IMLebanon

الجنوب: للائحة مُوحدة بين «الشيوعي» و«الناصري» ومُستقلين

 

«بسط سلطة الدولة القوية» من دون استهداف لسلاح «حزب الله»

 

إنها الانتخابات الأهم في تاريخ لبنان لناحية تحدي خرق القوى التغييرية للطبقة الحاكمة التي تسلمت السلطة منذ نشوء الكيان، تخوضها القوى المعارضة للمنظومة الحاكمة في مختلف الدوائر الانتخابية تحت مسميات متعددة سواء عبر جبهات او مجموعات او شخصيات حراكية او معارضة.

ولعل دوائر الجنوب هي الاكثر صعوبة على الحراكيين لناحية قوة هذا الخرق، وهي: صيدا وجزين، صور وقرى صيدا أو الزهراني، النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا. وطبعا النية تتجه لمواجهة ثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» استنادا على تغير المزاج الشعبي بعد 17 تشرين الاول 2019 وكل ما تمخض عن هذا التاريخ.

لكن الثنائي تمكن في الفترة الاخيرة من استعادة شرائح شعبية واسعة وفي انتظاره فترة اخرى من هذا الاستيعاب حتى الانتخابات عبر وسائل خدماتية وولائية، مع التسجيل أن من السابق لأوانه التحدث عن اية تحالفات سيقوم بها الحراك مع افرقاء في السلطة ومنهم «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» و«الحزب التقدمي الإشتراكي» في المناطق حيث التواجد المسيحي الوازن كما في قرى صيدا وصور ومرجعيون، والسني في صيدا ونسبيا في صور، والدرزي في حاصبيا.

لكن بنظرة الى النتائج الماضية، وان ليست مقياسا للمقبلة، فإن مهمة صعبة في انتظار قوى التغيير لفارق الاصوات الكبير بين عماد تحالف المعارضين، «الحزب الشيوعي» ومعه رياض الأسعد، والثنائي الذي يستند في الأساس الى قوى «حزب الله».

ثمة رفض لدى الحراكيين للتحالف مع أي من احزاب الحكم اليوم، ومنهم «التيار الوطني الحر» الذي كان اليسار قد تحالف معه علنا في الانتخابات الماضية، وان كان البعض يدعو، من دون قطع بالأمر، الى تحالف من تحت الطاولة مع مرشحين غير رسميين في التيار، ما يلقى معارضة في البيئة الكبرى للحراك. وطبعا الامر يسقط نفسه على «تيار المستقبل» و«الإشتراكي» وهما يعتبران جزءا لا يتجزأ من قوى السلطة ومعهم «القوات اللبنانية».

من هنا تبدو مهمة الحراكيين بالغة الصعوبة في الوقت الذي يفتقد فيه هؤلاء الى عناصر بالغة الأهمية في المعركة الانتخابية: الوحدة في الموقف ثم في اللوائح، التنظيم، المال ومكنة انتخابية قادرة، البرنامج والخطاب الذكي، القدرة الترويجية كما تقديم مرشحين مقنعين للرأي العام وسط زحمة على هذا الصعيد!

من الواضح ان رأي عام واسع يؤيد مطالب الحراك في طول البلاد وعرضها، لكن التأييد هو غيره خوض معركة لا سيما في دوائر كما في الجنوب.

فتلك التيارات الشعبية لم تتأطر جديا، ليس في الجنوب وحده بل في كل لبنان، ولم تقم تحالفاتها وتنقصها الخبرة، ولا تزال جبهاتها الموعودة دون الترجمة على أرض الواقع وهي تخشى حتى اعلان اسماء مرشحين، وان كان بعضها بات معلوما، خشية حرقها واستهدافها من قبل ماكينة اعلامية معادية لها.

على ان الحراكيين ومعهم ما يعرف بـ»قوى التغيير» يعملون على نار هادئة ويحضر هؤلاء لتحالف يجمع بين قوى تقليدية في المعارضة وأخرى مستجدة لتشكيل تحالف واسع بين «الشيوعي» و«التنظيم الشعبي الناصري» أي النائب أسامة سعد، ومستقلين وآخرين خارجين من قوى معارضة تقليديا للثنائي منهم من هو صاحب خلفية يسارية ومنهم من يعمل في الإطار المدني على الارض، حتى ان ناشطين اسلاميين يلتقون مع تلك القوى مثل منضوين في «الجماعة الاسلامية» وآخرين ضمن مجموعة الشيخ أحمد الأسير.

«لقاء صور» يجمع المُعترضين

هذا ما أدت اليه مساعي أخيرة جمعت تقليديي الحراك مثل «الشيوعي»، ومتطرفين ضد الثنائي، في «لقاء صور» الذي يضم فسيفساء سياسية وعقائدية وعائلات تقليدية معارضة تاريخا لحركة «امل» بالذات مثل آل الخليل اضافة الى يسار مثل «منتدى صور الثقافي» و«منظمة العمل الشيوعي»، في مشاركة «نبض الجنوب» (يخشى بعض الحراك ان تشكل لائحة تستنزفه اكثر مما تفيده)، وهي قوى ذات هدف مشترك لكن ينقصها التماسك والاستمرارية والوحدة حتى ما بعد اقفال صناديق الاقتراع.

يعد ذلك تطورا في مسار التحالفات في صور بعد ان وجه «متطرفون معارضون» اتهامات الى «الشيوعي» والحراك بمداراة «حزب الله» في موضوع السلاح الذي اتخذ وسيبقى نقاشات في العمق هي في الواقع نقاشات في الاصطلاح والاسلوب.

ذلك ان الحراكيين الذين نزلوا الى الشارع منذ الايام الاولى لـ 17 تشرين، اعلنوا صراحة ان الحزب هو جزء من المنظومة، لكنهم يوجهون الاتهام في الانهيار الى منظومة حكمت منذ 30 سنة. وهم يدعون الى حوار يتمخض عنه تسوية تتجلى في بسط سلطة الدولة القوية، وقد يكون ذلك في اطار استراتيجية دفاعية لا يعارضها «حزب الله» أصلاً.

بذلك تمكن الجزء الواسع من الحراك من ايجاد تخريجة لدعوات «حصرية السلاح» التي تصدر عن آخرين. وفي لقاءات عقدها حراكيون مع «كلنا إرادة»، تفهمت الأخيرة التي تريد تشكيل مظلة للوائح في كل لبنان، هذا الطرح وخصوصية حراك الجنوب معربة عن استعدادها للتوفيق بين اللوائح في حال تعددها من دون شروط مسبقة كما يؤكد الحراكيون.

في المجمل وصل الحراك والمعارضة الجنوبية الى هذا الحلف غير الرسمي بعد تعثر «مؤتمر الجنوب» وعدم الرغبة في احيائه نتيجة معارضة المجموعات التي لم تشترك فيه منذ البداية.

وفي هذه الاثناء، لم يُعرف حتى الآن موقف رياض الأسعد الذي كان تقليديا رافدا مهما للمعارضة في الجنوب، علما ان علاقته لم تكن يوما سيئة مع «حزب الله»، وهو اليوم لا يلقى حماسة من قبل الجو العام من الحراكيين مثلما أنه لم يطرح نفسه تنظيميا في إطارهم، ويتردد انه سيشكل لائحة برئاسته.