Site icon IMLebanon

دول الخارج تسعى لإبقاء الوضع الاقتصادي مُنهاراً بهدف التحكّم بأصوات ناخبي الداخل

المجلس الدستوري قد يقبل الطعن المقدّم من « الوطني الحرّ» فتطير انتخابات المغتربين –

 

استمرّ ارتفاع سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء حتى وصل الى 25 ألف ليرة مقابل هبوط قيمة الليرة اللبنانية الى أدنى مستوياتها، الأمر الذي يؤدّي الى مضاعفة معاناة اللبنانيين الذين ما زالوا يقبضون بالعملة اللبنانية، ولا من يبالي. والأخطر في الأمر أنّ صندوق النقد الدولي الذي يودّ عقد اتفاقية مع الحكومة اللبنانية، التي لا تجتمع منذ أحداث الطيّونة في 14 تشرين الأول الفائت، لتأمين الأموال لها بهدف إنجاز الإصلاحات المطلوبة، يفرض عليها زيادة تعرفة الكهرباء وزيادة الضرائب وغير ذلك، وهذا يعني أنّ إذلال المواطنين اللبنانيين مرشّح للاستمرار خلال الأشهر المقبلة، أي حتى الانتخابات النيابية التي يُفترض أن تجري في ربيع العام المقبل، من دون أن تجد الحكومة حتى الآن أي حلول بعد لانتشاله منها. وهذا الوضع يجعل المراقبين يخشون من إمكان تأثير الأحزاب والماكينات الإنتخابية الناشطة، وحتى دول الخارج التي تحرّك مجموعات معارضة عديدة في الداخل والخارج، في أصوات الناخبين في صناديق الاقتراع، فيشدّ كلّ منها الحبل لمصلحته لكسب أكبر عدد ممكن منها.

 

أوساط ديبلوماسية مطّلعة أكّدت حرص دول الخارج على إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها، في الداخل والخارج بهدف تغيير المنظومة السياسية في البلاد. علماً بأنّ المجلس الدستوري الذي يدرس الطعن في التعديلات الأخيرة على القانون النافذ المفعول والمقدّم من قبل «التيّار الوطني الحرّ»، قد يوصي، بحسب المعلومات، بعدم إجراء إنتخابات اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية كون القانون رقم 44 الصادر عام 2017 ينصّ على أنّهم في الدورة المقبلة (أي في العام 2022) ينتخبون ستّة مقاعد مخصّصة لهم وليس الـ 128 نائباً الحاليين، وهذا يعني أنّه إذا قُبل الطعن ستطير انتخابات المغتربين التي يجري التحضير لها على قدمِ وساق.

 

وفي حال جرى فعلاً إلغاء انتخاب المغتربين رغم أنّه حقّ دستوري لهم، فإنّ هذا الأمر لن يؤثّر كثيراً في دول الخارج، التي لا تزال تنتظر العدد النهائي الذي سيكون مقبولاً من المسجّلين في القارّات الستّ في العالم والذين بلغ عددهم 244442 ناخباً. ففي الدورة الماضية رُفض نحو 10 آلاف طلب لعدم استيفاء المستندات القانونية، وهذا الأمر قد يتكرّر حالياً، وربّما بأعداد أكبر نسبة الى ارتفاع عدد المسجّلين عن العام 2018 الذي كان آنذاك 92810. كذلك فإنّ التسجيل، على ما لفتت الاوساط، لا يعني أنّ كلّ المسجّلين سيذهبون الى الاقتراع، فقد يبدل نصفهم رأيه في الساعة الأخيرة لسبب أو لاخر،فثمة عوامل عديدة قد تعيق العملية الانتخابية في عدة دول في الخارج، أبرزها عامل الطقس، وبُعد المسافات ما يتطلّب السفر لساعات من منطقة الى أخرى حيث قلم الإقتراع، وعدم توافر بالتالي أقلام الإقتراع في مختلف المناطق، لا سيما تلك التي يكون فيها عدد المسجّلين أقلّ من 200 ناخب، بحسب ما ينصّ عليه القانون.

