تكشف معلومات مستقاة من مصدر نيابي بارز، أن الأوضاع السياسية الداخلية ما زالت تدور في حلقة مفرغة، وبناءً عليها، فإن ما قيل عن عودة قريبة لمجلس الوزراء، أو حصول تقارب رئاسي، فذلك مجرّد تحليلات وتكهّنات مرتبطة باقتراب موعد الإستحقاقات الدستورية، وتحديداً الإنتخابات الرئاسية والنيابية، وذلك من شأنه أن يرفع من منسوب التصعيد، وليس التهدئة، على اعتبار أن هناك تباعداً بين الرئاستين الأولى والثانية، وعملية تصفية حسابات، وكل طرف ينتظر الآخر في هذه المعركة المقبلة، كما أن التحالفات والإصطفافات الإنتخابية ما زالت غير واضحة المعالم بعد، ما يؤكد استحالة أن تكون هناك عودة إلى مجلس الوزراء وحصول تقاطع مصالح، على اعتبار أن كل ما جرى صبّ في خانة التفتيش عن مخرج للأزمات المستعصية، الأمر الذي تفرضه المرحلة، وهذا لا يمكن إلا أن يكون عبر توافق رئاسي، وتسهيلات ودعم متبادل لتسوية كل الملفات العالقة.
ولكن، ووفق المعلومات المتداولة، هناك جلسة لمجلس الوزراء، وفي حال حصولها، ستصبّ في إطار إقرار بعض المشاريع والموافقة بالإجماع على المنح الإجتماعية والسلفات التي أشارت إليها اللجنة الوزراية، أو ما يُسمّى بـ»خلية الأزمة الوزارية»، وعليه، فإن الأمور ستنحصر في هذا الشقّ وليس في أي إطار آخر، لأن حجم التباعد والتباينات والخلافات أكبر مما يعتقده البعض، وبأنه وبمجرّد حصول لقاء أو خلوة ستُحلّ كل المسائل، فالجميع محشور ولديه أجندته الخاصة، ما دفع إلى عقد اللقاء الرئاسي الثلاثي، ولكن دون أي محصلة، وبالتالي، لن يكون أي لقاء آخر في المدى المنظور بعدما فرضت مناسبة الإستقلال حصوله، بحيث ثمة معلومات عن أسابيع ساخنة سياسياً وتحديداً على الصعيد القضائي والأزمة مع الخليج، وصولاً إلى معطيات عن استعدادات وتحركات للعودة إلى الشارع، إذ هناك أجواء عن لقاء قريب للإتحاد العمالي العام وسائر الإتحادات والقوى النقابية لاتخاذ خطوات تصعيدية، إضافة إلى عدم القبول بالتسوية التي أعلنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول المنح الإجتماعية، والتي تبعها ارتفاع للدولار وانهيار جنوني للعملة الوطنية، ما يعني أن هذه المؤشّرات ستبقي الوضع الحكومي هشّاً، والحكومة عاجزة عن معالجة القضايا المعيشية والحياتية، وهو ما سيؤدي إلى نتيجتين:
ـ أولاً عدم الإلتزام بالأجندات السابقة أكان مع مؤتمر «سيدر» إلى صندوق النقد الدولي وكل مؤتمرات الدول المانحة، أو إزاء العملية الإصلاحية المالية والإدارية.
ـ ثانياً، الأزمة الخليجية، والتي فاقمت من الوضع القائم وتحوّلت إلى صراع سياسي، ومن ثم تفاقم الأوضاع المعيشية والحياتية، وكل ذلك ولّد آثاراً سلبية على وحدة الحكومة التي تواجه كل هذه التراكمات، مما يؤكد استحالة الوصول إلى قواسم مشتركة، وبالتالي، فإن الحكومة ستبقى تواجه مطبّات وانقسامات وستستمر على هذه المسار حتى نهاية العهد الحالي قبل الوصول إلى إجراء الإنتخابات النيابية.
ويبقى، وفق هذه المؤشرات الراهنة، أن الأمور صعبة المنال على كافة الأصعدة، خصوصاً أمام الملفات السياسية الداخلية والإقليمية، بما في ذلك استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، والأمر عينه بالنسبة للوضع في المنطقة، خصوصاً وأنه ليس هناك من قواسم مشتركة، ولو بالحد الأدنى، لدى القوى المحلية حيال هذه الملفات، وبناءً عليه، تكون الحكومة أقرب إلى تصريف الأعمال وتعمل وفق الإمكانات المتاحة، وذلك، مع اقتراب الإنتخابات، حيث أن كل طرف يتفرّغ، ومنذ اليوم، لحملاته ربطاً بالإصطفافات السياسية التي ستحصل في المرحلة المقبلة.