الأحزاب لم «تزيّت» ماكيناتها …وارباك تحالفات وترشيحات
تراجع عدد المغتربين المسجّلين لإنتخابات العام ٢٠٢٢ من ٢٤٤،٤٤٢ الى ٢٣٠ ألف مغترب، بسبب عملية التنقيح لفصل المتوفين والمحكومين، وعدم اكتمال الملفات المقدمة الى السفارات اللبنانية في الخارج، هذا الرقم مؤشر لشيء ما مؤكد، فاقبال المغتربين على التسجيل، سجّل رقما متقدما بثلاثة أضعاف تقريبا عن انتخابات عام ٢٠١٨، ويعكس بالحد الأدنى رغبة اللبنانيين في الاغتراب وحماسهم للمشاركة في الاستحقاق لأهداف معينة.
العدد المسجّل كما يقول الناشطون في «ثورة ١٧ تشرين» يأتي نتيجة تضافر عوامل عديدة، حيث ركزت قوى المعارضة في الأشهر الأخيرة جزءا من عملها لتشجيع المغتربين على التسجيل، خصوصا الفئة التي غادرت لبنان في السنتين الأخيرتين لاعتقاد ان جزءا من اقتراع المغتربين سيكون انتقاميا من الطبقة السياسية التي ساهمت في دفعهم الى الهجرة.
جداول توزع المغتربين في دول الانتشار يعطي فكرة عن حماسة دوائر معينة لانتخاب الاغتراب وتوجهات التصويت، اذ يطغى عدد المسجّلين المسيحيين على المسلمين، فيما يتساوى المغتربون السنة والشيعة المسجّلون للانتخابات، اما المفارقة البارزة فتتمثل بإقبال البيروتيين والمسجّلين على لوائح اغتراب جبل لبنان، مقابل تراجع العدد في البقاع والجنوب.
وصل عدد المسجّلين الى ٣٦٧٦٦ في بيروت و١٣٩١١ في المتن و ١٣٤٩١ في بعبدا و٧٢٩٠ في كسروان، مقابل ٢٥٠٩ في حاصبيا و٦٦٣ في الهرمل ، النسب «معبّرة» عن توجهات وحماسة لدى الناخب المسيحي بدرجة أولى.
الأرقام وطوائف المغتربين تتحدث عن نفسها، فتصويت ٢٣٠ ألف مغترب سيؤدي الى فارق أساسي في الانتخابات، ويخلق حالة توازن مع صوت المقيمين في لبنان.
عام ٢٠١٨ اقترع نصف المسجّلين تقريبا في الخارج، ومن المتوقع في الانتخابات المقبلة ان يصوّت ٨٠ في المئة من المسجّلين تأثراً بالحالة السياسية بعد ١٧ تشرين والانهيار الاقتصادي، مما يعني ان تصويت المغتربين مسألة حيوية يمكنها ان تؤثر في المقاييس، وان كان مفعولها القوي سيكون في الدوائر المسيحية.
فهل يشكل الاغتراب خوفا حقيقيا على أحزاب السلطة؟ يؤكد سياسي مخضرم في الانتخابات ان التهويل بالصوت الاغترابي والمجتمع المدني ليس بالضرورة مجديا، وقد ثبت ان نصف المسجّلين فقط اقترعوا في انتخابات ٢٠١٨ ، وبالتالي لا يجب الذهاب بعيدا في الأوهام الانتخابية، ويكفي الركون الى فشل المجموعات المعارضة في تحقيق خروقات في انتخابات الأطباء والصيادلة والمحامين بسبب الانقسامات وتشتت أصواتها، حيث قد يتكرر السيناريو في الانتخابات النيابية.
بالمقابل، فان تطيير الانتخابات قائم بقوة ومطروح في الصالونات السياسية، يضيف السياسي المخضرم، استنادا الى عوامل كثيرة، فليس مستبعدا ان تدخل البلاد في مدارات أمنية خطرة، فالبلد مكشوف على كل الاحتمالات، كما ان لا أحد يضمن الا يحدث انتشار مخيف لكورونا يشل الحركة، وقد يكون سببا في عدم توجه الموظفين الى اقلام الاقتراع ربطا بالانهيار وعدم توافر العوامل اللوجستية لاجراء الانتخابات في غياب الكهرباء و»الإنترنت».
عوامل كثيرة قد تدخل على خط إلغاء الانتخابات، بحسب المصدر، فهناك أولا نتيجة الطعن المقدم من قبل تكتل لبنان القوي الذي، ان تم قبوله، يحد من تأثيرات القوى الاغترابية ويحصر انتخاب المغتربين بستة نواب، عدا ذلك فان كل القوى لم تحسم وضعيتها، ف «تيار المستقبل» متردد وفي حالة ضياع، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي مرتبك سياسيا وانتخابيا، والتيار الوطني الحر مهدد بمقاعده في عمقه المسيحي في جبل لبنان والشمال وأرقام الاحصاءات لا تصب لمصلحته، فيما الثنائي الشيعي يتنظر إشارات فيينا ومنهمك بمشاكل الداخل وان كان لا يتأثر بالانتخابات داخل بيئته المحصنة.
ويؤكد رئيس حزب سياسي كبير ان هناك حالة ضياع كبيرة لدى الجميع، فلا الماكينات الانتخابية المفترض ان تعمل عادة قبل شهور من موعد الانتخابات «زيّتت» ، ولا أحد من القوى والأحزاب صاغ او حسم تحالفاته، فعن أي انتخابات تتحدثون؟