 

ولهذا، فإنّ دول الخارج تنتظر معرفة العدد النهائي للمقبولين من ناخبي الخارج لتشجيعهم على الإقتراع للوائح المجموعات المعارضة، المدعومة بمعظمها من قبلها، والتي يُقال إنّها «مستقلّة». كما تعمل على ناخبي الداخل الذين يبلغ عددهم نحو 4 ملايين و200 ألف ناخب، بهدف تشجيع أكبر عدد منهم على الإقتراع، فإذا ما انتخب نصف هؤلاء يتخطّى عدد الناخبين في الإنتخابات المقبلة المليونين، وهذا الرقم يمكن التعويل عليه، إذا ما صبّ بغالبيته لمصلحة لوائح المعارضة. فقد انتخب في الدورة الماضية، على ما أضافت الأوساط نفسها مليون و870 ألف ناخب، وهذا العدد مرشّح لأن يكون أكبر خلال ربيع العام المقبل، نظراً لتفاقم نقمة الشعب على السياسيين الحاليين، والسياسات الخاطئة المتبعة من خلال الحكومات المتعاقبة.

 

وأكّدت الاوساط، أنّ بعض دول الخارج لا تريد أن تواصل الحكومة عقد جلساتها الوزارية، رغم أنّها لم تعقد سوى جلستين فقط، وإن كان رئيسها أتى بدعم خارجي وتحديداً بدعم فرنسي. فاجتماع الحكومة يعني أن تعمل وتُنتج وتقوم بحلّ المشاكل الحياتية واليومية للمواطنين، على ما عقّبت الأوساط، وتتفق مع صندوق النقد الدولي وتبدأ بتنفيذ الخطة الإقتصادية فيستعيد الوضع المنهار في لبنان عافيته خلال أشهر أي قبل الإنتخابات النيابية المقبلة. فهذه الدول ورغم حرصها على ضرورة إجراء هذه الإنتخابات، إلّا أنّها تودّ إبقاء الوضع الإقتصادي على ما هو عليه، حتى موعد الإنتخابات النيابية المقبلة، لكي تتمكّن من مساعدة شرائح عديدةة من الناخبين «المعوزين»، الذين بات عددهم كبيراً، مع الأسف، وذلك من خلال تأمين بعض احتياجاتهم اليومية من محروقات وأدوية وطبابة وتعليم وما الى ذلك، كما تسعى الى عدم إراحة المواطن اللبناني لكيلا يصبح «حرّاً ومتحرّراً» من أي قيود، بل على العكس تواصل تضييق الخناق عليه وليّ ذراعه لكي تتمكّن من «تحريك الناخبين» كما تشاء، وكسب اصواتهم من خلال حلّ بعض مشاكله وتقديم الخدمات الملحّة له. فالعوز والفقر والبطالة، هي عناصر أساسية لتحريك شرائح لبنانية عديدة، لا سيما في الداخل اللبناني.

 

كما لا تستغرب الأوساط عينها، غضّ نظر الولايات المتحدة عن «قانون قيصر» بشكل جزئي، من خلال اقتراح استجرار الغاز والطاقة من مصر والأردن الى لبنان عبر سوريا، لأنّ هدفها ليس التوصّل الى حلّ لمشكلة الكهرباء في البلاد، إنّما اتخذته سريعاً من أجل قطع الطريق على حزب الله الذي كان ينوي معالجة هذه المشكلة عن طريق البواخر الإيرانية المحمّلة بالمازوت والوقود، ما أرغم الولايات المتحدة على إظهار حسن نيّتها تجاه الحكومة اللبنانية.

 

وأشارت الاوساط الى أنّ الأحزاب الأكثر نشاطاً في دول الإغتراب هي الأحزاب المسيحية أكثر من المسلمة، وهذا الأمر تعرفه دول الخارج، وخصوصاً أنّ حزب الله لا يمكنه أن ينشط في دول عديدة، لا سيما تلك التي تُصنّفه على لائحة «المنظمات الإرهابية»، ولهذا فإنّ التنافس سيكون بين هذه الأحزاب ولوائح المعارضة والمجتمع المدني، في الوقت الذي تسعى فيه الى الحدّ من المشاركة السياسية للحزب على الساحة اللبنانية، وهذا الأمر يصعب عليها تحقيقه في الداخل.

 

وبرأي الاوساط، إنّ تعليق عمل الحكومة الحالية ليس سببه اصطدامها بقضية القاضي طارق بيطار، إنّما لأنّ ثمّة قرارا دوليا بتجميد عملها، الى حين إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها التي تمنّي النفس بأنّها ستُحقّق التغيير السياسي المطلوب. وفي الوقت نفسه، تتخوّف من عدم حصولها لسبب ما، أو لحصول تفجير ما في الشارع، كون تمرير هذا الإستحقاق يؤثّر في مخططاتها وأجندتها، كما من شأنه أن يؤدّي الى نشوب حرب جديدة.