Site icon IMLebanon

«الثنائي الشيعي» أجرى الانتخابات و«خُلِص»!

 

 

يؤكّد الرؤساء والقوى السياسية في لبنان، أنّ الانتخابات النيابية المقبلة ستُجرى في موعدها، وسط إصرار دولي على حصولها دون أي تأخير، وقد بدأت الوفود الغربية المعنية بهذا الاستحقاق زياراتها لبيروت ومعاينتها عن كثب التحضيرات لهذا الموعد الدستوري. لكن على الرغم من الخط الأحمر الخارجي على «تطيير» الانتخابات أو تأجيلها، تتوجّس جهات معارضة من محاولة التمديد لمجلس النواب أو تأجيل الانتخابات تحت ذرائع عدة، مثلما «طُيِّرت» الانتخابات الفرعية بحجة «كورونا»، وذلك انطلاقاً من مصالح متقاطعة بين قوى رئيسية تشكّل مجلس النواب الحالي، على التأجيل والتمديد.

أكّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في مقابلة صحافية في الثلاثين من تشرين الثاني الفائت، أنّ «حزب الله» وحليفه «التيار الوطني الحر»، الذي يتزعمه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، سيعملان على تأجيل الانتخابات أو تعطيلها، لأنّهما شبه متأكّدين من أنّهما سيخسران الأكثرية النيابية التي بحوزتهما». الردّ من «حزب الله» على جعجع أتى سريعاً على لسان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب إبراهيم الموسوي، الذي أكّد أنّ «موقف «حزب الله «من ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية المقرّرة واضحٌ ومعلنٌ ‏وثابتٌ، لا يخالطه أيُّ شكّ. وبالتالي، فإنَّ أيَّ كلامٍ تشكيكيٍ واتهاميٍ على هذا الصعيد، دافعُه الكذب والإفتراء ‏والتّضليل، وهدفه التجييش والتحريض وشدُّ العصب الانتخابي».

 

هذا في حين أنّ «الحزب» كان استبق نتائج الانتخابات، مؤكّداً معادلة التوافق الوطني. وأنّ أي غالبية نيابية لا يُمكنها أن تحكم الّا بالتوافق مع الآخرين. في حين يعتبر «الثنائي الشيعي» أنّ «غالبية أصوات الشيعة» في جيبه. فإلى أي معطيات استند جعجع ليبني موقفه هذا؟

 

توضح مصادر معراب، أن «ليس مهماً أن يحسم «حزب الله» أصوات الشيعة، فقد يكون الأمر محسوماً من هذه الزاوية، لكن أمامه إشكاليتين:

 

– الأولى، الأكثرية، وهل الانتخابات النيابية ستنتج أكثرية تخوّله أن يبقى متحكّماً بالقرار السياسي الحكومي والرئاسي أم لا؟ والإجابة البديهية عن هذا السؤال في ظلّ الانهيار القائم في البلد، أنّه لن يتمكّن من انتزاع الأكثرية مجدداً، وسط تحميله جزءاً كبيراً من مسؤولية الانهيار بفعل سلاحه ودوره المعطّل لقيام الدولة والمساهم في عزل لبنان عن محيطه وتغطيته للقوى السياسية التي تدير الدولة بطريقة سيئة انطلاقاً من مصلحته معها، لكي توفّر له الغطاء السياسي الذي يحتاج إليه، فهناك وضع متبدّل في المرحلة الراهنة، لجهة الحالة العونية المتراجعة، ووضعية «الحزب» التحالفية والانتخابية، إضافةً الى تركيبة 8 آذار، والمشروع السياسي الذي وصل الى ما وصل إليه. فكلّ هذه المعطيات تؤكّد أنّ الأكثرية لن تكون بمتناول «الحزب» هذه المرة. ومجرّد أن يقول رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد إنّ البلد قائم على الديموقراطية التوافقية، وبالتالي يجب العودة الى حكومات الوحدة الوطنية، وأن يستبق نتيجة الانتخابات، فهذا يعني أنّ «الحزب» متوجّس من خسارة حتمية. كذلك إنّ «حزب الله» يريد أن يستبق نتيجة حتمية حصلت في العراق، حيث خسر الانتخابات. فلماذا سيذهب الى انتخابات في لبنان سيخسر الأكثرية الناتجة منها؟

 

