل من ضمن صلاحيات وزير الداخلية والبلديات، ولا علاقة للنوّاب والوزراء به. فتحديد هذا الموعد يجري عادة من قبله ويتعلّق بجهوزية وزارته اللوجيستية والإدارية للإنتخابات، وذلك وفق مرسوم يُصدره الوزير المعني ويرفعه الى كلّ من رئيسي الجمهورية والحكومة للتوقيع عليه، كما يوقّع هو عليه الى جانب توقيعيهما. كذلك فإنّ دعوة الهيئات الناخبة تحصل من قبله وليس من أي طرف آخر.
وعن إمكانية أن تجري الإنتخابات في 15 أيّار المقبل، بدلاً من 27 آذار و8 أيّار كون أي من التاريخين لا يُعطي جميع الناخبين حقّهم في الإقتراع أو يوفّر لهم المناخ الجيّد للذهاب الى أقلام الإقتراع، قالت المصادر بأنّه أمر ممكن، في حال أراد النوّاب الإبتعاد عن آذار من جهة، وعن فترة الصوم من جهة ثانية. وهذا التاريخ يبعد عن الأمور التي يجدها كلّ فريق سياسي غير مؤاتية للإنتخاب.
وذكرت المصادر بأنّه حتى الآن لم يتمّ تعيين هيئة الإشراف على الإنتخابات التي تُعتبر ركناً أساسياً في مراقبة الإنتخابات الى جانب وزارتي الداخلية والخارجية اللتين تُشرفان على العملية الإنتخابية من ألفها الى يائها، في الداخل كما في دول الخارج، غير أن المصادر أكّدت أنّه يُمكن اعتماد الهيئة نفسها كونها لا تزال قائمة وموجودة. علماً أنّ القانون ينصّ على تعيينها بعد شهر من انتهاء الإنتخابات النيابية، وهذا لم يحصل بعد انتخابات الدورة الماضية.
وعن اقتراع اللبنانيين غير المقيمين، نقلت المصادر عينها عن دول الخارج أنّها تفضّل أن يختار هؤلاء نوّابهم في الداخل، سيما وأنّهم لن يحتاجوا للمقاعد الستّ المخصّصة للبنانيين غير المقيمين، كونهم يستفيدون من كلّ تقديمات الدول التي يقطنون ويعملون فيها. فيما نوّاب الداخل الذين يمثّلونهم في مناطقهم من شأنهم تلبية مطالبهم عندما يعودون الى بلادهم خلال فترة ولايتهم. وبرأيها، إنّ مقاعد المغتربين تحتاج الى نظام خاص، كون القانون الداخلي لا يُمكن تطبيقه على النوّاب المنتخبين خلال تواجدهم في القارّات الستّ في العالم.