– الإشكالية الثانية، إنّ حليف «الحزب» المسيحي لن يحافظ على أكثريته وتقدُّمه داخل البيئة المسيحية، لأنّ وضعية «التيار الوطني الحر» في عام 2018 تختلف كثيراً عن وضعيته في عام 2022. ففي عام 2018 كان في عزّ صعوده، وجميع الشخصيات السياسية المستقلّة تسعى الى التحالف معه، نظراً الى أنّه قوة صاعدة يوفّر لها خدماتها ويؤمّن لها وضعيتها السياسية. أمّا الآن، فأي شخصية مستقلة ليس لديها مصلحة أن تكون الى جانبه. فإضافةً الى أنّ العهد يشارف على نهايته ونهاية العهد غير بدايته، باتت الصورة لأي شخصية مستقلّة الى جانب هذا الفريق مضرّة ولا تنفعها، وبالتالي مصلحتها الابتعاد من هذا الخيار والاتجاه، فضلاً عن أنّ شعبية «التيار» متراجعة وقد خسر رأي عام مسيحياً كبيراً، وبالتالي إنّ «حزب الله» في مأزومية على مستوى حليفه المسيحي».

 

في المقابل، يرى البعض أنّ «حزب الله» يعي تماماً أنّ «تطيير» الانتخابات يعني دفع البلد الى فوضى لا يريدها، فهو لو كان يريدها لاستغلّ حادثة الطيونة وأدخل البلد في «ميني حرب». إلّا أنّ مصادر «القوات» تقول: «قد يكون «الحزب» لا يريد الفوضى لأنّه ممسك بالدولة وهي تؤمّن له الغطاء ولا مصلحة له أن يتراجع وينكفئ الى مربّعه الشيعي، لكنه الآن، وفي وقتٍ أنّ الحكومة صمام أمان لفرملة الانهيار والحفاظ على الاستقرار، ذهب في اتجاه تعطيلها بسبب التحقيق في جريمة المرفأ، وبالتالي عندما يكون هناك مصلحة مباشرة لـ»الحزب» هو لا يفكر بحسابات وأمور ثانية، بل يذهب مباشرةً الى طريقة الحفاظ على وضعيته، وهذا ينطبق على الانتخابات، فإذا وجد أنّها تتعارض مع مصلحته المباشرة، فلا شيء يجعله يحافظ عليها».

 

من جهتها، ترى جهات معارضة أنّ هناك قوتين أساسيتين لديها مصلحة بالتمديد:

 

– «الثنائي الشيعي» لكي يتمكن من الحفاظ على «الستاتيكو» من دون أي مفاجآت سياسية، في مرحلة مرتبطة بمفاوضات إقليمية ودولية، وربما تكون المنطقة تجري هندستها، وبالتالي لا مصلحة لديه لأن يكشف أوراقه في هذه المرحلة، ولديه مصلحة للتمديد لمجلس النواب لسنة الى حين تبيان نتائج مفاوضات فيينا التي لن تظهر مؤشراتها قبل أشهر، ولديه مصلحة أن يكون في موقع المتفرّج وليس أن يحصل تبدّل سياسي في لبنان.

 

– الثاني، عون، الذي حدّد العنصر الأساس في الانتخابات الرئاسية لجهة أن يكون الرئيس الأكثر تمثيلاً على المستوى المسيحي، وهو لن يخسر هذه الورقة التي تشكّل صمام أمان له لكي يتمسك برئاسة الجمهورية، كذلك يعتبر أنّ رئيس «التيار الوطني» النائب جبران باسيل مرشح طبيعي، وبالتالي إنّ الانتخابات النيابية ستخسره أكثرية مسيحية تخوّله أن يكون موجوداً في هذا الموقع.

 

وترى هذه الجهات، أنّ قوة سياسية أخرى وضعها بات «متضعضعاً» قد تجاريهما فيتأمّن التمديد للمجلس من داخله.

 

إلّا أنّ رئيس الجمهورية يؤكّد علناً ولجميع زواره، أنّ الانتخابات ستُجرى في الربيع المقبل. من جهتها تقول مصادر قريبة من «الثنائي الشيعي»: «هناك إرادة دولية وداخلية لإجراء الانتخابات، وأحد لا يجرؤ على تعطيلها». وتؤكّد أنّ «حزب الله» ليس خائفاً من الانتخابات، فـ»الحزب» أجرى الانتخابات و»خُلِص»، بالمازوت الإيراني و»الأكل والشرب» وكلّ الأساسيات، ووقوفه الى جانب بيئته ومن هُم أبعد من جمهوره ومناطقه». وتجزم هذه المصادر، في أنّ «لا خوف من الانتخابات لا لدى حركة «أمل» ولا «حزب الله»، مشيرةً على سبيل المثال، الى أنّ «الأكثرية العُظمى من المغتربين الشيعة الذين تسجّلوا للإقتراع ستكون أصواتهم للثنائي».